إذا حكمنا من خلال التوقعات الرهيبة التي تساقطت مثل الثلج في ديسمبر (كانون الأول)، لم تخفف موجة البرد السابقة لعيد الميلاد قط من جمود البيع بالتجزئة حول العالم. كان من المفترض أن تجمد الرياح الباردة البيانات الخاصة بتداولات يناير (كانون الثاني) بعد عيد الميلاد أيضاً.
إلا أن ذلك لم يحدث، على الأقل، ليس في حالة الجهات التي تصرفت أولاً. لقد قدمت "نيكست" و"بي أند إم" و"غريغز" بدلاً من ذلك بعض الهدايا في العام الجديد. إلى حد ما.
سجلت المجموعة الأولى من هذا الثلاثي، التي تُعتبَر في الأغلب رائدة إلى حد ما، ارتفاعاً في المبيعات بنسبة 4.8 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وصولاً إلى 66 مليون جنيه إسترليني (80 مليون دولار)، وهذا أفضل من توجيهها السابق الذي توقع انخفاضاً بنسبة اثنين في المئة. وأضافت الشركة 20 مليون جنيه إلى توجيهها في شأن أرباح العام بأكمله وقالت إنها تصفي المخزون في شكل أسرع من المتوقع خلال موسمها الخاص بالتخفيضات السعرية.
اقرأ المزيد
- اختفاء 40 في المئة من المنتجات البريطانية من رفوف المتاجر في أوروبا
- احتضار شوارع التسوق في بريطانيا قد يخبرنا عن الفائز بالانتخابات المقبلة
- آلاف متاجر التجزئة في بريطانيا مهددة بالإغلاق مع ارتفاع فواتير الطاقة
- حمى "هالوين" تسيطر على المتاجر البريطانية
- شوارع التسوق تنزف وعلى الحكومة أن تفعل شيئا حيال ذلك
- كيف ستبدو الشوارع التجارية في بريطانيا بعد وباء كورونا؟
صحيح أن الأمور لم تكن كلها ممتازة. تعتزم المجموعة تطبيق رفع في الأسعار يبلغ متوسطه ثمانية في المئة خلال موسم الربيع/ الصيف، وستة في المئة خلال الخريف/ الشتاء. وجاءت ملاحظة سلبية أخرى من خلال توقعات "نيكست" للعام المقبل، الذي يرجح فيه الرئيس التنفيذي سيمون وولفسون انخفاض المبيعات والأرباح.
هذه الارتفاعات في الأسعار، التي تستهدف الحفاظ على هوامش المجموعة، هي أحد الأسباب الوجيهة للغاية وراء تباطؤ مسيرة "نيكست". يستطيع المستهلكون بسهولة العثور على سترات أرخص. من ناحية أخرى، تكون توقعات "نيكست" عادة حذرة. لقد حوّل وولفسون الإقلال من الوعود والإكثار من الإنجازات إلى فضيلة طوال فترة ولايته. ويعتقد المستثمرون بأن "نيكست" ستنجح أكثر منه. لقد أقبلوا على شراء أسهمها التي حلّقت أسعارها.
وبرزت علامة ضئيلة على إدارة التوقعات في "بي أند إم"، جهة البيع بالتجزئة "المتنوعة"، التي تحدثت بحماسة إيجابية عن أدائها خلال "الفصل الذهبي" من العام، إذ أبلغت عن زيادة بنسبة 12.3 في المئة في الإيرادات وزيادة بنسبة 6.4 في المئة في مبيعات كل متجر (بناء على المتاجر المفتوحة لمدة سنة على الأقل) في المملكة المتحدة.
وأشاد الرئيس التنفيذي أليكس روسو بـ"الزخم القوي" للشركة بينما أبلغ عن "أداء جيد في فئات "بي أند إم يو كاي" كلها" و"عمليات بيع ممتازة في نطاقات البضائع العامة الرئيسية". هذا مثير!
وفي مواكبة للمنافسين، حققت "غريغز" زيادة بنسبة 18 في المئة في مبيعات الفصل الرابع، وزيادة بنسبة 23 في المئة على مدار العام بأكمله.
ولم يحتفل المستثمرون بالمجموعتين الأخيرتين بالحماسة نفسها كما فعلوا مع "نيكست"، لكن الإشارة تجدر إلى أن أسهمهما حققتا أداء أفضل في هذه الأثناء.
يطرح هذا كله سؤالاً: ما الذي يجري؟ أليس الاقتصاد البريطاني في قاع؟ ألا يعاني من ركود؟ ماذا عن ذلك التضخم كله؟ ماذا عن أزمة تكاليف المعيشة؟
ثمة فكرتان: لا يزال الوقت مبكراً. من الواضح أن بعض الشركات ستتقاعس، بل وستختفي شركات. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الشركات الثلاث أعلاه كلها مؤسسات تتعامل بمنتجات مرتفعة الجودة. إنها من ذلك النوع من الشركات التي يتوقع المرء أن تتجاوز انكماشاً اقتصادياً على نحو أفضل من غيرها.
لكنني كتبت الشهر الماضي عن الأسباب التي قد تجعل الانكماش أقل سوءاً مما يخشاه البعض. وفي غضون ذلك، تحدثت إلى سيمون فرنش، وهو خبير اقتصادي ورئيس البحوث في شركة الوساطة "بانميور غوردون". أشار فرنش إلى أن رصيد المدخرات الذي جمعه بعض البريطانيين الأكثر حظاً خلال الجائحة يبقى "سليماً إلى حد كبير" ويتوافر بوصفه "قوة إنفاق كامنة".
وفي حين أن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات، فقد نرى علامات على إطلاق البعض على الأقل من قوة الإنفاق هذه. لقد عزز المستهلكون البريطانيون الاقتصاد البريطاني في السابق. ويشير هذا إلى أن فرصة لتحسين الانكماش قد تكون متوافرة، بل وقد تعطي جيريمي هانت وريتشي سوناك دفعة غير متوقعة لا يستحقانها حقاً.
أما الجانب الآخر لهذه الحال فهو أن المستهلكين الميسورين قد يمتلكون خزاناً من "قوة الإنفاق الكامنة" يستطيعون إطلاقه، لكن كثيراً من البريطانيين ليس لديهم أي شيء من ذلك. وفي حين أن الأكثر حظاً يمكنهم استخدام مدخراتهم للتخفيف من تحديات أزمة تكاليف المعيشة، يغرق الآخرون في الأزمة.
حتى لو تحسن الاقتصاد حقاً بأكثر من المتوقع خلال العام، يجب ألا ننسى هذا الواقع.
© The Independent