تعهدت طهران، الثلاثاء، الرد على العقوبات الجديدة التي فرضها عليها الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ وفاة مهسا أميني.
وأعلنت بروكسل ولندن فرض حزمة جديدة من العقوبات بحق مسؤولين وكيانات في إيران على خلفية "قمع" الاحتجاجات التي اندلعت في أعقاب وفاة أميني إثر توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إن "إجراء الاتحاد الأوروبي والنظام البريطاني يدل على عجزهما عن إدراك صحيح لواقع إيران وارتباكهما تجاه قوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وشدد في بيان على أن إيران "تحتفظ بحقها في الرد المتبادل على مثل هذه السياسات الفاشلة، وستعلن قريباً عن قائمة العقوبات الجديدة على منتهكي حقوق الإنسان ومروجي الإرهاب في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا".
37 شخصية وكياناً
وأعلن التكتل القاري، الثلاثاء، إدراج أسماء 37 شخصية وكياناً إيرانيين بقائمته للعقوبات على خلفية ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وشملت القائمة أربعة من القادة العسكريين ووحدات في الحرس الثوري الإيراني.
من جهتها، فرضت بريطانيا عقوبات على خمسة أشخاص وكيانين، ليرتفع بذلك إلى 50 عدد الأشخاص والكيانات الإيرانيين الذين أدرجتهم على قائمتها السوداء، بما يشمل تجميد أصول ومنع سفر.
وأتت الخطوة الأوروبية والبريطانية الجديدة في ظل توتر متنامٍ بين طهران والأوروبيين بسبب ملفات عدة، أبرزها تعامل السلطات الإيرانية مع الاحتجاجات، واتهام الغرب لها بتوفير دعم لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.
وسبق لإيران أن ردت على الإجراءات الأوروبية والبريطانية السابقة، بإدراج أشخاص وكيانات من الطرفين على لائحتها للعقوبات، بما يشمل منعهم من السفر إلى إيران وتجميد أي أصول قد يمتلكونها على أراضيها.
عقوبات أميركية
كما فرضت الولايات المتحدة، الإثنين، عقوبات على المؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني ومسؤولين كبار في الجمهورية الإسلامية، مما يزيد الضغط على طهران بسبب قمعها للاحتجاجات. وهذه الخطوة التي اتخذت بالتنسيق مع بريطانيا والاتحاد الأوروبي، هي أحدث رد من واشنطن على حملة القمع الإيرانية الدموية في مواجهة الاضطرابات التي أعقبت وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في سبتمبر (أيلول).
وتمثل الاحتجاجات التي شارك فيها إيرانيون من جميع أطياف المجتمع أحد أجرأ التحديات التي تواجه الحكومة الدينية منذ الثورة الإسلامية عام 1979، وتتهم إيران القوى الغربية بإثارة الاضطرابات التي واجهتها قوات الأمن بعنف أدى إلى سقوط قتلى.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، إن الخطوة تستهدف "ركيزة اقتصادية رئيسة للحرس الثوري الإيراني، والتي تمول كثيراً من القمع الوحشي للنظام، وكذلك تستهدف مسؤولين أمنيين كباراً ينسقون حملة القمع التي تنفذها طهران على المستويين الوطني والإقليمي".
ووصفت وزارة الخزانة المؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني بأنها تكتل اقتصادي أنشأه كبار المسؤولين في الحرس الثوري لإدارة استثماراته والوجود في قطاعات الاقتصاد الإيراني.
واتهمت الخزانة الأميركية المؤسسة بأنها صارت "منبعاً للفساد والكسب غير المشروع". وقالت إن الأموال التي تقدمها دعمت المغامرات العسكرية للحرس الثوري الإيراني في الخارج.
واستهدفت واشنطن المؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني سابقاً من خلال سلطات عقوبات مختلفة، لكن تم استهدافها من خلال سلطة العقوبات المعنية بحقوق الإنسان، الإثنين.
