Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الدولرة" تدفع الجامعات الخاصة لمقاضاة الدولة اللبنانية

الخلاف وقع بعد قرار وزارة المال بفرض ضرائب على "الأجور المدولرة"

 لجأت الجامعات الخاصة إلى "دولرة" رواتب الأساتذة لتحفيزهم على البقاء في لبنان (اندبندنت عربية) 

شكل قرار #وزارة_ المال في #لبنان بتقاضي الضريبة على الرواتب "#المدولرة" تحدياً للجامعات الخاصة. وأخيراً، قامت 19 جامعة بالتوقيع على عريضة لتقديم شكوى جماعية أمام #مجلس_ شورى_ الدولة الذي يعنى بالمراجعات ضد قرارات الإدارة العامة والدولة.

ودخلت الضريبة على "الأجور المدولرة" موضع التنفيذ في لبنان، وسط اعتراض قطاع كبير من الأساتذة الجامعيين والأطباء والموظفين الذين يتقاضون جزءاً من أجورهم بالدولار. وجاءت قرارات وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل نتيجة تلقائية لبنود موازنة 2022، والتي هدفت إلى زيادة واردات الخزانة العامة، عن طريق فرض ضريبة الدخل على تلك الأجور وفق المادة 35 من قانون الموازنة العامة، الذي يحدد سنوياً المداخيل والنفقات التقديرية للدولة. وجاء القرار ضمن سياق عام توصل إلى رفع سعر الصرف الرسمي للدولار إلى 15 ألف ليرة لبنانية بدءاً من أول فبراير (شباط) 2023، ومن ثم إعلان نهاية عصر الـ1500 ليرة الذي شكل طوال ثلاثة عقود من الزمن رمزاً لاستقرار سعر الصرف الليرة الذي وضعه رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في بداية التسعينيات.

 

في موازاة ذلك، برز رد فعل سلبي من الفئة المتضررة من رفع الضريبة، انطلاقاً من أثر مفعوله الرجعي على الاستقرار المالي والوظيفي، حيث يستعد ائتلاف مؤلف من 19 جامعة خاصة في لبنان لتقديم دعوى أمام مجلس شورى الدولة الذي يتولى مهام القضاء في لبنان، وينظر بالمراجعات المقدمة ضد الضرائب المباشرة وغير المباشرة. وتؤكد أوساط وزارة المالية أنها ماضية بتطبيق قرار الضريبة على المداخيل "المدولرة"، بغض النظر عما يحكى عن دعاوى قضائية ضد قرارات وزير المال التي حدد فيها طرق احتساب الضريبة واقتطاعها.

قرارات "دولارية"

اعتمدت وزارة المالية سعر 15 ألف ليرة لبنانية لاحتساب ضريبة الدخل بعد اعتراضات كبيرة لاعتماد منصة صيرفة التي باتت تساوي 42000 ليرة لبنانية، فيما حدد الوزير خليل سعر ثمانية آلاف ليرة للدولار لاحتساب ضريبة الدخل للأجور المسددة قبل 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، تاريخ نشر الموازنة في الجريدة الرسمية، أما الأجور المسددة بعد تلك الفترة فيبدأ احتسابها وفق سعر 15 ألف ليرة لبنانية للدولار، أما فيما يتعلق بتلك المسددة بموجب شيك مصرفي فيعتمد إجراء مختلف، وهو سعر ثمانية آلاف ليرة لبنانية للدولار على أول ثلاثة آلاف دولار، و1507 على باقي المبلغ.

اعتمدت قرارات المالية مبدأ التصاعدية، حيث تحتسب اثنين في المئة على من يبلغ راتبه من صفر إلى 18 مليون ليرة لبنانية، أي من يتقاضى ما دون 450 دولاراً. وأربعة في المئة لمن يتقاضون 1125 دولاراً، وما دون، وسبعة في المئة لمن يتقاضى 2250 دولاراً، وما دون.

كما فتحت الباب أمام أصحاب العمل الذين استمروا بدفع الأجور وتعويضات مستخدميهم بالليرة اللبنانية، دون أن يحولوها إلى دولار نقدي أو شيك أو حوالة، التقدم بطلب استرداد الضريبة المدفوعة بالزيادة.

ائتلاف رافض

وانضمت إلى الائتلاف الرافض نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان، ويوضح النقيب سليمان هارون، "لم يتم تقديم الدعوى حتى الآن أمام مجلس شورى الدولة، وذلك بانتظار آراء المستشارين القانونيين لناحية تحديد إذا ما كانت الرابطة تمتلك الصفة القانونية للادعاء بصورة جماعية. ومن ثم الادعاء للمطالبة بحقوق الجامعات كمؤسسات، كذلك أطباؤها وموظفوها".

يلفت هارون سبب انضمام النقابة إلى فريق الادعاء، لأن في لبنان هناك مستشفيات جامعية، وكذلك مستشفيات تستقبل أطباء متدربين ومتعاقدين مع جامعات، ويبلغ عددها نحو 15 مؤسسة. ويلفت إلى أن تلك المؤسسات متضررة من قرارات وزير المالية لأكثر من ناحية، فمن جهة تأتي القرارات لتقر الضريبة بمفعول رجعي، أي على الموظف دفعها بعد فترة طويلة من تقاضيها وصرفها، ومن جهة أخرى، كانت المؤسسات الجامعية تتقاضى دولاراً مخفضاً أقل من صيرفة، ومن سعر الصرف، وهذا الأمر ينطبق على الأطباء والموظفين، بحسب هارون، الذي يوضح أن "الأطباء والموظفين الذين يتقاضون أجورهم بالدولار، يتقاضون مبالغ أقل بكثير مما كانوا يتقاضون في السابق، وقد قررت المؤسسات منحهم مبالغ بالدولار من أجل الحفاظ عليهم والاستفادة من خبرات ما تبقى من كوادر، لذلك فإن فرض ضريبة مرتفعة على أجور منخفضة نسبياً قد يقود إلى مزيد من الهجرة"، مشيراً إلى أن "القطاع الطبي في حالة صعبة، وسيواجه مزيد من الانهيار في حال فرض أعباء إضافية عليه، ومن ثم رحيل كوادره البشرية الشابة، وصاحبة الكفاءة بعد فرض ضريبة تصل إلى 25 في المئة من مداخيلهم".

