قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز، الخميس، إن الحكومة الإيرانية أصبحت غير مستقرة بشكل متزايد بسبب ما يحدث داخل البلاد.
وفي حديثه في فعالية للسياسة الخارجية بجامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة، أشار بيرنز إلى شجاعة من وصفهن بالنساء الإيرانيات "اللائي سئمن".
"الحرية أو الموت"
من جانبه، أعلن المخرج الإيراني جعفر بناهي المسجون في طهران منذ ستة أشهر أنه بدأ إضراباً عن الطعام احتجاجاً على ظروف احتجازه، وفقاً لبيان أصدرته زوجته، الخميس.
وأوقف جعفر بناهي الذي حازت أفلامه جوائز ضمن مهرجانات سينمائية أوروبية عدة في يوليو (تموز) الماضي، قبل بدء موجة الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ سبتمبر (أيلول).
ولا يزال بناهي محتجزاً في سجن إوين في طهران على رغم الآمال التي انعقدت بالإفراج عنه الشهر الماضي.
وقال المخرج السينمائي الذي بدأ إضراباً عن الطعام في الأول من فبراير (شباط) الحالي، "مثل كثير من الأشخاص المحاصرين في إيران اليوم، ليس لدي خيار سوى الاحتجاج على هذا السلوك اللاإنساني بأكثر ما أعتز به: حياتي"، مضيفاً "سأرفض تناول الطعام والشراب وأخذ أي دواء حتى إطلاق سراحي".
وتابع، "سأبقى على هذه الحال حتى يخرج جسدي بلا حياة من السجن".
وكان جعفر بناهي (62 سنة) أوقف في الـ11 من يوليو الماضي لقضاء حكم بالسجن مدة ست سنوات صدر عام 2010 بتهمة "الدعاية ضد النظام".
لكن في الـ15 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ألغت المحكمة العليا الحكم وأمرت بمحاكمة جديدة، مما أعطى محاميه الأمل في الإفراج عنه.
وحاز بناهي جائزة "الأسد الذهبي" في مهرجان البندقية عام 2000 عن فيلمه "الدائرة" (The circle)، وفي عام 2015 حاز جائزة "الدب الذهبي" في برلين عن فيلم "تاكسي طهران" (Taxi Tehran)، وعام 2018 فاز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان "كان" السينمائي عن فيلم "ثلاثة وجوه" (Three faces).
وجاء توقيفه في يوليو بعد أن شارك في جلسة محاكمة مخرج آخر هو محمد رسول آف الذي ألقي القبض عليه قبل أيام من ذلك.
وأطلق سراح رسول آف في السابع من يناير (كانون الثاني) الماضي بعد أن منح إذناً لمدة أسبوعين لأسباب صحية.
وثمة شخصيات سينمائية من بين آلاف الأشخاص الذين اعتقلوا في إيران ضمن حملة قمع الاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني، وهي شابة إيرانية كردية أوقفت للاشتباه بانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في البلاد.
وكانت الفنانة ترانه عليدوستي التي نشرت صوراً لها من دون الحجاب من بين الذين أوقفوا قبل الإفراج عنها مطلع يناير الماضي بعد نحو ثلاثة أسابيع من اعتقالها.
نحو الانهيار الداخلي
في انتقاد داخلي نادر من مسؤول رفيع، حذر المساعد السابق للرئاسة الإيرانية في حكومة الرئيس حسن روحاني، محمد رضا صالحي، خلال اجتماع للإصلاحيين في التيار المحافظ من الانهيار الداخلي للنظام الإيراني، مطالباً بتحديد صلاحيات المرشد الأعلى علي خامنئي، وفق ما أفاد موقع "إيران إنترناشيونال" نقلاً عن تسجيل صوتي حصل عليه.
وفي ضوء الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ وفاة الشابة مهسا أميني خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، استعرض صالحي خلال اجتماع عقد في الـ 30 من يناير (كانون الأول) بحسب "إيران إنترناشيونال"، أربع سيناريوهات أمام الإصلاحيين في إيران، الأول "الأمل في تدخل أجنبي" إن عسكرياً أو سياسياً عبر توكيل رضا بهلوي النجل الأكبر وولي عهد شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي الذي أطيح من السلطة إثر ثورة عام 1979، والثاني هو الانضمام إلى المتظاهرين و"مساعدة الثورة" في إيران، والخيار الثالث هو انتظار "تفشي الفساد الاجتماعي والاقتصادي المتزايد وبالتالي انهيار النظام من الداخل". والسيناريو الرابع والأخير هو العمل بجدية على إحداث تغيير في هيكلية النظام من خلال تقليص صلاحيات وسلطات الأشخاص في المناصب غير المنتخبة وغير الخاضعة للمحاسبة، فيي مقابل تعزيز البنية الجمهورية للنظام واستعادة حق الناس في تقرير مصيرهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي التسجيل الصوتي انتقد المسؤول السابق أداء النظام من "حظر النقد وتجريم إبداء وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظر الحاكم"، إلى مشروع قانون الموازنة الذي أعدته حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي والذي اعتبره صالحي سبباً في "اتساع الفقر"، إذ إن زيادة الدعم المالي للفقراء فيه تبلغ "صفراً في المئة".
