قبل أيام قليلة، راجت الأخبار حول عزم البرازيل والأرجنتين إطلاق عملة موحدة جديدة، تحمل اسم "سور"، بهدف تعزيز التجارة الإقليمية، وتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي.
وفي تصريحاته لصحيفة "فايننشال تايمز"، كان وزير الاقتصاد البرازيلي "سيرخيو ماسا"، يؤكد على أنه سيكون هناك قرار لبدء دراسة المعايير اللازمة لعملة مشتركة، بما يشمل كل شيء بداية من الأمور المالية وصولاً إلى حجم الاقتصاد ودور البنكين المركزيين.
هل مجيء الرئيس البرازيلي صاحب الميول الاشتراكية، لولا دا سيلفا، وذهاب "بولسونارو" صاحب التوجهات اليمينية، كان وراء التفكير في هذا المشهد؟
ربما كان الأمر كذلك، ففي 2019 أجرى سياسيون من البلدين مناقشات حول الفكرة، لكنها قوبلت برفض من البنك البرازيلي، وقال الاقتصاديون وقتها "إن على الدولتين أولاً القيام بإصلاحات راديكالية".
تبدو القصة أعمق وأشمل من الأرجنتين والبرازيل فقط، إذ تشير "الفايننشال تايمز" إلى أن هناك ميول لدى عديد من دول أميركا اللاتينية للانضمام لمثل تلك العملة حال ظهورها، مع الأخذ بالاعتبار أن خطة في هذا الشأن قد تستغرق أعواماً لاستكمالها.
يعن للمرء أن يتساءل بمجرد سماع اسم البرازيل في هذا المقترح: هل هذه بداية ومنطلق لتجمع "البريكس"، وربما تجمعات جغرافية، لتغيير النظام المالي العالمي ذاك الذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، المعروف باسم "بريتون وودز"؟
وحدة حسابية أم عملة موحدة؟
هل مارست واشنطن ضغوطات بعينها، غيرت تصريحات البرازيليين والأرجنتينيين، خلال أيام قليلة من الإعلان الأول؟
المؤكد أن شيئاً ما قد جرت به المقادير على الأرض، ولهذا استمعنا إلى وزير المالية البرازيلي "فرناندو حداد"، يغير مسار التصريحات السابقة إلى القول "إن البرازيل والأرجنتين تخططان لإطلاق وحدة حسابية مشتركة لتعزيز التجارة الثنائية بينهما بدلاً من عملة موحدة بديلة للريال البرازيلي والبيزو الأرجنتيني".
هذه التصريحات استهدفت إنهاء الجدل المثار بعد التصريحات الخاصة بالعملة الموحدة، التي ستكون حكماً بديلاً عن الدولار الأميركي.
الخطة الجديدة بين برازيليا وبوينس آيرس، تدور حول بلورة وحدة مشتركة لتسوية العمليات التجارية بين البلدين دون الاعتماد على الدولار الأميركي.
وخلال زيارته للأرجنتين مرافقاً للرئيس دا سيلفا أضاف حداد، "نحتاج أن نرى كيف سنفعل ذلك، لكن الفكرة تكمن في إمكان امتلاكنا وسيلة دفع مشتركة بين البلدين"، وتابع "نحن نتحدث عن نظام لا يعتمد على مدفوعات مقومة بالعملة المحلية الذي لم يستخدم بعد، لكنه لن يصل إلى مستوى الوحدة النقدية التي شوهدت مع اليورو".
والمعروف أن البرازيل والأرجنتين منذ عقود تتطلعان لشراكة اقتصادية ما بوصفهما أكبر اقتصادين في أميركا اللاتينية، وتناقشان خيارات تنسيق عملاتهما كمشروع سياسي في الغالب، وذلك لمواجهة تأثير الدولار في المنطقة، وتعزيز التجارة الثنائية، غير أن الاختلالات المستمرة في الاقتصادات الكلية بين البلدين، بجانب العقبات السياسية، أعاقت تقريباً تقدم هذه الفكرة.