قمع التظاهرات
واتهمت واشنطن الحرس الثوري الإيراني بمواصلة قمع التظاهرات السلمية بقوة. وقالت إن القوة كان لها "دور رئيس في قمع الاحتجاجات عبر انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستهدفت عقوبات، الإثنين، أيضاً خمسة من أعضاء مجلس إدارة المؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني، ونائب وزير الاستخبارات والأمن، وأربعة من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني في إيران، وفقاً لوزارة الخزانة.
وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسون، في بيان، "سنواصل مع شركائنا محاسبة النظام الإيراني ما دام يعتمد على العنف والمحاكمات الصورية وإعدام المتظاهرين، وغير ذلك من وسائل القمع لشعبه".
وتجمد عقوبات الإثنين أي أصول في الولايات المتحدة للمستهدفين، وتمنع الأميركيين بشكل عام من التعامل معهم، ويواجه من ينخرط في معاملات بعينها مع هؤلاء الأشخاص عقوبات أيضاً.
النفط الإيراني
بدوره، أعلن المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران، روبرت مالي أن بلاده تعتزم زيادة الضغط على الصين، لوقف وارداتها النفطية من طهران.
وأضاف مالي في مقابلة مع تلفزيون "بلومبيرغ" أن "الصين هي الوجهة الرئيسة للصادرات غير المشروعة للنفط الإيراني، وأن المفاوضات لثني بكين عن شراء النفط الإيراني ستكثف".
وأكد المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران على "تويتر" أن "العقوبات الأميركية تم تنسيقها مع حلفاء وشركاء واشنطن، بما في ذلك بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وجميعهم متحدون في إدانة انتهاك النظام الإيراني لحقوق الإنسان، والعنف الحكومي ضد المرأة، والرقابة على الإنترنت".
وأشار إلى فرض العقوبات على نائب وزير الاستخبارات الإيراني، ناصر راشدي، وقال "عادة ما تتورط وزارة الاستخبارات الإيرانية في انتهاكات حقوق الإنسان لقمع المعارضين، بما في ذلك الضرب والتحرش الجنسي والرقابة والتعتيم وانتزاع الاعترافات القسرية".
عقوبات بريطانية
وأعلنت بريطانيا، الإثنين، حزمة جديدة من العقوبات على مسؤولين إيرانيين، منددة بالعنف الذي تمارسه سلطات البلاد ضد شعبها، بما في ذلك إعدام المواطن البريطاني الإيراني علي رضا أكبري.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، في بيان، "من صدرت عقوبات في حقهم من الشخصيات القضائية التي تستغل عقوبة الإعدام لأغراض سياسية إلى أفراد عصابات يعتدون بالضرب على المحتجين في الشوارع، هم في صميم القمع الوحشي الذي يمارسه النظام ضد الشعب الإيراني".
وتشمل العقوبات البريطانية الجديدة تجميد أصول وحظر سفر كل من نائب المدعي العام الإيراني أحمد فاضليان، وقائد القوات البرية في الجيش الإيراني كيومرث حيدري، ونائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين نجات، فضلاً عن ميليشيات "الباسيج" الإيرانية ونائب قائدها سالار آبنوش.
الحرس الثوري
ويقدر قوام الحرس الثوري بنحو 125 ألفاً، ويضم وحدات بحرية وجوية وبرية، ويقود "الحرس" أيضاً ميليشيات "الباسيج"، وهي قوة شبه عسكرية مؤلفة من متطوعين يدينون بالولاء للمؤسسة الدينية الحاكمة التي اعتادت على قمع أي احتجاجات مناهضة للحكومة.
وتدهورت العلاقات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وطهران بسبب الجمود الذي أصاب جهود إحياء المحادثات النووية.
واعتقلت السلطات في طهران عدداً من المواطنين الأوروبيين، وزاد التكتل كذلك من انتقاداته لقمع طهران العنيف والمستمر للاحتجاجات داخل البلاد وتزويد روسيا بطائرات مسيرة إيرانية.
وقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات، كما تم توقيف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءاً كبيراً منها بمثابة "أعمال شغب" يقف خلفها "أعداء" إيران.
وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، نشرت وسائل إعلام محلية رسالة وقعها أكثر من 300 صحافي ومصور صحافي ينتقدون فيها السلطات بسبب "توقيف زملائنا وحرمانهم من حقوقهم بعد توقيفهم".