أعلنت السلطات في ولاية "نيو مكسيكو" الأميركية يوم الخميس الـ19 من يناير (كانون الثاني)، أنها ستوجه إلى الممثل أليك بالدوين تهمة القتل غير العمد. يأتي ذلك في أعقاب وفاة هالينا هاتشينز المصورة السينمائية التي كانت تعمل في موقع تصوير فيلم الويسترن "راست" Rust، عندما انطلق عيار ناري من سلاح كان يحمله بالدوين، الأمر الذي أدى إلى إصابة هاتشينز بجروح قاتلة.
يأتي هذا الإعلان بعد أكثر من عام على وفاة هاتشينز في الـ21 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021. وقد حققت السلطات في "سانتا في" عاصمة الولاية على مدى شهور في حادث إطلاق النار، قبل أن تعيد توجيه التهم في النهاية. وأعلنت ماري كارماك ألتويس "المدعية العامة الأولى لولاية "نيو مكسيكو" First Judicial District Attorney أنه "بعد مراجعة شاملة للأدلة والقوانين في الولاية، قررتُ أن هناك أدلة كافية لتوجيه اتهامات جنائية إلى أليك بالدوين وأعضاء آخرين في طاقم فيلم ’راست’".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتعلق المسألة هنا - كما طرحتها السلطات القضائية- بالمسؤولية وليس بالنية. فالقتل غير العمد يُعرف عموماً في قوانين ولاية "نيو مكسيكو" بأنه إما "القتل غير المقصود الذي يحدث عند ارتكاب عمل غير مشروع لا يرقى إلى مستوى الجناية"، أو "لدى ارتكاب فعل مشروع من شأنه أن يسبب وفاة بطريقة غير قانونية، أو عند عدم أخذ الحيطة والحذر الواجبين". وفي حال بالدوين، فقد تناولها مكتب المدعية العامة كارماك ألتويس وفق مقاربة محددة، بحيث جرى اتهامه "استناداً إلى مجموعة من الوقائع" بتهمتي القتل غير العمد. وهذا يعني أنه إذا ما أحيلت القضية إلى المحاكمة، فسيُطلب من هيئة المحلفين أن تقرر ليس فقط ما إذا كانت ستبرئ بالدوين أو تدينه، بل أيضاً الاختيار بين نوعين من القتل غير العمد لتطبيقه على هذه القضية.
التهمة الأولى بحسب مكتب المدعية العامة، "يمكن أن يُشار إليها ببساطة على أنها قتل غير متعمد". وكي يتم إثبات ذلك، "يجب أن يكون هناك إهمال ضمني". أما التهمة الثانية فيُشار إليها على أنها "القتل غير العمد في ارتكاب فعل مشروع"، و"تتطلب إثباتاً على وجود أكثر من مجرد إهمال متضمن في الوفاة". ويواجه الشخص المتهم بأي من التهمتين عقوبة بالسجن تصل إلى 18 شهراً، وبغرامة مقدارها خمسة آلاف دولار، على الرغم من أن التهمة الثانية تتضمن عقوبةً أطول (السجن لمدة خمس سنوات) إذا ما اشتمل الفعل على استخدام سلاح ناري.
لم يكن أليك بالدوين- الذي كان ممثلاً ومنتجاً مشاركاً في فيلم "راست"- الشخص الوحيد الذي وُجه إليه الاتهام. فالمسؤولة عن تجهيز السلاح والقَيِمة على التأكد منه هانا غوتيريز ريد، تواجه أيضاً التهمتين. واستناداً إلى مكتب المدعية العامة، فقد "وقع ديفيد هولز مساعد المخرج في الفيلم، اتفاقاً تفاوضياً (للإقرار بالذنب لقاء تخفيف العقوبة) بتهمة الإهمال في استخدام سلاح قاتل".
أندريا ريب المدعية الخاصة المعينة في القضية، علقت في تصريح لها يوم الخميس بأنه "لو قام أي من هؤلاء الأشخاص الثلاثة- أليك بالدوين أو هانا غوتيريز ريد أو ديفيد هولز- بعمله، لكانت هالينا هاتشينز ما زالت على قيد الحياة اليوم. وأضافت: "تظهر الأدلة بوضوح وجود نمط من التجاهل الجنائي للسلامة في موقع تصوير فيلم ’راست’. وفي ولاية ’نيو مكسيكو’، لا مكان لمواقع تصوير أفلام لا تأخذ التزام ولايتنا بسلامة السلاح والسلامة العامة على محمل الجد".
بالدوين يصر من جانبه على عدم مسؤوليته عن الحادث، بحجة أنه قيل له إن السلاح "ذخيرته وهمية"، أي أنه لا يحتوي على ذخيرة حقيقية قاتلة. وفي تغريدة له على "تويتر" بعد إطلاق النار، وصف وفاة هاتشينز بأنها "حادث مأساوي". وقال محاميه لوك نيكاس لوكالة "أسوشيتد برس" يوم الخميس إن التهم تُعد "إجهاضاً رهيباً للعدالة"، وإن بالدوين "ليس لديه سبب للاعتقاد بوجود رصاص حي في السلاح- أو في أي مكان في موقع التصوير". وأضاف نيكاس: "سنواجه هذه الاتهامات وسننتصر".
أما جيسون بولز محامي هانا غوتيريز ريد فرد هو أيضاً على التهم الموجهة إلى موكلته، واصفاً إياها بأنها جاءت "نتيجة تحقيق معيب للغاية، وفهم غير دقيق للحقائق الكاملة". وقال: "نعتزم الكشف عن الحقيقة كاملة، ونعتقد أن هيئة المحلفين ستبرئ هانا من ارتكاب أي مخالفة".
في أي حال، أن مسار توجيه التهم ما زال في بدايته. ويخطط مكتب المدعية العامة لتوجيهها رسمياً بحلول نهاية الشهر. وسيقرر القاضي بعد ذلك ما إذا كانت هناك أسباب تدفع إلى الاعتقاد بارتكاب جرم، وهو أمر مطلوب للانتقال إلى المحاكمة.
يُشار أخيراً إلى أنه في مقابلة سابقة أجراها جورج ستيفانوبولوس مع بالدوين، بدا أن الممثل الأميركي يعتقد أنه من غير المرجح أن يواجه اتهامات جنائية في وفاة هاتشينز. وقال لمضيفه على قناة "إي بي سي" في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021: "لقد أخبرني أشخاص هم على اطلاع - حتى داخل الدولة [جهات رسمية]- بأن من غير المحتمل أن يُجرى اتهامي بأي جرم". لكن تبين أن هذا التوقع كان خاطئاً، وإذا سمح القاضي بتوجيه التهم - فقد يكون ذلك بداية ملحمة قانونية طويلة.
© The Independent