حديث الشراكة بين "بريكس" و"سيلاك"
ومن الواضح أن الدول التي يحتويها تجمع "البريكس"، (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا)، تسعى في طريق استكشاف إمكان إنشاء عملتها الخاصة في إطار هذا التجمع الاقتصادي الكبير، الذي يمثل وزناً معتبراً في دائرة الاقتصاد العالمي، لا سيما في ظل وجود الصين ثاني اقتصاد عالمي، والهند في المركز الثالث.
في هذا الصدد أثار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، هذا الاحتمال خلال زياة لأنغولا في بيان أدلى به عقب اجتماع مع الرئيس الأنغولي "جواو لورينكو".
لافروف أوضح أن العملة مطلوبة بالنظر إلى أن الآليات التي أنشأها الغرب وروج لها، مثل حرمة الملكية، وافتراض البراءة والمنافسة العادلة والعولمة يمكن الدوس عليها في أي وقت.
اعتبر وزير الخارجية الروسي، الذي تعاني بلاده من العقوبات الاقتصادية الغربية، أن الدول الجدية التي تحترم نفسها تدرك تماماً ما هو على المحك، ولهذا فإن جماعة "البريكس"، ومجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي CELAC "سيلاك"، يدور في وسطها تفكير عميق حول إنشاء عملاتها الجديدة.
هل حديث لافروف مجرد حديث إنشائي، أم أن هناك خطوات عملية على الأرض تتبلور؟
الشاهد أن هناك بالفعل خطوات يجري التحضير لها في هذا السياق خلال قمة "بريكس" التي ستعقد في جنوب أفريقيا في أغسطس (آب) المقبل، ولهذا يقطع لافروف بأن "قمة جنوب أفريقيا ستكون مهمة ومنعطفاً مصيرياً في تحديد ملامح العام المقبل".
أميركا اللاتينية مسار في نعش الدولار
بعد عودة الحديث عن البترودولار، ودعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي إلى إنشاء احتياطي عملة بعيداً من الدولار، هل ستكون ضربة البداية، وصافرة إنهاء هيمنة الدولار على العملات العالمية من قلب القارة الأميركية اللاتينية؟
يشكل تكتل الاتحاد المستقبلي لأميركا اللاتينية الذي يقف خلف هذه العملة قرابة خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، والمؤكد أن محاولة دول أميركا اللاتينية هذه ليست الأولى من نوعها، فقد سبقتها محاولات مشابهة في السبعينيات والثمانينيات، أي في أوج ارتفاع أسعار النفط، غير أن الظروف السياسية الدولية في ذلك التوقيت لم تكن مواتية.
ربما اليوم يختلف عن الأمس، بخاصة في ظل نشوء وارتقاء تجمعات اقتصادية عالمية جديدة ملت دولها من اعتبار الدولار الذراع الطويلة للهيمنة الأميركية على المقدرات العالمية.
وعلى رغم أن تلك المحاولات السابقة لم تترك تأثيراً في السياق الاقتصادي العالمي، إلا أن التغيرات الجيوسياسية واسعة النطاق في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين تترك علامات استفهام واسعة حول ما إذا كان المشهد الدولاري العالمي سيظل على هذا النحو أم سيتغير حتى ولو بصور تدريجية مع نهاية العقد الحالي.
مطلع العام الجاري، صدر عن المجلس الأطلسي في واشنطن، تقرير عنوانه "أهم 23 خطراً وفرصة لعام 2023"، وفيه حديث عن احتمال مرتبط بابتعاد عدد من البلدان من الدولار بأسرع مما كان متوقعاً.
المثير في تقرير المجلس الأطلسي، هو أن تلك الدول ليست بالضرورة عدوة لواشنطن، بل ربما هناك من الأصدقاء أو الحلفاء من يفكر في فك الارتباط على المدى الطويل تحسباً لتغير مقدرات العالم.
