على رغم الخسائر العنيفة التي تكبدها الجنيه المصري منذ إعلان البنك المركزي المصري سلسلة من التخفيضات للجنيه في مقابل الدولار الأميركي في مارس (آذار) من العام الماضي، لكن في المقابل شهدت البورصة المصرية تسجيل مستويات وأرقام قياسية، تصدرها المؤشر الرئيس الذي اخترق أعلى مستوى منذ منتصف مايو (أيار) من عام 2018.
وفيما أعلن البنك المركزي المصري عن ثلاث زيادات كبيرة في أسعار صرف الدولار في مقابل الجنيه المصري بلغت نسبتها الإجمالية ما يقرب من 90 في المئة، كانت التوقعات تشير إلى عدم وجود انفراجة وشيكة في سوق الصرف واستمرار أزمة شح الدولار، لكن مع سلسلة التحركات التي بدأتها الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي، شهدت سوق الصرف حالاً من الهدوء والاستقرار، وبدأ الدولار يتراجع في مقابل الجنيه المصري في التعاملات الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على صعيد تعاملات البورصة المصرية منذ تخفيض مارس (أذار) الماضي وحتى نهاية تداولات الأسبوع الماضي، قفز رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة بنسبة 55.7 في المئة لتربح الأسهم نحو 386.6 مليار جنيه، وذلك بعد أن صعد رأس المال السوقي من مستوى 695.6 مليار جنيه، في تعاملات جلسة الخميس 18 مارس 2022، إلى نحو 1082.2 مليار جنيه في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، ولكن انعكاس هذه القيم بالعملة الأجنبية ليس موجبًا، حيث انخفض رأس المال السوقي المقوم بالدولار بنسبة 17 في المئة، من 44.1 مليار دولار إلى 36.7 مليار دولار.
المؤشر الرئيس يصعد
على صعيد مؤشرات البورصة المصرية، قفز المؤشر الرئيس "إيجي إكس 30" بنسبة 56.5 في المئة رابحاً نحو 6065 نقطة، وذلك بعد أن صعد من مستوى 10726 نقطة خلال جلسة ما قبل انطلاق التعويم، إلى مستوى 16791 نقطة في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، وارتفع مؤشر "إيجي إكس 50" بنسبة 55.9 في المئة مضيفاً نحو 1049 نقطة بعد أن قفز من مستوى 1875 نقطة إلى نحو 2924 نقطة.
وارتفع مؤشر "إيجي إكس 30 محدد الأوزان" بنسبة 52.8 في المئة رابحاً نحو 6953 نقطة بعد أن قفز من مستوى 13167 نقطة في جلسة 18 مارس 2022، إلى مستوى 20120 نقطة في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي. وزاد مؤشر "إيجي إكس 30 للعائد الكلي" 63.2 في المئة رابحاً نحو 2677 نقطة مرتفعاً من مستوى 4234 نقطة إلى نحو 6911 نقطة.
كما ارتفع مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة "إيجي إكس 70 متساوي الأوزان" 60 في المئة رابحاً نحو 1136 نقطة بعد أن قفز من مستوى 1894 نقطة في جلسة ما قبل تعويم مارس الماضي، إلى مستوى 3030 نقطة في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي. وصعد المؤشر الأوسع نطاقاً "إيجي إكس 100 متساوي الأوزان" بنسبة 59.2 في المئة مضيفاً نحو 1686 نقطة بعد أن ارتفع من مستوى 2848 نقطة إلى مستوى 4534 نقطة.
صعد أيضاً مؤشر "تميز" بنسبة 9.7 في المئة رابحًا نحو 112 نقطة بعد أن قفز من مستوى 1153 نقطة إلى نحو 1265 نقطة. وفي المقابل تراجع مؤشر سندات الخزانة 21 في المئة فاقداً نحو 940 نقطة بعد أن نزل من مستوى 4465 نقطة في جلسة 18 مارس 2022، إلى نحو 3525 نقطة في نهاية تداولات الأسبوع الماضي.