تقليص صلاحيات خامنئي
وفيما دعا الإصلاحيين في صفوف المحافظين والمسؤولين السابقين في حكومة روحاني إلى عدم الانضمام للحركات الاحتجاجية، طالب صالحي باعتماد السيناريو الرابع والعمل على تقليص نطاق سلطة خامنئي وتغيير دستور النظام الإيراني في محاولة للسيطرة على سلوك خليفة المرشد الأعلى.
وتوجّه إلى النائب الأول السابق في حكومة روحاني، إسحاق جهانغيري الذي كان حاضراً في الاجتماع، طالباً منه أن يشرح لخامنئي الوضع الراهن في البلاد ويقنعه بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وبتعزيز حقوق الشعب الإيراني وإيلاء أهمية أكبر للهيئات المنتخبة وتنظيم علاقات الرئيس مع السلطات الأخرى.
وشدد صالحي على ضرورة إقناع خامنئي البالغ من العمر حالياً 80 عاماً بهذه الإصلاحات، مشيراً إلى أن خلفه قد يرفض إجراء أي استفتاء في هذا الصدد.
كما دعا المسؤول الإصلاحي السابق إلى إجراء استفتاء في شأن استئناف العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة وإحياء الاتفاق النووي وحظر تدخل المؤسسات العسكرية في الشؤون السياسية.
وفي ما يتعلق بالاحتجاجات عارض صالحي تسمية النظام للمتظاهرين بـ "مثيري الشغب"، مؤكداً أن الذين خرجوا إلى الطرقات "متظاهرون"، محذراً من إعدام المحتجين وواصفاً ذلك بـ "القتل المنهجي"، ومعتبراً أن الإعدامات التي تمت في هذا الصدد لم تجر في ضوء محاكمات عادلة.
وروى صالحي بحسب "إيران إنترناشيونال" أنه في الأيام الأولى بعد مقتل مهسا أميني عرض قائد الشرطة حينها حسين أشتري على وزير الداخلية تقديم اعتذار وإقالة بعض العناصر المتورطين في الحادثة، إلا أن الوزير عارض ذلك وطلب التعامل مع المحتجين.
مُخرج يضرب عن الطعام
وفيما تتواصل التحركات المناهضة للنظام أفادت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) اليوم الخميس أن المخرج الإيراني جعفر بناهي بدأ إضراباً عن الطعام في السجن للاحتجاج على رفض السلطات إطلاق سراحه بكفالة في انتظار إعادة المحاكمة.
واعتقل بناهي في يوليو (تموز) وقال إنه سيؤدي عقوبة سجن مدتها ستة أعوام حكمت بها في الأصل محكمة في طهران عام 2010، وذلك وسط تكثيف لقمع المعارضة في البلاد.
وكتب بناهي (62 عاماً) في رسالة، "بموجب القانون كان ينبغي إطلاق سراحي بكفالة بعد قبول طلبي لإعادة المحاكمة، ولكن قضيتي ظلت تتأجل لأكثر من 100 يوم".
وأضاف، "هذا تناقض صارخ مع المحاكمات العاجلة للشبان الأبرياء الذين يعدمون بعد 30 يوماً من اعتقالهم".
ولم يصدر رد فعل من السلطات الإيرانية في وسائل الإعلام الرسمية على تقرير "هرانا".
وقالت السلطة القضائية الإيرانية في يوليو إن بناهي سيؤدي عقوبة سجن مدتها ستة أعوام على خلفية اتهامات بنشر "دعاية مضللة ضد النظام" وتحريض الاحتجاجات المعارضة بعد انتخابات عام 2009 التي أدت إلى فوضى سياسية على مدى أشهر.
وحتى الآن أُعدم أربعة على الأقل شنقاً منذ بداية الاحتجاجات، بحسب السلطة القضائية، واتهمت إيران "الأعداء الأجانب" بتأجيج الاضطرابات.
وحصد بناهي جائزة "الكاميرا الذهبية" ضمن مهرجان كان السينمائي عام 1995 عن فيلمه "ذا وايت بالون"، كما فاز أيضاً بجوائز دولية عدة من بينها جائزة "الدب الذهبي" بمهرجان برلين السينمائي الدولي عام 2015 عن فيلمه "تاكسي".