حذر البنك الدولي الثلاثاء الماضي من "اقتراب" العالم "في شكل خطر" من الركود، متوقعاً للنمو الاقتصادي مزيداً من التراجع في 2023.
وبالأرقام، خفض ذلك البنك المقرض تقديراته لنمو إجمالي الناتج المحلي العالمي بنحو النصف إلى 1.7 في المئة. وعلل رؤيته باحتمال أن يؤدي التباطؤ الملحوظ في الاقتصادات المتقدمة إلى ركود عالمي بعد أقل من ثلاث سنوات على آخر ركود تسببت به جائحة كورونا، مشيراً إلى خفض توقعاته المتعلقة بالولايات المتحدة ومنطقة اليورو إلى 0.5 في المئة. وفي تقريره السابق عن آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في يونيو (حزيران) 2022، تنبأ البنك الدولي بحدوث نمو عالمي بثلاثة في المئة في 2023.
في المقابل، أشار التقرير الجديد لذلك البنك إلى إنه "في ظل هذه الظروف الاقتصادية الهشة، يمكن أن تتوقف عجلة الاقتصاد العالمي عن الدوران بأثر من أي تطورات سلبية جديدة، من قبيل ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من المتوقع أو ازدياد أسعار الفائدة بصورة مفاجئة لاحتواء هذا التضخم أو عودة ظهور كوفيد-19 أو تنامي التوترات الجيوسياسية".
وأضاف "البنك الدولي" أنه يرجح في عالم اليوم تسجيل ثالث أضعف توسع سنوي منذ ثلاثة عقود. ووفق البنك نفسه، قد تتفادى الولايات المتحدة ذلك الركود هذا العام، لكنها ستتعرض حتماً لمزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد إذا استمر المنحى التصاعدي لانتشار كورونا أو تفاقمت حدة الصراع في أوكرانيا. واستطراداً، ستعاني أوروبا، المصدر الرئيس للصين، الأمرين جراء مواصلة الاقتصاد الصيني أدائه الضعيف. وكذلك تناول "البنك الدولي" ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة، لاسيما الولايات المتحدة وأوروبا، معتبراً أنها ستستقطب رؤوس الأموال الاستثمارية على حساب البلدان الأكثر فقراً، الأمر الذي قد يحرم هذه الأخيرة من استثمارات محلية مهمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي نفس مشابه، أشار البنك نفسه إلى أن الانكماش العالمي سيلقي بثقل كبير على البلدان الشديدة الفقر في مناطق كالصحراء الأفريقية، حيث يتوقع لنصيب الفرد من الدخل أن يرتفع بـ1.2 في المئة في 2023 و2024. ويعتبر ذلك الرقم ضعيفاً مبدأياً وقد تنتج منه زيادة في معدلات الفقر المدقع.
وفي هذا السياق، أكد رئيس "البنك الدولي" ديفيد مالباس أن "ضعف النمو والاستثمارات التجارية سيضاعف بالفعل الانعكاسات المدمرة على التعليم والصحة والفقر والبنى التحتية والمتطلبات المتزايدة لقضايا تغير المناخ".
وفي مسار مواز، أشارت تلك المؤسسة المالية الدولية إلى أن بعض الضغوط التضخمية قد تشرع في الانحسار نتيجة تراجع أسعار الوقود، فيما تبرز إلى الواجهة أخطار كبيرة من اضطرابات سلسلة التوريد، ومن شأن تلك المخاطر أن تبقي أسعار الفائدة مرتفعة.
وتأتي توقعات "البنك الدولي" هذا الأسبوع بعد وقت قصير من تحذير مديرة "صندوق النقد الدولي"، كريستالينا جورجيفا، الأسبوع الماضي من أن يكون عام 2023 "أكثر صرامة" من سابقه.
وبموجب هذه التوقعات، يترقب "البنك الدولي" أن يراوح اقتصاد الاتحاد الأوروبي مكانه في 2023 بعدما توسع بـ3.3 في المئة في 2022، فيما قد ينمو اقتصاد الصين بـ4.3 في المئة، أي أقل بنقطة مئوية تقريباً مما ساد الظن بشأنه في السابق، بل قد يصل إلى نصف وتيرة النمو التي سبق لبكين أن حققتها في 2021.
وفي غضون الشهر الحالي، يزمع "البنك الدولي" إعادة النظر في "خريطة طريق التطور" الجديدة لتوسيع قدرته الإقراضية بشكل كبير، بالتالي، المساهمة في معالجة تغير المناخ والأزمات العالمية الأخرى.
ويمكن لتلك الأمور أن تمهد السبيل أمام أكبر عملية لإعادة هيكلة نموذج أعمال "البنك الدولي" منذ إنشائه في نهاية الحرب العالمية الثانية.
© The Independent