Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حلم الموريش"... "إمبراطورية مغربية" في أميركا

يقول أعضاؤها إن المغاربة كانوا أول من وصل إلى قارة أميركا من خلال مصطفى الزموري

أعضاء من طائفة الموريش خلال وقفة في الولايات المتحدة (مواقع التواصل)

قد لا يكون كثيرون سمعوا من قبل بـ"الموريش" أو "الأميركيون المغاربة"، ولكنها طائفة موجودة قائمة الذات، تتسم بطقوسها وأفكارها التي توصف أحياناً بالغريبة والمثيرة، كما أنهم يمنحون لأنفسهم "حقوقاً استثنائية" تمتد إلى حد الاستيلاء على ممتلكات في عقر الولايات المتحدة.
وتعتبر نشأة طائفة "الموريش" بحد ذاتها مثيرة للجدل، تماماً مثل التوجهات الفكرية والإيديولوجية لأتباعها والمعتقدين بمبادئها، من قبيل أن أميركا تعد جزءاً من الإمبراطورية المغربية الشاسعة، وأن المغاربة "سبقوا" كريستوفر كولومبوس في اكتشاف أميركا.

مسار النشأة

ويمكن اعتبار طائفة "الموريش"، الذين يسمون أنفسهم بـ"مغاربة أميركا" أو "الأميركيون المغاربة"، طائفة دينية لكنها طائفة تروج لمعتقد ديني "غريب" يخلط بين الإسلام والمسيحية، من خلال ما روج له مؤسس الطائفة نوبل علي درو عام 1913، ذو الأصول المغربية.
وأسس نوبل درو طائفته "الموريش" التي تضم الأميركيين من أصول أفريقية - مغربية، وفق دعائم ومبادئ عقدية تنحاز إلى ذوي البشرة السوداء على حساب البيض، إذ كان يرى أن الإسلام هو الديانة الأصلية للسود في أميركا، وأنه يتعين التعامل بين السود والبيض على أساس المساواة.
ويبدو أن لهذا المبدأ الذي نشأت عليه طائفة "الموريش" أصل تاريخي يعود إلى المرحلة التي كان يعاني فيها الأشخاص السود في الولايات المتحدة نيران العنصرية والعنف والاضطهاد، وهي المعاناة التي بدأت في أميركا سنة 1619 بجلب 20 أفريقياً إلى ولاية فرجينيا.
وتطورت أوضاع السود في أميركا بتلاحق الأحداث وتولي الرؤساء حكم البلاد، إلى أن جاءت سنة 1948 التي أصدر خلالها الرئيس ترومان مرسوماً بإلغاء التمييز العنصري بين البيض والسود في الجيش، وفي عام 1954 قررت المحكمة العليا الأميركية أن الفصل العنصري في المدارس غير دستوري.
في هذه الأجواء والسياقات المشحونة تأسست وترعرعت طائفة "الموريش" التي كان أعضاؤها يحاولون إبعاد تهمة "الزنوج" عنهم، لهذا كانوا يحرصون على اعتبار أنفسهم من أصول أفريقية مغربية تحديداً، حتى تتم معاملتهم بشكل متساو مع مواطني البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قبل كولومبوس

ومن الأفكار المثيرة التي يروج لها "الموريش"، فضلاً عن الاعتقاد بأن أغلب الأمريكيين يتحدرون من "الإمبراطورية المغربية" الممتدة عبر شمال أفريقيا، أن أميركا كانت تتبع لهذه الإمبراطورية المغربية حتى قبل أن يكتشفها كريستوفر كولومبوس سنة 1492.
ووفق طائفة "الموريش"، فإن المغاربة كانوا أول من وصل إلى قارة أميركا من خلال المغربي مصطفى الزموري، واسمه الحقيقي سعيد بن حدو، والمعروف عند الغرب باسم "استيفانيكو" أو "ستيفن الأسود"، بالنظر إلى لون بشرته السوداء، الذي بحسبهم هو من اكتشف "العالم الجديد"، وعايش السكان المحليين وقبائل الهنود الحمر.
وتقول المصادر الأجنبية إن الزموري أو استيفانيكو أسهم في استكشاف جنوب الولايات المتحدة، وبأن المنية وافته هناك وهو لا يزال شاباً لا يتعدى عمره 38 سنة، في مدينة سيبولا إحدى مقاطعات ولاية نيومكسيكو الأميركية.
ويقع الموريش في "تناقض تاريخي" لأنه بالعودة لعديد من المصادر التاريخية فإن الزموري ولد في بداية القرن الـ16، وتحديداً في عام 1503 بمدينة أزمور المغربية، وهذا العام لاحق للعام الذي تم فيه إعلان اكتشاف أميركا من طرف كولومبوس أي عام 1492.
ويبدو أن "الحل الوسط" لهذه الإشكالية يكمن في ما تطرحه مصادر أخرى بشأن الزموري باعتباره أول رجل مغربي حل بأميركا، حتى أن السفارة الأميركية بالعاصمة المغربية الرباط احتفلت رسمياً بالزموري في عام 2021، بمناسبة مرور 200 عام على إرساء الصداقة - المغربية الأميركية.
ووفق الموقع الرسمي لسفارة واشنطن بالرباط، يعد الزموري أول مغربي حل بأميركا، إذ كان عبداً سابقاً وأصبح أول شخص من أصول أفريقية يستكشف جنوب غربي أميركا، خلال مشاركته في رحلة استكشافية في مطلع القرن الـ16، وقد تحدث الزموري ست لغات وعمل مترجماً شفوياً ومعالجاً ومرشداً".

