أظهرت دراسة جديدة أن الحفاظ على رطوبة الجسم كما ينبغي يبطئ عجلة الشيخوخة ويخفض إلى النصف خطر الوفاة في سن مبكرة.
فالبالغون الذين يقومون بشرب حوالى ليترين من الماء يومياً هم معرضون بشكل أقل للإصابة بالأمراض التي تهدد الحياة، من قبيل أمراض القلب والرئتين. كذلك هم يعيشون لفترة أطول مقارنة مع الأشخاص الذين لا يحصلون على كميات كافية من السوائل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تستند النتائج المذكورة إلى 11 ألفاً و255 شخصاً تتبعهم الدراسة طوال 30 عاماً التي قادت لاحقاً إلى إجراء برنامج فحوص للمرضى المسنين [في حال بقائهم على قيد الحياة].
تذكيراً، تنصح التوصية المعروفة بـ"قاعدة8x8 " [أي ثمانية أكواب من الماء سعة الواحدة منها 8 أونصات] يومياً، بشرب ثمانية أكواب تحتوي الواحدة منها على 240 مليليتراً يومياً، نحو ليترين، من دون احتساب أي مشروبات أخرى.
في العادة، ينصح الركاب بحمل زجاجات المياه معهم في مترو أنفاق لندن، كذلك يجلب الأولاد عبوات المياه معهم إلى المدرسة. كذلك، قلما تقام اجتماعات داخل المكاتب من دون أن يتوسط الطاولة إبريق ضخم من الماء.
تطرقت إلى الدراسة الدكتورة ناتاليا ديميتريفا، الباحثة المشاركة من "المعهد القومي للقلب والرئة والدم" (NHLBI) في ولاية ماريلاند، فقالت إن "النتائج تشير إلى أن الترطيب المناسب للجسم قد يبطئ الشيخوخة ويطيل العمر لسنوات إضافية خالية من الأمراض".
حلل فريقها بيانات من دراسة بعنوان "إريك"ARIC (مخاطر تصلب الشرايين في المجتمعات) شملت أشخاصاً من مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
تبين بعد تحليل عينات الدم أن الأشخاص الذين حملت دماؤهم كميات عالية من الصوديوم، علماً أنها ترتفع مع انخفاض تناول السوائل، كانوا أكثر عرضة لمواجهة حالات صحية مزمنة وشيخوخة بيولوجية متقدمة. كذلك كانوا أكثر عرضة للوفاة في سن أصغر مقارنة مع نظرائهم الذين كانت كميات الصوديوم لديهم عند المستوى المتوسط.
درس الباحثون المعلومات التي قدمها المشاركون خلال خمس زيارات طبية، أول زيارتين عندما كانوا في الخمسينيات من العمر والأخيرة عندما تراوحت أعمارهم بين 70 و90 عاماً.
في مرحلة لاحقة، قاس الباحثون معدل الشيخوخة البيولوجية لدى المشاركين مع الأخذ في الاعتبار 15 مؤشراً، من بينها مستويات ضغط الدم والكوليسترول والغلوكوز.
ومعلوم أن تلك المؤشرات تدلل على مدى صحة القلب والأوعية الدموية، والجهاز التنفسي، وعملية الأيض أو التمثيل الغذائي، والكلى، والجهاز المناعي.
كذلك تفحص الباحثون عوامل أخرى لدى المشاركين من بينها العمر، والعرق، والجنس، وتاريخ التدخين، وارتفاع ضغط الدم.
في النتائج تبين أن البالغين الذين حملوا مستويات أعلى من الصوديوم لكن ضمن النطاق الطبيعي، المعروف أنه ما بين 135 و146 مل مكافئ لكل ليتر، كانوا أكثر عرضة لظهور علامات تدل على تراجع صحتهم.
استند ذلك إلى مؤشرات عدة من بينها عملية التمثيل الغذائي، وصحة القلب والأوعية الدموية، ووظيفة الرئتين والإصابة بالالتهاب.