رابطة الجامعات تحذر

من جهتها، جددت "رابطة جامعات لبنان" رفضها قرارات الوزير خليل في شأن ضريبة الدخل، واصفة إياها بـ"فرض ضرائب عشوائية جديدة على المكلفين في القطاع الخاص، وتحديداً الجامعات الخاصة التي ترزح تحت أعباء كبيرة"، وأعلنت عن نيتها "اتخاذ إجراءات تصعيدية وتقديم مراجعة إبطال لتجاوز السلطة أمام مجلس شورى الدولة، لوقف تنفيذ القرارات الثلاثة الأخيرة: القرار 686/2022، والقرار 2/2023 والقرار 3/2023، ولأنها ستتسبب لعدد كبير من خيرة موظفيها وأساتذتها الذين سيهاجرون أو يتركون الجامعات إلى قطاعات أخرى". وحذر بيان رابطة الجامعات أن "جامعاتنا مهددة بالإقفال، وهناك هجرة غير مسبوقة للكادر التعليمي والأطباء، وطلابنا مهددون بخسارة مستقبلهم، ولبنان مهدد بكيانه وبتدمير مستقبل أجياله، وتحويلنا إلى مجتمع رجعي بسبب اللامبالاة في القرارات الحكومية".

نحو "الدولرة" الشاملة

تتباين النظرة إلى ضريبة الدخل على الأجور "المدولرة"، فالدولة منهارة اقتصادياً، وتبحث في عن مزيد من المداخيل لتغذية وارداتها وتقديماتها في مقابل شريحة من الموظفين تتقاضى جزءاً من أجورها بالدولار كضمانة لها في مواجهة الانهيار في سعر صرف الليرة اللبنانية، ولكن يبقى السؤال: هل يمكن أن ننتقل إلى مرحلة اقتطاع ضريبة الدخل بالدولار "الفريش"؟

توضح المتخصصة في الاقتصاد النقدي ليال منصور أن قرارات وزير المالية تأتي ضمن سياق رفع سعر الدولار الرسمي في لبنان من 1507 إلى 15 ألف ليرة لبنانية، بالتالي فإن الحكومة مقيدة بسعر الصرف الرسمي، ولا يمكنها تقاضيها على سعر صيرفة أو دولار السوق الحرة، حيث سيتم تحويل الأجور إلى سعر الصرف الرسمي، ومن ثم دفع الضريبة وفق الحاصل، حيث سيصبح 15 ألفاً هو معيار لتحصيل الرسوم والضرائب لتحقيق إيرادات الدولة. وتجزم بأن "الدولة لا يحق لها المطالبة بالدولار (الفريش) إلا إذا تحولت إلى مرحلة (الدولرة) الشاملة، أي إذا ما استغنت عن الليرة اللبنانية، ليحل محلها الدولار في جميع المعاملات. وعليه، طالما أنها لن تستغني عن العملة الوطنية، سيبقى عليها التزام تحويل الدولار إلى سعر الصرف الرسمي لتحديد الرسوم والضرائب".

رد وزارة المالية

وفي بيان لوزراة المالية أوضحت أن "شطور الضريبية التي تعدلت بقانون موازنة العام 2022 كانت على أساس سعر صرف 15 ألف ليرة، فيما الدولار الفعلي كان بحوالى 40 ألفاً واليوم أصبح السعر الفعل 65 ألفاً، ولهذا اتخذت وزارة المالية قراراً باعتماد سعر 15 ألفاً، وهنا نلاحظ أن الموظف الذي يقبض "فريش" دولار يحصل على تنزيل مباشر لأن الوزارة ستحتسب الدولار على سعر 15 ألفاً وليس كما يتم تداوله في السوق، مما يعني أن من يتقاضى 1000 دولار فريش يدفع الضريبة على أساس دولار 15 ألفاً، وبالتالي فان المبلغ الخاضع للضريبة هو 15 مليوناً، مما يعني وفق الصرف الفعلي أعفي من الضريبة على 50 مليون ليرة من أصل القيمة الإجمالية لراتبه". ويضيف البيان "كما يستفيد المكلف من التنزيل العائلي الذي تمت زيادته خمسة أضعاف عما كانت عليه، أضف إلى أن الضريبة تؤخذ وفق شطور موسعة مما يخفف حجمها".
أما في ما يتعلق بإمكان إعادة النظر بالضريبة فتجيب أوساط وزارة المالية عن أن هناك إعادة نظر دورية، ذلك أن الوزارة تدرس الموضوع مع صندوق النقد الدولي لتعديل الشطور الضريبية لتأتي مرتبطة مع تضخم العملة اللبنانية، كي لا نعيد النظر بها في كل مرة زيادة أو خفضاً، ولتكون الشطور متحركة لتحاكي عملية التضخم.

اقرأ المزيد