صبيحة أول يوم من العام الجديد يتجمع على شواطئ سواحل تونس من يرغب في خوض تحدي الغطس في المياه الباردة في يوم شتوي. "ِغطسة رأس السنة" هي عادة دأب عليها التونسيون في المناطق الساحلية لاستقبال السنة الجديدة بتجربة إلقاء أنفسهم في المياه الباردة، وقبل الارتماء بين أحضان أمواج البحر وعلى أنغام الموسيقى الصاخبة التي تملأ أرجاء المكان يقوم المشاركون بتمارين إحماء لحماية أجسادهم من كل المخاطر المحتملة من جراء السباحة في مثل هذه الظروف الاستثنائية. وما زاد الإقبال على السباحة في مدن تونسية عدة، هو الارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة في مثل هذه الفترة من العام، إذ بعثت أشعة الشمس بحرارتها في الأجسام المرتجفة بعد تحدي الغطس.
بعث الحرارة في الجسم
وشكلت شواطئ مدينة نابل السياحية (شمال شرقي تونس) وجهة عدد كبير من الناس من مختلف الأعمار والشرائح، الذين اقتنصوا فرصة العطلة الشتوية للسباحة، بخاصة من يعانون أمراض آلام المفاصل، فبحسب مختصين فإن السباحة في المياه الباردة تساعد بخاصة كبار السن ممن يعانون أمراض المفاصل في مقاومتها. ولم يكتف أهالي نابل بالسباحة بل أقبلوا على تناول أكلات ساخنة لبعث الحرارة في الأجسام الباردة، فحضرت الأكلة الشعبية الأولى لمقاومة البرد في تونس "اللبلابي"، وهي عبارة عن حمص تضاف إليه مكونات عدة كزيت الزيتون والكمون والهريسة الحارة والبيض.
ويقول فريد داود، وهو مدرب رياضة وأحد سكان حي شعبان الفهري بمدينة نابل، إنهم دأبوا منذ سنوات على تنظيم هذا النشاط مع ثلة من الجمعيات الرياضية، كنوع من الاحتفال بالسنة الجديدة. وتابع داود "أنا أول من افتتح العام الجديد بالسباحة وذلك عند منتصف الليل"، مشيراً إلى متعة السباحة في الشتاء التي يمارسها منذ الصغر مع عائلته وأصدقائه ومعدداً منافعها الصحية. وتحدث عن عشقه للبحر الذي يعتبره "المتنفس الوحيد" لأهالي المنطقة، لافتاً إلى أن علاقتهم بالبحر "علاقة تماهي" فهو المكان الأفضل لهم في كل احتفالاتهم وتظاهراتهم.
أما بخصوص تقنيات السباحة في المياه الباردة، فشدد داود على ضرورة ممارسة حركات الإحماء قبل ولوج البحر، لأنها تحمي الجسم من الصدمات التي تنتج من التعرض لدرجات الحرارة الباردة.
من جانبها خاضت السيدة منيرة مع أفراد عائلتها تجربة السباحة في الشتاء، وقالت "لم أكن اتوقع أن أسبح في الشتاء. حقيقة هي تجربة رائعة برفقة العائلة والأصدقاء وهذا ما جعلنا نتنقل من مدينة القيروان الداخلية من أجل هذا التحدي في أول يوم من السنة الجديدة". وأضافت منيرة أن المشاركة في مثل هذه النشاطات "تمنحنا شعوراً مختلفاً وطاقة إيجابية نستمدها من برودة المياه".
وعبرت عن اعتقادها بأن "افتتاح السنة الجديدة بالسباحة فأل خير فالماء هو رمز الحياة".
عادة جديدة
وأصبح الاحتفال برأس السنة بهذه الطريقة عادة جديدة في تونس منذ سبع سنوات، بينما يشار إلى أن عديداً من البلدان الإسكندنافية تمارس السباحة في المياه المتجمدة لاستقبال العام الجديد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعماً لهذه العادة خلال اليوم الأول من السنة، وتحت رعاية جمعية "الرياضة للجميع" استقبلت شواطئ تونس في محافظات عدة آلافاً من محبي السباحة أو الراغبين في تجربة إحساس مختلف بإلقاء أجسامهم في المياه الباردة.
في هذا الصدد يقول رئيس جمعية "الرياضة للجميع" جلال تقية إن "هذا النشاط صار من التظاهرات التي تعرف إقبالاً كبيراً من التونسيين وحتى السياح، بخاصة من البلدان المجاورة كالجزائر وليبيا وبعض السياح الأوروبيين". ويصف تقية أجواء السباحة في شواطئ بنزرت الخلابة ورمالها الذهبية بالممتعة والمشجعة على مواصلة هذا النشاط السنوي وتطويره.
وبحسب تقية "لم تعد المشاركة في السباحة خلال فصل الشتاء مقتصرة على المحترفين بل أصبحت تظاهرة تستقبل الجميع لقضاء وقت ممتع والاحتفال بطريقة مختلفة بالسنة الجديدة". وأضاف أن "ممارسة السباحة في الشتاء أصبحت نشاطاً يعتمده بعض الرياضيين بخاصة من يمارسون المشي على رمال البحر ثم ختام نشاطهم بالسباحة في مياه البحر الباردة".