مثلاً، المشاركون الذين سجلوا مستويات أعلى من 144 مل مكافئ لكل ليتر كانوا أكثر عرضة بنسبة 50 في المئة لأن يصبحوا بعمر بيولوجي يفوق عمرهم الزمني.
قارن الباحثون بين تلك المستويات ومستويات تتراوح بين 137 و142 مل مكافئ لكل ليتر. في النتيجة، ارتبطت المعدلات التي بلغت نحو 143 مل مكافئ لكل ليتر بارتفاع المخاطر بنسبة تصل إلى 15 في المئة.
كذلك ارتفعت نسبة الحالات الصحية المزمنة بنسبة تصل إلى الثلثين (64 في المئة) في صفوف المشاركين الذين تخطت مستويات الصوديوم لديهم 142 مل مكافئ لكل ليتر.
واشتملت تلك الحالات الصحية على قصور القلب، والسكتة الدماغية، والرجفان الأذيني، وأمراض الشرايين الطرفية، وأمراض الرئتين، والسكري، والخرف. في المقابل، واجه المشاركون الآخرون الذين تراوحت مستويات الصوديوم لديهم بين 138 و140 مل مكافئ لكل ليتر، خطراً أقل للإصابة بهذه الأمراض.
في الواقع، تعد التجارب الخاضعة للمراقبة ضرورية لتحديد ما إذا كان ترطيب الجسم على نحو جيد يعزز التمتع بالصحة الجيدة في مرحلة الشيخوخة، ويصد الأمراض ويقود إلى حياة أطول. ولكن في مقدور المؤسسات مد الأطباء والممرضين وغيرهم من الخبراء في مجال الصحة بالمعلومات اللازمة.
وفق الدكتورة دميتريفا، "سيكون تقييم شرب السوائل مفيداً بالنسبة إلى الأشخاص الذين يبلغ مستوى الصوديوم في دمائهم 142 مل مكافئ لكل ليتر أو أكثر".
في الحقيقة، باستطاعة الجميع الزيادة من شرب السوائل بأمان كي يستوفوا المستويات الموصى بها، وذلك من طريق استهلاك الماء أو سوائل أخرى كالعصائر أو الخضر والفواكه التي تحتوي على نسبة عالية من الماء.
مثلاً، تشير "الأكاديميات الوطنية للطب" إلى أن على النساء أن يستهلكن حوالى ستة إلى تسعة أكواب (ما يعادل 1.5 إلى 2.2 ليتر) من السوائل يومياً، والرجال بين 8 و 12 كوباً (اثنين إلى ثلاثة ليترات). وربما يحتاج بعضهم الآخر إلى إرشادات طبية أخرى بحسب الحالات الصحية المزمنة التي يعانونها أصلاً.
وفي هذا الشأن أيضاً تحدث الباحث المشارك في الدراسة الدكتور مانفريد بوم، مدير "مختبر الطب التجديدي للقلب والأوعية الدموية" في "المعهد القومي للقلب والرئة والدم"، فقال إن الغاية هنا الحرص على أن يشرب المرضى سوائل كافية، مع تقييم العوامل، مثل الأدوية، التي قد تؤدي إلى فقدان السوائل.
وأضاف: "ربما على الأطباء أيضاً أن يضعوا جانباً خطة علاجية معتمدة حالياً، مثل الحد من تناول السوائل في حالات قصور القلب". ولا ننسى أن حوالي نصف الأشخاص حول العالم لا يلتزمون بالتوصيات المتعلقة بإجمالي كمية المياه المطلوبة يومياً، التي غالباً ما تبدأ بستة أكواب (1.5 ليتر).
وبحسب الدكتورة دميترييفا، "عالمياً، يمكن أن تترك هذه الحقيقة تأثيراً كبيراً، ذلك أن تراجع محتوى الماء في الجسم يعتبر العامل الأكثر شيوعاً الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الصوديوم في الدم".
يبقى أن الدراسة التي نشرت في مجلة "إي بيوميدسين" eBioMedicine، تتوسع في بحث كان نشره عدد من العلماء في مارس (آذار) الماضي، ووجد علاقة بين مستويات الصوديوم العالية في الدم والإصابة بقصور في القلب.