وصلت ثقة الأعمال البريطانية إلى أدنى مستوى لها في عامين خلال يناير (كانون الثاني) الحالي مع تضخم مخاوف انزلاق الاقتصاد البريطاني إلى الركود.
وانخفض مؤشر(S&P/ Cips) العالمي لمديري المشتريات المركب في المملكة المتحدة (مقياس لنشاط القطاع الخاص) إلى 47.8 نقطة انخفاضاً من 49 نقطة في ديسمبر( كانون الأول) وهو أسرع معدل انخفاض منذ يناير من عام 2021، عندما كانت البلاد في حالة إغلاق، وظلت القراءة أقل من 50 نقطة، مما يشير إلى أن غالبية الشركات أبلغت عن انكماش للشهر السادس على التوالي، وكانت أقل من 49.1 نقطة وفقاً لاستطلاع أجرته "رويترز" لتوقعات خبراء اقتصاد.
أضعف من المتوقع
من جانبه، قال كبير اقتصاديين الأعمال في "أس آند بي غلوبال ماركت"، كريس ويليامسون لـ "فايننشال تايمز"، إن "أرقام مؤشر مديري المشتريات جاءت أضعف من المتوقع في يناير، وهو ما يؤكد خطر انزلاق المملكة المتحدة إلى الركود"، مضيفاً أن "ارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار الفائدة يعني أن معدل التدهور الاقتصادي عاد مرة أخرى في بداية العام".
في غضون ذلك، قاد قطاع الخدمات عملية التباطؤ، إذ انخفض النشاط التجاري إلى 48 نقطة في يناير من 49.9 نقطة عن الشهر السابق.
ارتفاع الفائدة
وأشار مشاركون في استطلاع "رويترز" إلى أن ارتفاع معدلات الفائدة وانخفاض ثقة المستهلك باعتبارهما من العوامل الرئيسة التي أعاقت النشاط التجاري في الوقت الذي كان أداء المصانع (يمثل أقل من 10 في المئة من الناتج الاقتصادي البريطاني) أفضل، إذ ارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي إلى أعلى مستوى في أربعة أشهر عند 46.7 نقطة في يناير، مقابل 45.3 نقطة في ديسمبر الماضي، في حين فقدت الوظائف في ظل شد بعض الشركات أحزمتها في مواجهة الرياح الاقتصادية المعاكسة في الوقت الذي كانت شركات أخرى مقيدة بسبب نقص العمالة المتاحة، وجاءت أبرز التخفيضات في عدد الموظفين أكثر انتشاراً في قطاع التصنيع، في حين أبلغ مقدمو الخدمات عن ارتفاع طفيف في التوظيف في بداية عام 2023.
في تلك الاثناء، أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات أن توقعات الأعمال للعام المقبل تحسنت بشكل كبير في يناير، فيما استمرت آمال تحسن الخلفية الاقتصادية العالمية وانخفاض التضخم المحلي في تعزيز تفاؤل الأعمال بعد انخفاضها في أكتوبر (تشرين الأول).
التفاؤل بالقطاع الخاص
من جانبه، قال كبير الاقتصاديين في "سيبس"، غون غلين، إن "كان التفاؤل بين شركات القطاع الخاص هو الأفضل لمدة ثمانية أشهر فغن ذلك يشير إلى أن التباطؤ قد لا يكون طويلاً وطويل الأمد كما كان يخشى".
في نوفمبر (تشرين الثاني) كان أداء الاقتصاد البريطاني أفضل من المتوقع وفقاً لبيانات رسمية آنذاك مما يشير إلى أن المملكة المتحدة ربما تكون قد تجنبت الركود في نهاية عام 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بينما قال الاقتصادي البريطاني في "هاندلز بانكين"، دانييل ماهوني، “على رغم بعض النقاط المضيئة في الإصدار الأخير، فإن الركود الضحل في عام 2023 يظل احتمالاً قوياً في ضوء مؤشر مديري المشتريات الضعيف لشهر يناير".
ويغذي مسح مؤشر مديري المشتريات مؤشرات أخرى تشير إلى أن الاقتصاد البريطاني ينكمش على رغم تراجع ضغوط الأسعار من ارتفاعات تاريخية.
تراجع مبيعات التجزئة
في تلك الأثناء، أظهرت بيانات منفصلة يوم الجمعة الماضي، أن مبيعات التجزئة تراجعت في ديسمبر، بينما ظلت ثقة المستهلك بالقرب من أدنى مستوى لها على الإطلاق للشهر التاسع على التوالي في يناير، مسجلة أطول فترة تشاؤم منذ ما يقرب من 50 عاماً.
في ديسمبر الماضي رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة إلى 3.5 في المئة في ديسمبر مما يشير إلى احتمال حدوث مزيد من الزيادات على رغم انزلاق الاقتصاد إلى الركود، إذ يحاول "المركزي" ترويض التضخم الذي بلغ أعلى مستوى له في 41 عاماً في أكتوبر2022.
تناقض المؤشرات
ووقفت بيانات مؤشر مديري المشتريات في تناقض صارخ مع قراءات مؤشر مديري المشتريات المركبة من دول أوروبية أخرى، التي صدرت أيضاً أمس، والتي أظهرت أن نشاط منطقة "اليورو" عاد إلى النمو في يناير للمرة الأولى منذ يونيو (حزيران) 2022.
في غضون ذلك، أكد الاتحاد البريطاني للصناعة "CBI" (منظمة أعمال بريطانية)، أنه "بينما استمرت تكاليف التصنيع في الارتفاع في الأشهر الثلاثة حتى يناير، فإن ذلك كان بأبطأ وتيرة منذ ما يقرب من عامين".
بالتوازي أشارت البيانات إلى أن التضخم في المملكة المتحدة ربما يكون قد بلغ ذروته، وفقاً لبعض المحللين، بينما أشارت نائبة كبير الاقتصاديين "CBI" آنا ليتش إلى انعكاس تراجع في الطلبات الجديدة أيضاً في البيانات، قائلة "هناك مؤشرات على أن الطلب في طريقه إلى التراجع أيضاً".