أيديولوجية غرائبية

تختلط أيديولوجيا "الموريش" بين طقوس إسلامية وأخرى مسيحية، لكن ديانتهم تظل مرتكزة في جميع الأحوال على مبادئ إنسانية أكثر شمولاً تتمثل في "الحب والحقيقة والسلام والحرية والعدالة"، التي بها يستقيم العالم بحسب الموريتش، إذ تمحى الفوارق وتندثر العنصرية بين بني البشر. وتختبئ وراء هذه المبادئ الخمسة التي يروج لها "الموريش" عقيدة "غريبة" ومختلطة، فهم مثلاً يعتقدون بقدسية جميع الرسل والأنبياء، لكنهم يقدسون "نبيهم" علي درو، ويفضلونه على بقية الأنبياء، فهو بالنسبة إليهم "النبي المقدس" الذي أوجد الطائفة وبنى معتقدهم الخاص، وأنه الواسطة التي بها يحمي الله العالم.
وإذا كان كتاب المسلمين هو القرآن الكريم، وكتاب المسيحيين هو الإنجيل، فإن "الموريش" يستندون في عباداتهم إلى كتاب يسمونه "قرآن الدائرة 7"، وهو عبارة عن مزيج من آيات من القرآن وعظات من الإنجيل، تتحدث فصوله الأولى عن خلق الإنسان، وفصوله الأخيرة عن فناء الكون.
وفي اعتقاد يخالف ما يجمع عليه المسلمون، يزعم "الموريش" بأنهم يمتلكون الحكمة من خلال التوفر على "آيات سرية" من القرآن الكريم لا توجد في المصاحف الحالية، كما يعتقدون بقدرة الله الملقاة في الكون، لكن من خلال واسطة "نبيه المقدس" درو علي.

استيلاء على ممتلكات

وللموريش معابد خاصة في الولايات المتحدة يقيمون فيها صلواتهم وابتهالاتهم الخاصة المتعلقة بالحب والسلام والحرية والعدالة والحقيقة، وغالباً ما تتدثر هذه المعابد بالأعلام الحمراء التي تتوسطها النجمة الخماسية باللون الأخضر، وهو ذات علم المملكة المغربية.
وأما الأزياء التي يفضل أتباع الموريش ارتداءها فهي مختلفة عادة عما يلبسه الأميركيون الأفارقة، غير أنهم يتوحدون في وضع الطربوش المغربي التقليدي الأحمر، الذي يسمونه الطربوش الفاسي، نسبة إلى مدينة فاس المعروفة بمثل هذه الطرابيش التقليدية، بينما النساء يعتمرن عمامات ملونة تعوض الحجاب المعروف، ويلبسن أزياء نسائية فضفاضة لستر أجسادهن.
ويبدو أن أتباع "الموريش" يحاولون كل مرة مع اقتراب رأس سنتهم الجديدة في 15 يناير (كانون الثاني)، أن يلفتوا الانتباه الإعلامي وحتى السياسي إلى وضعهم في الولايات المتحدة من خلال محاولات الاستيلاء على ممتلكات يقولون إنها تعود إليهم بحكم التاريخ، وبحكم "الإمبراطورية المفترضة" التي يؤمنون بها.
وقبل أيام خلت، تفاجأ الأميركيون بحوادث إطلاق نار، ورصاصات طائشة في ولاية ميرلاند، حيث كان بعض أعضاء الموريش يحاولون إكمال الاستيلاء على بعض العقارات الأرضية، بدعوى أنها ممتلكات تعود إلى "الإمبراطورية المغربية"، وهي أحداث باتت تتكرر وتملأ رفوف المحاكم الأميركية.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات