قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم الإثنين، إن التكتل لا يمكنه إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية إلا بعد صدور قرار من محكمة في الاتحاد يفيد بذلك.
وقال بوريل للصحافيين قبل اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل "هذا الأمر لا يمكن أن يصدر به قرار من دون محكمة، قرار من المحكمة أولاً. لا يمكنك أن تقول أنا أعتبرك إرهابيا لأنك لا تعجبني"، وأضاف أنه ينبغي على محكمة في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي أن تصدر إدانة قانونية ملموسة قبل أن يمكن للتكتل نفسه التحرك في هذا الشأن.
ودعا البرلمان الأوروبي، الأسبوع الماضي، الاتحاد إلى إدراج الحرس الثوري على قائمة الكيانات الإرهابية واتهمه بأنه مسؤول عن قمع الاحتجاجات داخل إيران وعن تزويد روسيا بطائرات مسيرة.
مئات المتظاهرين
على خط آخر، حض مئات المتظاهرين بلجيكا، الأحد، على بذل مزيد من الجهد للإفراج عن عامل الإغاثة أوليفييه فنديكاستيل المسجون في إيران بقضية اعتبرت ضمن "دبلوماسية الرهائن". وتجمع الحشد في درجات حرارة شديدة البرودة وسط بروكسل، وهتف المشاركون "الحرية لأوليفييه" وأقاموا حفلاً رمزياً بمناسبة ذكرى مولد فنديكاستيل الثانية والأربعين هذا الأسبوع. وقالت شقيقته ناتالي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "الهدف هو أن نقول للحكومة إنه لا يجب ترك شخص بريء هناك".
كل ثانية مهمة
وشدد المتحدث باسم عائلة أوليفييه فان ستيرتيجيم على أن "كل دقيقة وكل ثانية لها أهميتها"، وأنهم يأملون أن الضغط الشعبي المتزايد للإفراج عنه سيدفع السلطات البلجيكية لإيجاد حل أسرع.
أوقفت إيران فنديكاستيل في فبراير (شباط) 2022، وهو محتجز مذاك في ظروف وصفتها الحكومة البلجيكية بأنها "غير إنسانية".
وقضت محكمة هذا الشهر بسجنه لأكثر من 12 عاماً بتهمة "التجسس"، فضلاً عن معاقبته بـ74 جلدة.
وانتقد خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة احتجاز فنديكاستيل ووصفوه بأنه "انتهاك صارخ" للقانون الدولي.
دبلوماسية الرهائن
ويؤكد أنصاره ومنظمات حقوقية أنه محتجز في إطار "دبلوماسية الرهائن" الإيرانية لمحاولة حمل بلجيكا على الإفراج عن دبلوماسي إيراني مسجون بتهم تتعلق بالإرهاب.
وأدين الدبلوماسي أسد الله أسدي عام 2021 بتدبير مؤامرة لتفجير فعالية للمعارضة الإيرانية قرب باريس عام 2018.
أحبطت أجهزة استخبارات أوروبية المؤامرة، وحكم على أسدي بالسجن لمدة 20 عاماً لإدانته بتوفير المتفجرات لاستعمالها في قنبلة.
اتفاق لتبادل السجناء
وفي يوليو (تموز) من العام الماضي، وقعت بلجيكا وإيران اتفاقاً لتبادل السجناء رأت بروكسل أنه يمهد لاستعادتها مواطنها.
لكن المحكمة الدستورية البلجيكية علقت الاتفاق بعد أن طعن فيه معارضون إيرانيون في المنفى على أساس أنه سيؤدي إلى إطلاق سراح أسدي.
وقالت المحكمة الدستورية إن التعليق ساري المفعول ريثما يصدر حكم في شأن قانونية الاتفاق.
في الأثناء، أكدت الحكومة البلجيكية أنها تبذل "كل ما في وسعها" للإفراج عن فنديكاستيل، وقالت إنها عززت فريقها القانوني للمرافعة في القضية.
غضب دولي
وأججت اعتقالات الأجانب الغضب الدولي ضد إيران، وقال البيت الأبيض، الثلاثاء الماضي، إنه تلقى خطاباً موجهاً إلى الرئيس جو بايدن من سياماك نمازي، وهو مواطن إيراني أميركي معتقل في إيران منذ أكثر من سبعة أعوام بتهمة التجسس، ووصف استخدام طهران للاعتقال ورقة للضغط السياسي بأنه أمر "شائن".
وقالت المتحدثة كارين جان بيير للصحافيين "ما زلنا ملتزمين تأمين حريته، والحكومة الأميركية تواصل العمل على إعادته إلى الوطن إلى جانب مواطنين أميركيين معتقلين من دون سند قانوني في إيران. استخدام إيران للاعتقال كورقة للضغط السياسي أمر شائن".
الحرس الثوري
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الثلاثاء، إنها تؤيد إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية للرد على "انتهاك" حقوق الإنسان الأساسية في إيران.
وأضافت للصحافيين على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع "دافوس" السويسري، "رد فعل النظام الإيراني فظيع ومروع وهم ينتهكون حقوق الإنسان الأساسية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابعت "نتطلع بالفعل إلى جولة جديدة من العقوبات وسأؤيد أيضاً إدراج الحرس الثوري (على قائمة المنظمات الإرهابية)، لقد سمعت عديداً من الوزراء يطلبون ذلك وأعتقد أنهم على حق".
في غضون ذلك، أعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن "قلقها البالغ" في شأن الوضع الصحي لبرنار فيلان، وهو فرنسي إيرلندي موقوف في إيران منذ أكتوبر (تشرين الأول)، وفق ما أعلنت الناطقة باسم الوزارة آن-كلير لوجندر مؤكدةً هويته.
وقالت لوجندر إن وضعه الصحي "هش ويتطلب متابعة طبية مناسبة لا تتوافر في مكان احتجازه"، مطالبةً "بالإفراج عن السيد فيلان من دون تأخير"، وأضافت في بيان "نؤكد أن السيد برنار فيلان المواطن الفرنسي الإيرلندي، هو واحد من مواطنينا السبعة الذين تحتجزهم السلطات الإيرانية بشكل تعسفي".
اعتقال ألماني
كما ذكرت صحيفة "جام إي جام" الإيرانية، الثلاثاء، أن طهران اعتقلت مواطناً ألمانياً لالتقاطه صوراً لمراكز نفطية حساسة في إقليم خوزستان جنوب إيران، بحسب "رويترز".
فيما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن إيران أفرجت عن طاه مؤثر وبارز على "إنستغرام" أوقف خلال وقت سابق من الشهر الحالي في إطار حملتها القمعية على الاحتجاجات في أنحاء البلاد، كما أعلنت مجموعات حقوقية وداعمون.
وأوقف نواب إبراهيمي المعروف بمقاطع الفيديو التي تروج للمطبخ الإيراني في طهران يوم الرابع من يناير (كانون الثاني) الحالي، ونقل إلى سجن إيوين في المدينة.
وكتب المخرج والمصور الإيراني نيك يوسفي، الذي أوقف أيضاً في أكتوبر الماضي ضمن حملة القمع ثم أطلق سراحه، عبر "تويتر"، أن إبراهيمي أفرج عنه بكفالة، الأربعاء، ونشر صورته مبتسماً.
وأيضاً أفادت "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" (هرانا) أنه أفرج عن إبراهيمي بكفالة، مضيفة أنه ليس هناك أية معلومات حول التهم الموجهة إليه.
وأوقفت إيران 14 ألف شخص في الأقل منذ بدء الاحتجاجات في أنحاء البلاد في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي، إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 سنة) بعد ثلاثة أيام من توقيف شرطة الأخلاق لها بسبب عدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية، وفق الأمم المتحدة.
وأوقف مخرجون ومحامون وناشطون بارزون خلال حملة قمع الاحتجاجات في إيران، كما أفرج عن بعضهم بكفالة وبينهم الممثلة الشهيرة ترانه عليدوستي، لكن آخرين لا يزالون في السجن.
برج إيفل يتضامن
وفي السياق، أضاء برج إيفل الشهير في العاصمة الفرنسية باريس، الإثنين الماضي، بشعارات مؤيدة للمحتجين الإيرانيين والنساء اللاتي يناضلن من أجل مزيد من الحقوق.
وبعد مرور أربعة أشهر على وفاة مهسا أميني، ظهر على البرج شعار "المرأة، الحياة، الحرية" وشعار "أوقفوا الإعدام في إيران"، وهي من أبرز الهتافات خلال الاحتجاجات.
واستدعت فرنسا القائم بالأعمال الإيراني قبل أيام بسبب إعدام مواطن بريطاني إيراني متهم بالتجسس، وما زالت إيران تحتجز مواطنين فرنسيين فيما تسميه باريس الاحتجاز التعسفي.
