تقود النيابة العامة الفلسطينية منذ خمسة أيام تحقيقات لتحديد جنسية 15 رفات جندي، اكتشفت بالصدفة في مقبرة جماعية على قمة أحد جبال بلدة بيت حنينا المطلة على مدينة القدس التي شهدت معارك عنيفة خلال الحرب العالمية الأولى بين دول المحور والحلفاء وحرب يونيو (حزيران) عام 1967 بين الجيشين الأردني والإسرائيلي.
وقال رئيس بلدية بيت حنينا محمود النجار لـ "اندبندنت عربية" إن أحد الرعاة عثر على الرفات بالصدفة خلال رعيه الأغنام على الجبل عندما بدأت كلابه بالنباح لدى رؤيتها وشمها.
وكشف النجار عن أن الرفات كانت في حفرة غير عميقة قريبة من سطح الأرض على الجبل شبه المهجور.
الأردن يرسل فريقاً عسكرياً
وشهد الجبل الذي يربط بين مدينتي القدس ونابلس معارك عنيفة بين القوات الألمانية والعثمانية والجيش البريطاني الذي تمكن من احتلال القدس مع نهاية عام 1917.
وخلال حرب يونيو عام 1967 شهدت المنطقة القريبة من الجبل معارك عنيفة بين الجيشين الأردني والإسرائيلي انتهت باحتلال الأخير القدس الشرقية.
وأرسل الجيش الأردني فريقاً عسكرياً لإجراء الفحوصات لمعرفة هوية الرفات وذلك في ظل سقوط عشرات القتلى في صفوفه خلال معارك القدس التي تعد واحدة من أشرس المعارك خلال حرب عام 67.
وعام 2021 اكتشف علماء آثار إسرائيليون رفات جندي أردني في حي الشيخ جراح المطل على البلدة القديمة للقدس، وذلك بعد أربعة أعوام من العثور على رفات ثلاثة جنود أردنيين في بلدة صور باهر جنوب القدس.
وقال مسؤول في النيابة العامة الفلسطينية إن النيابة العامة تقود التحقيق لتحديد جنسية الرفات بمشاركة جهازي الطب الشرعي والمختبر الجنائي ووزارة السياحة والآثار.
وأوضح المصدر أن النياية العامة رحبت بطلب أردني للمشاركة في التحقيق المتواصل، مضيفاً أن نتائج التحقيق تحتاج إلى مزيد من الوقت.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي منع فرق التحقيق الفلسطينية من مواصلة عملها في الموقع المصنف بأنه في منطقة (ج) والقريب من الجدار العازل الذي يفصله عن مدينة القدس.
وشدد المسؤول على أهمية عمليات الحفر والتنقيب في الموقع حيث تسهم مرفقات الجنود بتحديد جنسيتهم وهويتهم.
وتابع المسؤول الفلسطيني أن النيابة العامة بانتظار التقرير الفني حول تحليل الرفات من الطب الشرعي قبل إصدار التقرير النهائي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بقايا رصاص وأسلحة ألمانية
إلى ذلك، رجح الباحث في التاريخ العسكري في فترة الحرب العالمية الأولى خالد عودة الله، أن تعود الرفات المكتشفة لجنود من الجيشين الألماني والعثماني اللذين خاضا المعارك ضد الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى.
وقال عودة الله إنه عثر قبل أشهر عدة على بقايا رصاص وأسلحة ألمانية في الجبل حيث اكتشفت الرفات، مشيراً إلى أن الموقع كان يتحصن فيه الجيشين العثماني والألماني.
وأوضح أن الجبل شكل في 27 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1917، منطلقاً لهجوم مضاد للجيش العثماني لاستعادة القدس من الجيش البريطاني الذي سيطر عليها في العاشر من الشهر نفسه.
وكشف عودة الله عن أن الجبل يتمتع بموقع استراتيجي ويتحكم بالطريق بين مدينتي القدس ونابلس التي كانت تضم محطة لسكة الحديد العثمانية.
وتابع أن معارك الحرب العالمية الأولى في فلسطين امتدت لنحو عامين ونصف العام على مساحة فلسطين كلها.
مقابر عدة
وحول إمكانية وجود معارك بين الجيشين الأردني والإسرائيلي عام 67 على الجبل الذي اكتشفت فيه الرفات، نفى عودة الله ذلك، لكنه أشار إلى اندلاع معارك عنيفة على بعد كيلومترين اثنين منه على تل الفول في بيت حنينا.
واعتبر الباحث الأردني في الشؤون العسكرية بكر المجالي أن اختفاء رفات الجنود الأردنيين في فلسطين يشكل ظاهرة، مشيراً إلى سقوط 558 جندياً خلال حرب 67، و340 خلال حرب 48 و250 في الفترة بين الحربين.
ولفت المجالي إلى وجود مقابر عدة للجيش الأردني في الضفة الغربية تضم رفات جنود أردنيين سقطوا خلال الحروب فيها.
وأوضح المجالي أن الفلسطينيين عثروا قبل أعوام على رفات أربعة جنود أردنيين في قرية النبي صموئيل شمال غربي القدس خلال شق طريق في محيط القرية التي شهدت معارك عنيفة بين الجيشين الأردني والإسرائيلي عام 1948.