استدعت محكمة عراقية اليوم الأربعاء وزير العدل الحالي خالد شواني ومدير التصاريح الأمنية في الوزارة على خلفية "تعطيل" تحقيق في قضية فساد محتملة، متعلقة بتوفير الطعام للسجون، بعد "امتناعهما" عن توفير مستندات، بينما نظم عشرات العراقيين وقفة احتجاجية أمام البنك المركزي لمطالبة الحكومة بالتدخل من أجل تنظيم سعر صرف الدينار أمام الدولار.
شبهات فساد
وكانت "هيئة النزاهة الاتحادية الحكومية" المختصة بالتحقيق في قضايا الفساد، قد فتحت مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تحقيقاً "عن المعلومات الخاصة بشبهات فساد في ملف إطعام السجناء"، و"ورداءة الأطعمة المقدمة" وبشأن الكميات غير الكافية التي يجري تزويدها على رغم دفع المستحقات المالية، كما ورد في بيانات رسمية.
وأفاد بيان هيئة النزاهة عن "صدور أمر استقدام بحق وزير العدل الحالي ومدير التصاريح الأمنية في الوزارة" من قبل محكمة مختصة في قضايا الفساد، وذلك "لاستغلالهما سلطة وظيفتيهما" ولامتناعهما عن "تزويد فريق هيئة النزاهة بالمستندات المطلوبة".
وكان رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون قد قال في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء، إن تلك المستندات المطلوبة "تدين متهمين"، متهماً الوزير بـ"استخدام سلطته في تعطيل عمل هيئة النزاهة".
وإثر جولة ميدانية أجراها الثلاثاء في أحد السجون، أعلن وزير العدل خالد شواني "تشكيل لجنة برئاسة وكيل الوزارة الأقدم، لمتابعة ومراقبة عمليات التوزيع، ومنع أي شبهات فساد في الشراء والتوزيع"، وفق بيان.
وأكد الوزير أنه "يتابع بشكل يومي ملف الحوانيت والإطعام لحماية النزلاء من الابتزاز وتنفيذاً لتوجهات الوزارة والحكومة في حماية حقوق الإنسان ومن بينهم النزلاء"، فيما منع بيع مواد للنزلاء "تقع ضمن القائمة التي تجهزها وزارة العدل".
وقال كذلك إن "تقارير الجهات الرقابية التي ترد الوزارة تشير إلى عدم تجهيز الشركات المجهزة للسجون" المواد "بشكل كامل على رغم دفع استحقاقاتها المالية للسنوات السابقة".
وعلى رغم الشكوى العامة من استشراء الفساد في كل مؤسسات الدولة في العراق، إلا أن المحاكمات التي تحصل في هذه القضايا قليلة، وإن حصلت فهي تستهدف مسؤولين صغاراً.
وجعلت الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني من مكافحة الفساد إحدى أولوياتها.
وشكل إعلان سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب في خريف 2022، واحدة من أكبر فضائح الفساد العديدة التي تهز البلاد.
وقالت جينين هينيس - بلاسخارت، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، في رسالة لها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إن "الفساد المستشري والممنهج يعد أحد أكبر التحديات التي تواجه العراق"، مشيرة إلى أن "كلفته الاقتصادية وتأثيره السلبي في الاستقرار والازدهار هائلان". وأضافت أن الفساد "يحرم المواطنين من حقوقهم، ويثبط الاستثمار الدولي، ويسلب من الدولة الموارد اللازمة لتزويد مواطنيها بمدارس ومستشفيات وطرق أفضل، وخدمات عامة أخرى لا حصر لها".
وقفة احتجاجية
في غضون ذلك نظم عشرات العراقيين وقفة احتجاجية أمام البنك المركزي اليوم الأربعاء لمطالبة الحكومة بالتدخل من أجل تنظيم سعر صرف الدينار أمام الدولار.