تجمع في باريس
ومن المقرر أن تنظم لجان دعم وأقرباء لفرنسيين معتقلين في إيران تجمعاً دعماً لهم في ساحة تروكاديرو بباريس يوم 28 يناير، في تحرك يرمي إلى لفت انتباه السلطات إلى "ظروف الاعتقال غير الإنسانية التي يواجهونها".
وجاء في بيان للجان الدعم نشره، الإثنين، أقرباء لفاريبا عالدخاه وبنجامان بريير وسيسيل كولر وبرنار فيلان، "حالياً هناك سبعة فرنسيين قيد الاعتقال في إيران لأسباب خاطئة".
وأضاف البيان أن هؤلاء الفرنسيين السبعة "تتهمهم الجمهورية الإسلامية في إيران بالتجسس، وهم محرومون من أبسط حقوقهم الأساسية، بدءاً بالحق في تحقيق قضائي ومحاكمة فعليين".
وشدد البيان على أن الرعايا الفرنسيين محرومون من التواصل مع أقربائهم "منذ أشهر، ويقبع بعض منهم في العزل"، وقد أبدى معدو البيان قلقهم إزاء الصحة الجسدية والنفسية لهؤلاء، مطالبين "بالإفراج عنهم فوراً وإعادتهم إلى وطنهم".
والتجمع الذي سيكون "رمزياً وسلمياً" سينظم عند الساعة 14:00 (13:00 ت غ) في ساحة حقوق الإنسان بباريس.
عشرات الاعتقالات
وتعتقل السلطات الإيرانية عشرات الرعايا الأجانب، مؤكدين لهم أنهم أبرياء يستخدمهم الحرس الثوري الإيراني ورقة مساومة في حين تسعى إيران مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق الدولي المبرم في عام 2015 لضمان سلمية برنامج طهران النووي.
وتتهم إيران بالسعي إلى حيازة سلاح نووي، وهو ما تنفيه على الدوام، وباتت بلدان عدة، من بينها فرنسا، تتهم إيران بشكل مباشر باستخدام المعتقلين الأجانب "رهائن دولة".
وتشدد طهران على أن كل الأجانب الموقوفين لديها محتجزون بناءً على القانون المحلي، لكنها تبدي انفتاحاً على الانخراط في عملية تبادل سجناء.
وأوقفت الباحثة الفرنسية - الإيرانية فريبا عادلخاه في يونيو (حزيران) 2019، ولاحقاً حكم عليها بالسجن خمس سنوات إثر إدانتها بالمساس بالأمن القومي.
أما بنجامان بريير فأوقف في مايو (أيار) 2020 وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات وثمانية أشهر لإدانته بالتجسس.
وقبض على سيسيل كولر وشريكها جاك باري في مايو أثناء قيامهما بجولة سياحية في إيران، وتتهمهما طهران بالتجسس.
وأخيراً، ظهرت إلى العلن قضية الإيرلندي- الفرنسي برنار فيلان المعتقل في إيران منذ أكتوبر، أي في خضم الاحتجاجات التي تشهدها إيران.
ويبقى معتقلان فرنسيان آخران في إيران مجهولا الهوية، وفي نهاية ديسمبر (كانون الثاني) أكدت وزارة الخارجية الفرنسية التعبئة "الكاملة" للسلطات الفرنسية من أجل إطلاق سراح الرعايا الفرنسيين السبعة.
إجراءات انتقامية
بدوره، أكد وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي أن لندن لا تستبعد اتخاذ مزيد من الإجراءات الانتقامية بحق إيران بعد إعدام المواطن الإيراني البريطاني علي رضا أكبري (61 سنة) الذي أدين بتهمة التجسس لحساب الاستخبارات البريطانية في طهران.
وقال كليفرلي أمام مجلس العموم "حالياً يجب علينا، مع حلفائنا، درس الخطوات المقبلة التي سنتخذها لمحاربة التهديد المتزايد الذي تمثله إيران، لا نحصر أنفسنا بالإجراءات التي سبق أن أعلناها"، وعلى رغم إصرار برلمانيين، رفض الوزير تحديد ما إذا كانت المملكة المتحدة ستدرج الحرس الثوري الإيراني على قائمتها للمنظمات "الإرهابية".
وأضاف كليفرلي "يأتي إعدام أكبري بعد عقود من القمع من قبل نظام لا يرحم"، مشدداً على دعم بلاده للشعب الإيراني "الذي يطالب بالحقوق والحريات"، وتابع "نشهد أعمالاً انتقامية لنظام ضعيف ومعزول ومهووس بتدمير شعبه وقد أضعفه خوفه من فقدان السلطة وإفساد سمعته في العالم".