من المتوقع أن تقوم لجنة الامتيازات البرلمانية المعنية بالتحقيق حول ما إذا كان بوريس جونسون قد ضلل البرلمان عن قصد حين كان رئيساً للوزراء، ببدء في جمع الأدلة بشكل علني قريباً، بما في ذلك من جونسون نفسه. سيكون ذلك أشبه بسيرك إعلامي يمده بالطاقة شعور قوي بالترقب. من الطبيعي أن يتحدث الصحافيون عن احتمال تعرض جونسون إلى انتقادات شديدة قد تكفي للتسبب في إجراء انتخابات فرعية في أوكسبريدج وساوث رويسليب [وهي الدائرة الانتخابية التي يمثلها]، إلا أن إلقاء نظرة متزنة على التحقيق توحي بأن جونسون سينجو مع توبيخ بسيط في أسوأ الأحوال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سيخرج جونسون أيضاً على الأغلب سالماً بصورة نسبية من التحقيق العام حول طريقة تعامل الحكومة مع جائحة كورونا، التي ستكون حدثاً إعلامياً أكبر ويستغرق زمناً أطول [من تحقيق لجنة الامتيازات]. وقد استعان تحقيق البارونة هاليت بـ11 محامياً من مرتبة مستشار الملك [الرفيعة] و50 محامياً مبتدئاً، ولاتزال تعتزم الشروع بجمع الأدلة في هذا الربيع.
إن الدعاية المسبقة لكل من التحقيقين تذكر بتلك التي مهدت لتحقيقي هاتون وتشيلكوت بشأن سلوك توني بلير خلال حرب العراق. وفي كل من هاتين الحالتين، كانت جلبة الإعلام التي دامت في حال تشيلكوت سبع سنوات، قد دانت بلير و"نفذت" فيه عقوبة الخيانة العظمى المعتمدة في إنجلترا في القرون الوسطى. لكن سرعان ما تعرض هذا الضجيج إلى الإرباك بسبب التقريرين [الصادرين عن التحقيقين] اللذين قاما بتبرئته من أسوأ التهم.
وسيتكرر هذا الوضع نفسه إلى حد بعيد مع جونسون. أما خصومه فكانوا قد قرروا سلفاً أنه مذنب، وأن الغرض من التحقيق بالنسبة إليهم هو تأكيد ما يعرفونه بالفعل [عن جونسون] ومعاقبته. لكن، من المرجح أيضاً أنهم سيصابون بخيبة أمل.
أولاً، تحقيق لجنة الامتيازات. مطلوب من اللجنة أن تقرر ما إذا كان جونسون قد "ضلل عن قصد" مجلس العموم في تصريحاته حول التجمعات التي تمت في 10 داونينغ ستريت [مقر الحكومة] التي خرقت قوانين الإغلاق أثناء جائحة كورونا. وهذه عقبة كبيرة يصعب تجاوزها، لأنها تتطلب دليلاً على أن جونسون قد تم إبلاغه باحتمال حصول انتهاك للقانون أو للقواعد الإرشادية، وذلك قبل إبلاغه مجلس العموم أن "كل التوجيهات قد جرى اتباعها في داونينغ ستريت".
نحن نعلم سلفاً كثيراً من المعلومات التي تنطوي عليها القضية ويمكن أن تكون ضارة [بالنسبة إلى رئيس الوزراء الأسبق]، نتيجة الحملة التي شنها دومينيك كامينغز على جونسون، كبير مستشاريه السابق. لكن لم يظهر حتى الآن أي شيء [منسوب لجونسون] يتعارض بشكل مباشر مع هذه الكلمات [عن اتباع التوجيهات]. وقد توصل سباستيان باين في كتابه "سقوط بوريس جونسون"، إلى أن [رئيس الوزراء الأسبق الذي اتخذه] موضوعاً لكتابه كان متهوراً حينما أدلى بهذه التصريحات أمام مجلس العموم، لأنه لم يجر استفسارات [حول محتواها] مسبقاً، إلا أن هذا مختلف عن [القول إن جونسون قام بـ] "تضليل مقصود" للبرلمان.