وطبقاً للتقرير، فإن القلق بشأن مستقبل الدولار الأميركي، هو جدل تقليدي عادة ما يثار، لكن تبدو هناك احتمالية، وإن بشكل ضعيف على المدى القصير، لابتعاد مجموعة من الدول من حلفاء وخصوم واشنطن دفعة واحدة من الدولار.
روسيا طريق كسر هيمنة الدولار
في هذا السياق يطفو على السطح تساؤل، هل روسيا الاتحادية تقود جهوداً عالمية علنية وخفية، في سياق توجيه ضربة للدولار الأميركي، لا سيما بعد المواجهة مع أوكرانيا والعقوبات الغربية برأس حربة أميركية موجهة إليها؟
المؤكد أن موسكو كانت صاحبة الخطوة الأولى في هذا الإطار، وقد بدأ ذلك في الربع الثاني من العام الماضي، في محاولة للتغلب على أشد العقوبات الاقتصادية في التاريخ تواجهها من الدول الغربية.
كان التعاطي الغربي مع روسيا جرس إنذار لكثير من دول العالم، إنذار نبه إلى المخاطر المحدقة بوجود الأرصدة الدولية كافة بالعملة الأميركية، وبات التساؤل، لماذا الرهان بالمطلق على الدولار، وها هو العالم يرى مصادرة الدول الغربية لأرصدة النقد الروسية الموجودة لديها، التي يمكن أن يصيبها في الغد، ما أصاب موسكو في حاضرات أيامنا.
في الربع الأخير من العام الماضي، وتحديداً في سبتمبر (أيلول) 2022، بدأت الحكومة الروسية في التفكير جدياً في مقترح حول شراء ما قيمته ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار، من اليوان الصيني شهرياً، حتى نهاية العام للمساعدة في وقف صعود الروبل... هل في الأمر تناقض ظاهري ما؟
مؤكد ليس هناك تناقض، ذلك أن روسيا تشعر بالقلق من أن الروبل القوي المفرط، سيؤثر في الإيرادات من بيع السلع الروسية في الخارج مقابل العملات الأجنبية، ولهذا تدرس شراء عملات الصين والهند وتركيا للاحتفاظ بها في صندوق الثروة النفطية كجزء من خطتها لتحقيق إعادة قاعدة الميزانية.
ما تقوم به روسيا له أكثر من الشق الاقتصادي، لا سيما إذا اعتبرنا أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة.
تسعى روسيا لطرح فكرة عالم متعدد الأقطاب، لا هيمنة فيه لدولة واحدة، بالتالي لعملة واحدة، ولهذا تسعى لتشجيع التبادل بالعملات الوطنية أو تبادل السلع، وفتح آفاق اقتصادية من خلال منظمات إقليمية مثل تجمع شنغهاي و"بريكس"، ثم "بريكس بلس"، وجميعها قادرة وفاعلة ولديها من الإمكانات الاقتصادية والحضور البشري ما يكفيها للانسجام مع روسيا للتخلص من الهيمنة الأميركية.
على أن علامة الاستفهام المثيرة في هذه القراءة هي، هل روسيا وحدها في شرق آسيا من يسعى لكسر احتكار النفوذ الأميركي السياسي عبر الدولار، أم أن هناك قوة أخرى لا تقل حضوراً وربما تفوقاً عن موسكو من حيث القدرة الاقتصادية؟
الصين نعم للذهب ولا للدولار
يدرك الصينيون أن معركتهم لتسنم قمة العالم، لابد أن تمر من خلال بوابة الاقتصاد قبل النفوذ السياسي.
كما أن بكين تعرف تمام المعرفة أن الموازين العسكرية تميل لصالح الولايات المتحدة، وأن هناك مسافة واضحة في الحال بين القوتين الصينية والأميركية من ناحية التقنيات والتكنولوجيا والتسليح، حتى وإن كان لها أن تتقلص خلال العقدين المقبلين.
