نفذت السلطات القضائية، اليوم، في العاصمة اليمنية الموقتة، عدن، حكم الإعدام في حق مغتصب وقاتل الطفلة مها مدهش (14 سنة) في ساحة الجندي المجهول بعدن (جنوب البلاد)، بحضور المئات من المواطنين، بعد شهرين من الجريمة التي هزت الرأي العام.
ونفذ الحكم بحضور شعبي واسع، فيما انتشرت قوات أمنية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في محيط المكان بعد ساعات من مذكرة وجهها رئيس نيابة استئناف جنوب عدن إلى مدير أمن عدن في شأن طلب الحماية من القوات الأمنية لتنفيذ الحكم.
وكانت محكمة الميناء برئاسة القاضي عمار علوي مسعود عقدت أولى جلسات المحاكمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للنظر في قضية مقتل الطفلة الحدث مها على يد القاتل حسن محمد البنجابي، الذي قررت المحكمة إعدامه في مكان عام رمياً بالرصاص الحي حتى الموت.
الجار والجريمة
وكان علي عدنان الدبيش، أحد أقرباء الضحية، قد أكد في حديث سابق خاص لـ"اندبندنت عربية" أنهم عثروا على ابنة خاله مها مقتولة في منزل جيرانها بحي الشولة في القبو الخلفي لمنزل الجاني بعد اختفائها عن المنزل لمدة يوم كامل، مضيفاً "لم نتمكن من تمييز ملامحها بسهولة بعد تعرضها للتشويه في جسدها من خلال ضرب رأسها بالأحجار وفقء عينيها".
وأوضح أن الجاني وهو رجل في العقد الرابع "استدرج الضحية التي عرفت بخدمتها أهالي الحي وكبار السن وحاول اغتصابها ومن ثم قتلها ودفنها في البدروم المهجور الملحق بالجهة الخلفية للمنزل".
ولاقت الحادثة استنكاراً شعبياً واسعاً عبرت عنه مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات باتخاذ العقوبات الرادعة كونها تشكل خطراً على المجتمع الذي يعاني ويلات أخرى مرتبطة بالظروف المعيشية الصعبة التي سببتها الحرب الدائرة في البلاد منذ ثماني سنوات.
إلى ذلك قوبل تنفيذ الحكم بترحيب مجتمعي واسع عبرت عنه مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تقول الحقوقية فاطمة نور، "تم تحقيق العدل وتم إعادة حق الطفلة مها"، كما قالت الإعلامية بلقيس محمد، "هكذا ستكون نهاية كل من تسول له نفسه قتل الأبرياء، فأعتبروا يا أولي الألباب".
القتل لدفن الفضيحة
عن دوافع القتل خصوصاً وقد فشل في اغتصابها يوضح قريب الضحية الذي تولى متابعة القضية لدى السلطات العدلية، أن الجاني الذي اعترف أمام النيابة أنه بعد فشله في اغتصاب الضحية حاول إخفاء جريمته فلجأ لقتلها ودفنها في القبو الخلفي لحوش منزلهم المهجور.
وتشهد مدينة عدن التي تقع في نطاق سيطرة القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتبنى خيار فصل جنوب اليمن عن شماله، حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق، إضافة إلى عديد من عمليات الاغتيال التي تحمل طابعاً سياسياً بواسطة سيارات أو طائرات مسيرة مفخخة تطاول قادة عسكريين في القوات الحكومية وسياسيين وصحافيين.
الصراع والجريمة
ووفقاً لمراقبين، فإن حالة الانفلات الذي تعيشه عدن وباقي المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، نتاج متوقع لاستمرار الحرب وتعدد الأجهزة الضبطية وتباين ولاءاتها في إطار الصراع البيني الذي تشهده الشرعية اليمنية، يصعب من مهامها الحرب مع ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران التي تسيطر على معظم المناطق الشمالية منذ ثماني سنوات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول عضو الهيئة الاستشارية بوزارة حقوق الإنسان اليمني، مصطفى منصر، إن الحروب من الظروف التي تمر بالمجتمعات فتغير من مجرى حياتها، وتحدث أثراً واضحاً في كل اتجاهاتها الذهنية ومقاييسها الاجتماعية.
ويشير منصر إلى أن الإجرام كظاهرة اجتماعية "يتأثر تأثراً واضحاً بالحروب ويصطبغ بها بألوان متعددة، والإجرام بعناصره يتكون من المجرم والجريمة ويضاف إلى ذلك عنصر ثالث هو العقاب".
في تقييم لاتساع ظواهر الجريمة في الحالة اليمنية، يرى أن تأثير الصراع الدامي على الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي أسهم في "تنامي سلوك الجريمة بسبب ضعف المنظومة الرسمية وبخاصة الجهاز الأمني يقابله ضعف القيم الفردية والوازع الديني والسلوك المحيط بالفرد داخل المجتمع مع استمرار الحرب، أدى ذلك إلى الحادثة التي سمعنا عنها بقتل الطفلة مها".
يضيف "يصدر المجرم في جريمته عن بواعث تحركه، وعن بيئة اجتماعية تساعد في تكوين هذه البواعث لديه، كشخص يعيش في أحضان الحرب، فتدفعه الحاجة إلى ألوان من السلوكيات التي قد تقود إلى الجريمة، فتنمو فكرة الجريمة عنده وتترعرع إلى أن ينفس عنها بالطريقة التي يختارها، وبذلك ينخرط في سلك المجرمين".
الأكثر خطورة
في مؤشر يكشف عن الحالة الأمنية غير المسبوقة التي بلغها المجتمع اليمني خلال السنوات الماضية، صنف اليمن، بحسب موقع "ترافل ريسك ماب" المتخصص في قياس مؤشر الأخطار الأمنية، واحداً من بين خمس دول عربية أكثر خطورة من الناحية الأمنية لعام 2022، وضمن أخطر 15 دولة في العالم.
واعتمد التصنيف على معلومات الإرهاب وحركات التمرد والاضطرابات ذات الدافع السياسي، والحروب والاضطرابات الاجتماعية، بما في ذلك العنف الطائفي والعرقي والجرائم الأخرى.