ونحن نعرف أيضاً ما يكفي عن عضوية لجنة الامتيازات، وطريقة عملها، لكي ندرك أنها على الأغلب لن تتخذ الموقف الأكثر عدائية حيال سلوك جونسون. وعلى رغم من أن رئيسة اللجنة، هارييت هارمان، من حزب العمال المعارض إلا أن أربعة من أعضائها السبعة هم من النواب المحافظين. يتمتع هؤلاء بعقلية مستقلة، وأحدهم هو تشارلز ووكر، على أية حال. كان ووكر وقحاً مع عديد من زملائه من حزب المحافظين، غير أنه ليس واحداً ممن يكرهون بوريس. وهو، في الواقع، جادل ضد تصويت مجلس العموم على إحالة جونسون رسمياً إلى اللجنة، قائلاً "أعتقد بصدق أن رئيس الوزراء رجل جيد ومستقيم ويمكنه عرض القضية مباشرة أمام اللجنة ومن دون الحاجة إلى تقسيم هذا المجلس [العموم] وضخ مزيد من السموم في الحياة العامة".
تمضي اللجنة إلى الأمام بحذر، ومستشار التحقيق هو السير إرنست رايدر، القاضي السابق في محكمة الاستئناف. وأسوأ ما يمكن أن يخلص إليه التحقيق هو أن جونسون كان ينبغي عليه توخي مزيد من الحذر لجهة اللغة التي استخدمها. وفي رأيي من المستبعد للغاية أن توصي اللجنة، التي تأخذ وظيفتها شبه القضائية على محمل الجد، بعقوبة شديدة مثل تجميد [عضويته لمجلس العموم] لمدة 10 أيام دوام وهو [الشرط] اللازم للبدء في التماس سحب الثقة من أجل إجراء انتخابات فرعية.
و أشك في مدى قوة احتمال أن يخلص تحقيق كوفيد، في المستقبل البعيد، إلى أن جونسون كان مذنباً في أي شيء أكثر من اتخاذ قرارات تعاني الخلل في أوضاع صعبة كانت تتطور بسرعة. وسيكون دفاعه هو أنه تصرف وفقاً لنصيحة المستشارين الطبيين والعلميين للحكومة، وهذا [ينطبق على ما سيقوله] بالتأكيد عن المرحلة الأولى من الوباء. ومرة أخرى، أخفقت أفضل الجهود التي بذلها دومينيك كامينغز لعرض القضية ضد رئيسه السابق ومات هانكوك وزير الصحة الأسبق، حتى الآن في تقديم أدلة دامغة بشكل قاطع، بخلاف تقرير عن صراخ جونسون "دع الجثث تتراكم عالياً" في لحظة إحباط شديد.
لكن بحلول الوقت الذي سينشر فيه تقرير الليدي هاليت، ستكون فكرة عودة بوريس جونسون إلى 10 داونينغ ستريت قد طويت صفحتها نهائياً على الأغلب لأسباب طبيعية. وإذا صار كير ستارمر رئيساً للوزراء بعد الانتخابات التالية، من غير المرجح أن يلجأ حزب المحافظين إلى جونسون، ومن المستبعد أن يريد هو أن يصبح زعيماً للمعارضة. وإذا صمد ريشي سوناك [في منصبه]، فسيكون قد فاز بتفويض خاص به [من الناخبين]، وستتضاءل بسرعة أكبر الحاجة إلى العودة لزعيم قديم وفاشل.
وسيشعر العتاة من خصوم جونسون على الأغلب بخيبة أمل من كل من التحقيقين. بيد أن أنصاره الأشد حماسة سيصابون بخيبة أمل أيضاً، فهو لن يعود للسلطة.
© The Independent