لا أعتقد أن تداول هاشتاغ JeremyClarksonisDisgusting# على منصة تويتر بشكل كبير هو مفاجئ كثيراً. ولو أن الأمر حدث قبل سنوات خلت، لكان صب في مصلحة جيرمي كلاركسون ومصلحة متابعيه وتاجر سيارات مرسيدس بنز المحلي، إضافة إلى مدير البنك الذي يتعامل معه، لأنه من المعلوم أن منصات التواصل الاجتماعي، كما جزء كبير من مسيرته المهنية، تعمل حصراً على استغلال الشهرة من أجل توليد المال. بالتالي، كلما كانت الوسيلة رخيصة (أو هكذا جرت العادة)، تدفق المال أكثر. وعلى غرار السائق "ذا ستيغ" في برنامج "توب غير"، لطالما عرف كلاركسون بالفطرة الحد الأقصى الذي يمكن الضغط باتجاهه.
ولكن هذه المرة، وأمام عينيه، فقد السيطرة على غروره الثقيل، وانحرف عن المسار الصحيح، وارتطم مباشرة بالحاجز المفترض أن يوقظه، فانتهى به المطاف في كومة زبل على إحدى أراضيه الزراعية الشاسعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لقد تغير العالم، والإساءة بشكل فاضح إلى امرأة سمراء البشرة ومن دون وجه حق لم تعد مقبولة. لقد تغيرت مفاهيم المساواة بين الأعراق ولم تستطع ردود فعل كلاركسون اللحاق بركبها. وحتى عندما حاول الخروج من ورطته، زاد الطين بلة إذ تقدم باعتذار غير مقنع وغير جدي، كلله بسلسلة رسائل إلكترونية موجهة إلى الأمير هاري وليس إلى زوجته ميغان دوقة ساسكس. وفي نهاية المطاف، جمحت عجلات كلاركسون عن المسار.
إن الأشخاص الذين أسهموا في انتشار هاشتاغ JeremyClarksonisDisgusting# هم على حق تماماً. لقد أفرط في الاستهزاء بالنساء وقد سئم العالم منه. فالشهرة العالمية الانتشار قد يصاحبها استهجان عالمي تجسد في تغريدة منظمة "نساء لأستراليا"، "جميل كيف اعتقد رجل مشهور كاره للنساء بأنه قد يفلت من كراهيته المستعرة للنساء بمجرد اعتذار موجه لزوج المرأة التي أساء إليها".
ولا شك علت ادعاءات في شأن انتهاك حرية التعبير إضافة إلى "إنهاء برنامج جيرمي"، ولكن لا أحد يملك حق التوقيع على عقد مع أمازون بقيمة ملايين الدولارات. أتذكر كيف اعتدنا أن نضحك على تصرفاته الغريبة. وفي مرحلة كنا خلالها أقل مدركين لما يجري، كان الناس في محطة الباص أو عند براد المياه يسألون، "هل رأيت ما قاله جيرمي كلاركسون على التلفاز؟" أو عندما وصف سكان شرق آسيا بـ"القذارة"، أو عندما سخر بشدة من المكسيكيين العاطلين عن العمل في عرضه المسائي يوم الأحد.
وقد تهجم مرة على أحد المنتجين في محطة "بي بي سي" لأنه لم يقدم له عشاءً ساخناً فجرح شفته وشتمه بكلمة إيرلندية من أربعة أحرف (لا شك أن ذلك حدث عن طريق الخطأ، إلا أن المطاف انتهى بأن طردته محطة "بي بي سي"، وسرعان ما عرضت عليه "أمازون برايم" عقد عمل مغر من دون أن يسائله أحد عن شيء).
واليوم، أمازون تخلت عنه ولن يستمر بعرض أي برنامج عن السيارات أو المزرعة التي كان يخطط لإقامتها والاستفادة من محصولها عندما تتضاءل عمولات أعماله التلفزيونية. برأيي، لن تتأخر شبكة التلفزيون البريطانية المستقلة لاستقطابه، فعلى حد علمي يبدو أنها تتجه صوب بول أوغرادي أو أمول راجان ليكون المقدم الجديد لبرنامج "من سيربح المليون؟".
يمكن لأي مراقب ثاقب أن يستشف في تواضع كلاركسون الغريب عنه رغبته المستميتة ليبقي على وسائل الإعلام التي تخلت عنه. لا شك أنه جمع من الثروة ما يكفي لينسحب إلى مكان بعيد ويقضي ما تبقى من حياته بهدوء، إلا أنه من الواضح أنه لا يرغب في ذلك البتة. فهو يعشق حياة الشهرة المترفة، وحضور الحفلات برفقة كاميلا باركر بولز والتسابق بالسيارات على الشاشة والكتابة.
ومن لا يحب حياة الشهرة المترفة؟ لذا، جاءت الاعتذارات أكثر فأكثر سيئة، وأقل إقناعاً من أي وقت مضى لأنها نابعة من شخص عابث، ومتعجرف، وقليل الأدب. إنه يائس، ليس لدرجة أن يصبح محبوباً، ولكن فقط ليراه الناس ويقرأوا عنه ويزيدوا شهرته.
ومن المفارقة الآن أنه هو الذي تم تجريده من ملابسه مجازياً، والعديد من الأشخاص العاديين، حتى من فئته العمرية، يحلمون باليوم الذي يجبر فيه على الاستعراض عارياً في شوارع كل بلدة في بريطانيا بينما تهتف الحشود، "العار!" وترميه بكتل من البراز.
اليوم، أصبح جيرمي كلاركسون مكروهاً كما تكره سيارة ديزل قديمة لا فائدة منها. فهو لم يعد ملغى من المشهد التلفزيوني فقط، بل أصبح منبوذاً.
© The Independent