وارتفع سعر الصرف في السوق السوداء لمستوى قياسي بلغ 158 ألف دينار لكل 100 دولار، فيما أبقت السلطات على سعر الصرف في البنك المركزي عند 146 ألف دينار لكل 100 دولار.
وقال المتظاهر محمد المنصوري "منذ انطلاق ثورة تشرين العظيمة قلنا كلا للطبقة السياسية الفاسدة التي ما جنينا منها إلا الشؤم والخراب والقتل وسفك الدماء، اليوم اقتطعنا جزءاً من مطلبنا هذا وهو خفض سعر الدولار، حيث إن ارتفاع سعر الدولار أضر بالمواطن العراقي وأضر بشريحة الفقراء، وبحسب إحصاء وزارة العمل الجدلية (وزارة العمل والشؤون الاجتماعية) إن نسبة البطالة تخطت 42 في المئة في العراق، هذه الشريحة تأذت وخدشت بسبب ارتفاع سعر الدولار".
وتسببت تقلبات الأسعار وانخفاض قيمة العملة بحدوث موجات من التضخم ضربت السوق بشدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نار الغلاء
وذكر عبد الله جبر، وهو صاحب متجر، أن "صعود الدولار أثر، عمل شلل بالسوق، يعني السوق ما فيه حركة إقبال من المواطنين، ماكو حركة، يجي المتبضع (المواطن) للسوق يجد الأسعار مفاجأة، الأسعار غالية يوماً عن يوم، يعني المواطن يترجى نزول الدولار، الدولار وصل إلى 160 وحالياً 156 إلى 155 ألف دينار عراقي، الأسعار ترتفع بشكل كبير وهي أصلاً من قبل مرتفعة، يعني يأتي المتبضع للسوق يجد الأسعار غالية".
وقال مواطن يدعى أبو زهراء "نلزم أيدينا (نقتصد) ليس كما كانت الحال قبل، بدلاً من أن نأخذ كيلو أو اثنين نأخذ نصف كيلو أو ثلاث أرباع الكيلو أو كيلو. لا شيء رخيص أو بقي على سعره، كل شيء تغير، الأسعار كلها يوماً عن يوم تزداد سوءاً نحو الأسوأ وليس الأحسن".
وذكر موظف حكومي يدعى علي "سعر اللحم ازداد... هذا نصف كيلو حليب أخذت كان أربعة آلاف دينار حالياً ستة آلاف وكيلو الحلويات بـ 12 ألف و15 ألف دينار، ما نقدر يعني تأثرنا كثيراً بالدولار".
أسباب نقص العملة
ويرى الخبير الاقتصادي العراقي كوفيند شرواني أن أحد أسباب نقص العملة هو العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على عدد من البنوك العراقية التي كانت تساهم بحصة كبيرة في بيع العملة. وأضاف شرواني أن "السبب الأول هو صدور عقوبات من وزارة الخزانة الأميركية على عدد من المصارف العراقية كانت تستأثر بحصة كبيرة من نافذة بيع العملة، الأمر الثاني البنك المركزي العراقي استحدث منصة إلكترونية للتقديم من قبل المصارف ومكاتب الصيرفة للتقديم على طلبات شراء العملة، وهذه المنصة فيها اشتراطات فرضتها وزارة الخزانة الأميركية والبنك الفيدرالي، يبدو أن المصارف العراقية أصبحت تتأخر في تلبية هذه الاشتراطات التي تطلبها المنصة الإلكترونية، الأمر الثالث وجود مضاربات في الأسواق من قبل بعض التجار الذين يحتكرون العملة ويخزنونها إلى فترات أخرى".
وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إن احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ارتفع إلى 96 مليار دولار بعد أن طلبت الحكومة من البنك المركزي اتخاذ خطوات عاجلة لتعويض نقص الدولار في السوق المحلية.
ويكافح الاقتصاد العراقي لمعالجة تداعيات الحرب والفساد المستشري منذ سنوات.