من هنا تبدو خطط الصين لتوجيه ضربات للدولار، وصولاً للاستغناء عنه قائمة ومقبلة، والبداية من عند تخزين الذهب لأغراض استراتيجية، تمهيداً للخلص من التعامل بالعملة الأميركية مرة وإلى الأبد.
في هذا السياق يمكن للمحلل الاقتصادي المحقق والمدقق، أن يدرك لماذا تمضي شركات تعدين الذهب الصينية في طريق تكثيف نشاطاتها لاستخراج المعدن الأصفر النفيس، وتقبل على شراء مؤسسات صناعية أخرى للتعدين حول العالم بنشاط ملحوظ.
هنا وعما قريب من الزمن، سوف تصبح الصين صاحبة أكبر مخزون من الذهب في العالم، ولهذا تعمق استثماراتها وتوسعها في قارتين.
البداية من القارة الأفريقية، حيث تعمل الصين جاهدة على اكتشاف مزيد من المناجم، وتقديم القروض لدول القارة بشروط ميسرة وبعيدة من التعقيدات الأميركية والأوروبية المرتبطة بحقوق الإنسان والديمقراطية وما حولهما.
والموقع الثاني في دول أميركا اللاتينية، التي باتت بكين مرتبطة مع غالبيتها بشراكات اقتصادية نفطية، وتنام للحضور العسكري، ما يزعج واشنطن أيما إزعاج، بخاصة أن الحضور يأتي في الخلفية الجغرافية التاريخية له.
لا تواري بكين رؤاها المستقبلية، ولهذا لا تنفك توجه رسائل إلى العالم مفادها أن هيمنة الدولار يجب أن تنتهي، وهي تدرك أن الاعتماد على الدولار أمر بات يمثل تهديداً وسيفاً مسلطاً على مستقبل الصين.
في يونيو (حزيران) 2020 قال "فانغ هاي شينغ"، نائب رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية، إن اعتماد الصين على النظام المالي الدولي القائم على الدولار يجعلها عرضة للخطر، ولهذا يبدو واضحاً أن الصين لديها خطط لتغيير النظام المالي العالمي، "بريتون وودز"، والعودة مرة أخرى لنظام يرتكز على الذهب كمعيار، ما سيسمح بتنفيذ الهدف الجيوسياسي الرئيس للصين.
تراهن الصين على أن يصبح الذهب في المستقبل بمثابة عملة احتياطية، وعلى قاعدته سيبنى النظام المالي العالمي.
مستقبل الدولار
فهل يعني كل ذلك، أن الدولار سينهار عما قريب؟ يفرض هذا التساؤل ذاته، بخاصة في ظل الأزمة الأميركية الداخلية الخاصة برفع سقف الدين إلى ما هو أعلى من 31.4 تريليون دولار، وبدت التساؤلات تثور وتفور سياسياً واقتصادياً في الداخل الأميركي عن مستقبل العملة الخضراء؟
أحد الذين تصدوا لتقديم جواب، هو الاقتصادي الأميركي المستثمر في البورصة، "بيتر شيف"، ذاك الذي قطع أخيراً بأن سعر الدولار سينهار، بفعل ضغط الديون الأميركية على قيمته.
في 30 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، كتب "شيف" يقول "إن الدين العام في الولايات المتحدة تخطى نسبة 125 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة في فوضى مالية هائلة من شأنها الإطاحة بقيمة الدولار.
هل حديث "شيف" هذا، يجعل من العبث النظر من قبل أي مستثمر إلى أدوات الدين الأميركي، مثل سندات وأذون الخزانة، باعتبارها ملاذاً آمناً للاستثمار؟
ربما يرى البعض أنه من الحماقة أن يتهافت الناس في أنحاء العالم على شراء الدولار بعملاتهم الوطنية، بينما الولايات المتحدة نفسها، المصدر الرئيس للدولار غارقة في ديون أضخم من تلك المستحقة على بلادهم.
