أسفرت نتائج الانتخابات التشريعية في دورتيها الأولى والثانية عن صعود 25 امرأة و129 رجلاً إلى مجلس النواب في تونس، وبذلك تصبح نسبة النساء في البرلمان المقبل 16 في المئة، وهي النسبة الأضعف منذ انتخابات 2011، مما أكد مخاوف المنظمات النسوية التي نددت بإلغاء قانون التناصف في دستور 25 يوليو (تموز) 2022، الأمر الذي أثر في تمثيل المرأة التونسية في البرلمان الجديد، لكن بعض المراقبين يرى أن النساء اللاتي فزن بمقاعد في البرلمان الجديد صعدن عن جدارة.
تشير أرقام التركيبة الجديدة لمجلس النواب إلى حصول الفئة العمرية أقل من 45 سنة على 73 مقعداً، بنسبة 47.4 في المئة من مقاعد المجلس، وهي نسبة مضاعفة مقارنة مع البرلمانات السابقة، وأيضاً حصول 25 امرأة من أصل 34 مرشحة على مقاعد في البرلمان بنسبة 16.2 في المئة، مقابل 23 في المئة في برلمان 2019.
تأكيد مكتسبات المرأة
النائبة السابقة والجديدة في البرلمان الحالي فاطمة المسدي تقول "صحيح أن نسبة تمثيل المرأة ضعيفة مقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة، لكنها جاءت بالاستحقاق لا بنظام (أكبر البواقي) كما في البرلمانات السابقة، وكل من صعد من النساء أو الرجال وفق النظام الانتخابي الجديد إنما صعد عن جدارة عبر اقتراع الشعب مباشرة".
أما بخصوص دور النساء في صنع القرار بالبرلمان الجديد في ظل صلاحيات وصفت بالمحدودة، فتقول المسدي إن "الصلاحيات ليست كذلك، لأنها صلاحيات مجلس نواب في نظام حكم رئاسي وليس برلمانياً، وبالنسبة إلينا فصلاحياتنا هي تشريعية بالأساس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تعتقد المسدي أن "النائبات الـ25 الفائزات سيكون لهن دور أساسي في تأكيد مكتسبات المرأة التونسية وتثمينها، وأيضاً محاربة التمييز الذي تعانيه المرأة في الجانب الاقتصادي، بخاصة في القطاع الفلاحي، بالتالي سيكون لهن دور كبير في بناء الجمهورية الجديدة".
وتفيد المسدي أنها ستسعى إلى تعديل القانون الانتخابي قبل الانتخابات البلدية المقبلة، مؤكدة أن "القانون الانتخابي كان عائقاً أمام عديد من المترشحين".
وتضيف أن "من أولويات المجلس إنقاذ اقتصاد البلاد، ومحاولة وضع ميزانية تكميلية، وأيضاً وضع تشريعات جديدة تخص رقمنة الإدارة وتدوير النفايات، والاهتمام أكثر بالجانب البيئي، وفي الجانب السياسي سيكون من بين أولويات المجلس الجديد تنظيم الحياة السياسية والجمعياتية، ومحاربة الفساد".
واقع ذكوري
من جهة أخرى، ترى رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة راضية الجربي أن "القانون الانتخابي كان عائقاً حقيقياً أمام ترشح المرأة، مما جعل نسبة مشاركتها في البرلمان ضعيفة".
وتضيف "في بحر السنة وجدت نساء تونس أنفسهن من دون قانون يحمي حظوظهن في الترشح، وذلك بإلغاء قانون التناصف في الدستور الجديد، وهو ما انتقص من مكتسبات المرأة التونسية التي ناضلت من أجلها لسنوات".
وتواصل الجربي "المرأة التونسية لم تشارك بالانتخابات في ظل واقع ذكوري بالأساس، وبمقتضى قانون لا يحفز على الترشح، وأيضاً بسبب عدم الثقة في البرلمان المقبل الذي لن يغير شيئاً من واقعها أو واقع المجتمع، لضعف صلاحياته في ظل الدستور الجديد".
وتضيف "لقد قام الاتحاد الوطني للمرأة التونسية بدور كبير في تشجيع النساء على المشاركة في الحياة السياسية ودفعهن إلى الترشح للانتخابات، وعلى رغم كل المصاعب نجحنا في اقتناص 35 مقعداً في الانتخابات البلدية السابقة، وخمسة مقاعد في الانتخابات التشريعية الحالية".
ترى الجربي أن هناك اقتناعاً في تونس بأن المرأة أصبحت لها مكانة في صنع القرار، وأثبت الشعب التونسي أن ثقته في المرأة مرتفعة جداً، بالتالي يجب البناء على هذا المعطى المهم، وضرورة إرجاع قانون التناصف، وأيضاً مراجعة القانون الانتخابي.
قمة التمييز
في المقابل، يقول الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي، إن "المرأة التونسية لأول مرة حظيت بنسبة أكثر من 16 في المئة في الاستحقاق البرلماني من دون تدخل السلطة في تمثيلها بقوانين المناصفة وغيرها، ومرة أخرى تثبت النخبة التونسية أنها متخلفة على الشعب، بدليل أن أغلبية النساء اللاتي صعدن للدور الثاني في الانتخابات التشريعية وفزن بمقاعد في البرلمان أغلبهن من المناطق الداخلية والريفية، وفكرة أن الشعب التونسي لا ينتخب المرأة ليست موجودة إلا في عقول النخب التي تعتاش من القضايا النسوية والحقوقية".
لكن النابتي لم ينكر أن القانون الانتخابي كان عائقاً أمام كل المترشحين، بخاصة النساء، ويرى أن "على البرلمان المقبل أن يفكر في تغيير هذه النقاط". في الوقت نفسه يعتقد أن "المرأة التونسية لا تحتاج قوانين مناصفة، لأنها قادرة على اقتناص مكانها من دون مزايا، وهذه القوانين هي قمة التمييز بين الجنسين"، بحسب تعبيره.
أما الحقوقية شفيقة نويرة فتقول إن "النساء اللاتي صعدن إلى البرلمان الحالي، وإن كان عددهن قليلاً مقارنة بالبرلمانات السابقة، سيكون حضورهن قوياً وكلمتهن مسموعة، ولن يصبحن صورة شكلية فقط، فسابقاً كانت الأحزاب مجبرة على فرض التناصف، ولهذا لا يهم العدد بقدر أهمية دورهن داخل المجلس".