كيف تطور سعر الصرف؟
في ما يتعلق بتعويم الجنيه المصري في مقابل الدولار الأميركي، فقد تم تخفيضه في مطلع برنامج الإصلاح الاقتصادي في أول نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016، حيث قفز سعر صرف الدولار الأميركي من مستوى 8.88 جنيه إلى مستويات 15.77 جنيه للدولار الذي قفز بنسبة 78 في المئة في مقابل الجنيه المصري.
لكن منذ مارس (أذار) من العام الماضي وحتى الآن، شهد سعر صرف الدولار تطورات كبيرة كانت البداية خلال الاجتماع الاستثنائي الذي عقده البنك المركزي المصري في 19 مارس من العام الماضي، حيث قرر رفع سعر صرف الدولار من مستويات 15.77 جنيه للدولار إلى مستويات 19.7 جنيه بارتفاع 25 في المئة.
وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قرر البنك المركزي المصري زيادة سعر صرف الدولار من مستوى 19.7 جنيه إلى مستويات 24.7 جنيه للدولار الذي سجل ارتفاعاً بنسبة 25.4 في المئة في مقابل الجنيه المصري.
وفي 4 يناير (كانون الثاني) الجاري سمح البنك المركزي المصري بارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي من مستوى 24.7 جنيه للدولار إلى مستويات 32 جنيهاً للدولار بانخفاض 30 في المئة، لكنه تراجع في الوقت الحالي إلى مستوى 29.85 جنيه ليشهد الدولار الأميركي ارتفاعاً بنسبة 20.8 في المئة خلال التخفيض الأخير.
لكن على صعيد التعاملات ومنذ التعويم الأول وحتى تعاملات اليوم، سجلت العملة الأميركية ارتفاعاً بنسبة 89.28 في المئة، بعد أن قفز سعر صرف الدولار من مستوى 15.77 جنيه إلى نحو 29.85 جنيه.
لماذا توقفت خسائر الجنيه؟
وفيما كانت التوقعات تشير إلى استمرار هبوط الجنيه المصري في مقابل الدولار خلال الفترة الحالية، لكن منذ أعلى قمة سجلها الدولار الأميركي عند مستوى 32 جنيهاً عقب التعويم الأخير، تراجع سعر صرف الدولار في السوق الرسمية بنسبة 6.7 في المئة، حيث انخفض سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 32 جنيهاً إلى نحو 29.85 جنيه في الوقت الحالي.
وفي السوق السوداء، تكبد الدولار خسائر عنيفة في مقابل الجنيه المصري بلغت نسبتها 21 في المئة، حيث تراجع سعر صرف الورقة الأميركية من مستوى 38 جنيهاً، وهو أعلى مستوى بلغته في السوق الموازية على الإطلاق، إلى نحو 30 جنيهاً في الوقت الحالي.
وكشف تقرير حديث عن أن هناك سبعة أسباب وراء انخفاض أسعار صرف الدولار في السوق المصرية، أولها زيادة المعروض بفضل الشهادات مرتفعة العائد التي أعلنتها البنوك التابعة للحكومة المصرية بعائد سنوي يبلغ نحو 25 في المئة، إضافة إلى زيادة إيرادات السياحة، وأيضاً نمو حصيلة التحويلات، بجانب تراجع الطلب على العملة الأجنبية بسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري في مقابل الدولار، ورفع أسعار الفائدة واستمرار حال عدم اليقين في شأن الأداء الاقتصادي على المدى القريب.
ووفق مذكرة بحثية حديثة لبنك "غولدمان ساكس"، فإن الأسباب تتضمن أيضاً، زيادة الثقة في العملة المصرية مع إتمام برنامج التمويل مع صندوق النقد الدولي، إضافة إلى العمل على الإفراج عن البضائع في الموانئ المصرية، وإبطاء وتيرة الاستثمار الحكومي في بعض المشاريع القومية.
لكن في المقابل أشار بنك الاستثمار الأميركي إلى استمرار وجود قيود على استخدام النقد الأجنبي بالشكل الذي يشير إلى أن هناك طلباً غير ملبى، ولذلك يوجد سوق موازية بأسعار أعلى من أسعار الصرف في السوق الرسمية.