لم يكن "شيف" وحده من تساءل عن مستقبل الدولار، فهناك محللون اقتصاديون غربيون، منهم على سبيل المثال "كريستينا تيساري" الأميركية من بنك "غولدمان ساكس"، التي تذهب إلى أن "تصرفات واشنطن وحلفائها لتجميد احتياطيات البنك المركزي لدول أخرى، أثارت مخاوف كثير من الدول، التي تشرع في التخلص من الدولار بسبب المخاوف بشأن القوة التي يمكن أن تحشدها أميركا جراء الهيمنة على الدولار".
أما كينيث روغوف، أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد، ففي مقابلة له في شهر يوليو (تموز) الماضي مع شبكة "بلومبيرغ"، فيرى أن "هيمنة الدولار قد تنتهي في غضون 20 عاماً، والسبب هو أن تسليح الدولار سيحفز الحلول البديلة من قبل الدول الأخرى"، ويضيف أن "قوة العقوبات على روسيا قد تؤدي إلى تسريع التغيرات في النظام المالي للتنافس مع الدولار الأميركي".
هل هذا هو الرأي النهائي حول مستقبل الدولار، أم أن هناك من لايزال يقطع بأن هيمنة الدولار ستظل باقية، وأن عمر العملة الخضراء سيمتد لعقود طوال مقبلة؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لن يفقد الدولار الأميركي بريقه
على الجانب المقابل، تبقى هناك أصوات تقطع بأن هيمنة الدولار ستظل قائمة، وأن الحديث عن استبداله ليس سوى حديث ممجوج يثور دوماً في أوقات الأزمات، لا سيما أن 85 في المئة من التجارة العالمية تمضي بالدولار حول العالم".
من هذه الأصوات، البروفيسور الأميركي "مارك كوبيلوفيتش"، أستاذ العلوم السياسية والشؤون العامة ومدير الدراسات الأوروبية بجامعة ويسكونسن الأميركية، الذي كتب عبر صحيفة "واشنطن بوست" في مايو (أيار) الماضي يقول، "إن الدولار لم يفقد وضع العملة الاحتياطية، والعملات الاحتياطية هي العملات التي تحتفظ بها الحكومات والبنوك المركزية والمؤسسات الخاصة على نطاق واسع لإجراء التجارة الدولية، وتسوية المعاملات المالية، ويشترك الدولار في هذا التمييز مع عدد قليل فقط من العملات الرئيسة الأخرى، بما في ذلك اليورو والين الياباني والفرنك السويسري والجنيه الاسترليني والدولار الكندي والدولار الأسترالي والرنمينبي الصيني".
وعند كوبيلوفيتش، فإن الدولار ليس فقط عملة احتياطية عالمية، بل هو العملة الاحتياطية العالمية المهيمنة، ففي عام 2019، كان 62 في المئة من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية للحكومات والبنوك المركزية بالدولار على نطاق غالب، وجاء اليورو ثانياً في الترتيب عند 20 في المئة، والين الياباني في المرتبة الثالثة عند خمسة في المئة، والجنيه الاسترليني عند 4.5 في المئة، والعملات الأخرى جميعها بما في ذلك الرنمينبي الصيني كلها أقل من اثنين في المئة".
أما مجلة "إيكونوميست" الشهيرة، ففي يونيو الماضي، استبعدت أن يلعب اليوان الصيني دوراً منافساً للدولار، سيما أن صندوق النقد الدولي في بحث له نشر في 2020، يرصد أن أكثر من نصف الصادرات غير الأميركية وغير الأوروبية مقومة بالدولار، وفي الأسواق الآسيوية الناشئة بلغت هذه الحصة نحو 75 في المئة، وفي أميركا اللاتينية حوالى 100في المئة.
لكن هل يعني ذلك أن هيمنة الدولار قدر مقدور في زمن منظور مرة وإلى الأبد؟
لا يمكن أن يكون ذلك كذلك، لتناقضه مع ديالكتيك الحياة وقوانينها في الحال والاستقبال.