أثارت الأحكام التى صدرت بحق زوجة الرئيس السوداني السابق عمر البشير وداد بابكر، جدلاً واسعاً بعد أن أصدرت محكمة جرائم الفساد ومخالفات المال العام في الخرطوم حكماً قضى بمصادرة ممتلكاتها والأراضي الزراعية والسكنية التي تمتلكها، فضلاً عن الأموال التي بحوزتها في البنوك السودانية، إضافة إلى مقتنياتها من الذهب والأحجار الكريمة باعتبارها حيازة "غير شرعية".
بيد أن المتهمة لم تستطع نفي التهم الموجهة بحقها، كما أمرت المحكمة إيقاف صرفها معاش زوجها الأول إبراهيم شمس الدين من القوات المسلحة استناداً إلى قانون المعاشات السوداني الذي ينص على إيقاف المعاش في حال تزوجت المرأة، وكذلك أولادها، وبالتالي فإن صرفها للمعاش لمدة 16 عاماً يكون باطلاً.
وتباينت ردود الأفعال الشعبية في شأن الحكم ضد زوجة البشير، فمنهم من تعاطف معها باعتبارها ضحية سياسات النظام السابق، بينما رأى آخرون أنها تستحق هذه الأحكام من منطلق أنها استغلت نفوذها كونها زوجة رئيس البلاد في تكوين هذه الثروة.
التصدي للحكم
محامي الدفاع عن زوجة البشير، القانوني هاشم الجعلي، قال لـ"اندبندنت عربية" إن "الأحكام التى صدرت بحق موكلته غير صحيحة وتتضمن كثيراً من المفارقات الواضحة للقانون وأن الدفاع سيلجأ إلى الاستئناف".
وأضاف "بعد صدور الحكم كانت هناك نقاشات بينه وبين بعض المحامين توصلت إلى أن الاستئناف لن يغير الحكم الذي صدر بحقها، فضلاً عن أن الدفاع لم يستطع أن يثبت بصورة عملية حجة واضحة في مصادرة الأموال التى اشترت بها العقارات والمجوهرات" مؤكداً أن هيئة الدفاع ستتصدى لهذه القرارات.
وتابع "في ما يخص ممتلكاتها من أموال وأصول سواء عقارات أو مشغولات ذهبية فقد تحصلت عليها من حقوق زوجها الأول، أما استمرار معاش زوجها المتوفى فتتحمل القوات المسلحة كامل المسؤولية في ذلك".
في المقابل أكد عدد من المحامين الذين تابعوا جلسة الحكم أنه لا توجد سابقة في السودان لمثل هذه المحاكمة على الرغم من أنه تم تقديم بعض السياسيين المدنيين عقب سقوط النظام المدني بعد انقلاب نوفمبر (تشرين الثاني) 1958، وكذلك في أكتوبر (تشرين الأول) 1964، وأبريل (نيسان) 1985، إذ قدم معظم قادة الأنظمة التى سقطت مدنية كانت أم عسكرية للحكم لكن لم تثبت عليهم تهم الفساد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار المحامون إلى أن القضاء ربما يصدر حكماً ببراءة وداد بابكر إذا ما قبل الاستئناف، رغم أن التهم مثبتة بالوقائع والبراهين، فى حال تصدي هيئة الدفاع لهذه القرارات وجمع الأدلة التى تبرئها، أما في حال فشل محامي الدفاع فى التصدي لهذه الأحكام فإن مصير زوجة البشير سيكون السجن، فضلاً عن تجريدها من كل الممتلكات والغرامة التى حددت لها والبالغة 100 مليون جنيه سوداني (حوالى 172 ألف دولار أميركي).
وعكة صحية
في السياق، أغضبت هذه الأحكام أقارب وداد بابكر بوصفها جائرة بحقها، وقال عدد منهم "إنها بريئة من أي تهمة فساد"، مشيرين إلى "دعمها الفقراء والمحتاجين داخل أسرتها وخارجها من عامة الناس".
وأكدوا أنهم سيتجهون لتصعيد هذه القضية وأن "مواجهتم ستكون مع لجنة إزالة التمكين لنظام الـ30 من يونيو (حزيران) 1989 التى تستغل القانون لتصفية الحسابات الشخصية". وأشاروا إلى أن بابكر تعرضت بعد صدور الحكم إلى "وعكة صحية قاسية" ألزمتها الفراش.
وكانت محكمة جنايات مكافحة الفساد في الخرطوم أصدرت، الأحد 15 يناير (كانون الثاني) حكماً بمصادرة أراض زراعية وسكنية وعقارات ومشغولات ذهبية من زوجة البشير.
وبحسب المحكمة، فإن المتهمة مذنبة بموجب قانون الثراء الحرام، إذ ظلت تتحصل على معاش زوجها الأسبق الضابط إبراهيم شمس الدين، من القوات المسلحة لأكثر من 16 عاماً على الرغم من سقوطه عنها فور إتمام مراسم زواجها من الرئيس السابق عمر البشير عام 2004، وذلك وفقاً لقانون المعاشات بالقوات المسلحة الذي يسقط المعاش عن الزوجة بمجرد زواجها بشخص آخر وعن أبنائه فور عقد قرانها.
كما أكدت المحكمة أن الأحجار الكريمة والعقارات والأموال التي تمتلكها المتهمة تمثل ثراء حراماً ومشبوهاً، لكونها لم تفلح في إثبات وجه امتلاكها، ما قاد المحكمة لمصادرتها.
وتداول السودانيون في الفترة الأخيرة من حكم البشير كثيراً من الأحاديث على مواقع التواصل الاجتماعي حول وجود شبهات واتهامات بحق الزوجة الثانية لرئيس البلاد، ما جعلها تختفي عن الأنظار بعد الإطاحة بنظامه في 11 أبريل 2019 بعد اندلاع ثورة شعبية في ديسمبر (كانون الأول) 2019.