بالكاد مرّت أيام على مقتل 50 مهاجراً ولاجئاً في غارة جوية استهدفت مركز احتجاز في ليبيا من دون نجاحهم في الفرار، قبل أن يُرسل 100 شخص غيرهم إلى المكان ذاته.
وتقع المنشأة البائسة المتردّية داخل قاعدة عسكرية تابعة لميليشيات غرب ليبيا، وهي على خط التماس بين المجموعات المسلحة الموالية لحكومة طرابلس المعترف بها دولياً والقوات التابعة لأمير الحرب خليفة حفتر التي تطلق على نفسها اسم "الجيش الوطني".
وأفاد تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مؤخراً بأنّ المركز يقع فعلياً بمحاذاة مستودع للأسلحة تعرّض للقصف في وقت سابق، مما يجعله هدفاً رئيساً في أي هجوممقبل.
أما الناجون من هجوم يوم 3 يوليو (تموز) الذي كانوا ينامون في العراء فيما يتملّكهم الرعب من تجدد الضربات، فقد أطلق سراحهم أو تم إجلاؤهم من المكان بعد تدخل الأمم المتحدة.
ولكن منظمة أطباء بلا حدود أفادت يوم الجمعة، بأن سلطات غرب ليبيا نقلت95 آخرين إلى المكان ذاته.
وفي وقت تقطع الميليشيات المتناحرة أوصال ليبيا،يبقى الشطر الأكبر من المعاناة من نصيب المهاجرين، ومعظمهم من جنوب الصحراء الأفريقية. فهم عالقون في عالم مرعب بين سندان السجون التي تديرها الميليشيات ومطرقة الجبهات الحربيةالكثيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فإذا اختار المهاجرون البقاء في ليبيا يجدون أنفسهم تحت خطر الاختطاف والتعذيب أو القصف في مراكز الاحتجاز. وإن اختاروا ركوب القوارب المتجهة إلى أوروبا فسوف يرجعون من حيث أتوا لأن الدول الأوروبية والوكالة الأوروبية لمراقبة الحدودالتابعة لها، "فرونتكس"، أوقفا عمليات البحث والإنقاذ، ولم يعودا يسمحانباستقبال المهاجرين الآمن في مرافئ كثيرة.
وحدها عمليات الإنقاذ المستقلة تحاول أن تسد هذه الثغرة اليوم – تحت طائلة العقاب من جانب بعض الدول على غرار إيطاليا التي أغلقت موانئها. وتظهر في البحر دورياً قوارب الإنقاذ التي تمخر المياهمن دون أن تعرف أين سترسو لإنزال ركابها.
وقد واجهت كارولا راكيتي، قبطانة إحدى سفن الإنقاذ التابع لمنظمة غير حكومية، بالفعلاحتمال السجن مدةً قصيرة بعد أن رست عنوة في مرفأ مدينة لامبيدوسا. وقالت إن المهاجرين الذين أنقذتهم وصلوا إلى حد من اليأس جعلهم يقفزون عن سطح السفينة. ووصفها ماتيو سالفيني، وزير الداخلية الإيطالي اليميني النافذ من جهته، بالقرصانة.
لكن المهاجرين واللاجئين محبطون وغارقون في يأس يحدو بهم إلى الاستمرار بركوب القوارب المطاطية والغرق في البحر.
وهذا ما دفع بمنظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلى أن تتضرع إلى العالم هذا الأسبوع كي يتبنى مقاربة جديدة للموضوع، وأنا أشاطرها الرأي.
فقد ناشدت الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي كي يحولا دون وقوع مآسٍ مشابهة لتلك التي حصلت في الثالث من يوليو من خلال إجلاء 5600 شخص على أقل تقدير يقبعون في المراكز الليبية في ظروف رهيبة.
ودعت المنظمة في ندائها إلى بذل كل الجهود الممكنة للحؤول دون تسليم القوارب من أنقذتهم في البحر المتوسط إلى ليبيا، وهذه ليست أرضاً آمنة على الإطلاق. وأضافت أنّ القوارب التجارية تلقت بالفعل أوامر مباشرة بإيصال الركاب بعد إنقاذهم إلى ليبيا.
وفي ليبيا نفسها، أسرّ إليّ مسؤولون من وزارة الصحة التابعة للحكومة المعترف بها دولياً،وهي في حالة حرب فعلياً، شعورهم باليأسوالإحباط. فالمركز الذي تعرض للقصف يوم 3 يوليو في تاجوراء كان يضم ضعف قدرته الاستيعابية ثم زاد الضغط على المراكز الأخرى، بعد توزيع 600 مهاجر نجوا من الضربةعليها.
وأشار أمين هاشمي من وزارة الصحة الليبية، وهووصل إلى مركز تاجوراء بعد تعرضه للغارة، إلى أنّ بعض الناجين أعيدوا إلى بلادهم من طريق المطار الذي طاولته الضربات أيضاًفي عمليات تبادل النيران.
وتساءل هاشمي "تبذل وزارة الداخلية ما بوسعها ولكن بصراحة لا نعرف الحل؟"
صحيح أن مئات الآلاف ممن استقلوا القوارب وعبروا البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا تسببوا بمشاكل كبيرة في بلدان مثل إيطاليا. ولكن حل هذه المشكلة لا يكمن في إغلاق الموانئ بكل بساطة والاقتصاص ممن ينقذون الناس في البحر وإجبار المهاجرين على البقاء والموت في ليبيا الواقعة تحت نير حرب.
© The Independent