انهمرت الصواريخ أولاً، مع تقدم #القوات_الروسية باتجاه #إربين في الأيام التي أعقبت #هجوم_أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي.
كانت البلدة الصغيرة هدفاً رئيساً على الطريق إلى كييف، العاصمة التي سعت قوات فلاديمير بوتين إلى السيطرة عليها في وقت مبكر من النزاع، وكانت كذلك واحدة من أولى البلدات التي تعرضت إلى قصف وحشي من قبل جيش موسكو الذي جرى حشده حديثاً.
حولت نيران المدفعية والضربات الصاروخية جزءاً كبيراً من البلدة إلى أنقاض مع فرار المدنيين جماعياً من منازلهم وأخذت القوات الأوكرانية مكانهم وتبادلت إطلاق النار مع الروس في الشوارع المحترقة.
دخلت الدبابات إلى إربين وجالت حول المدينة لتأمين المنطقة من ضمن خطة استهدفت تطويق كييف. وإذ بحثت دبابة مع مجموعة من الجنود عن مكان للاستقرار مع انتهاء الشهر الأول من الهجوم في 23 مارس (آذار)، شقتا طريقهما إلى حي سكني مسور.
كانت أولينا ميكولسكا تعيش هناك.
وهي عادت مع شريكها وطفليها في الأشهر التي تلت ذلك، لكنها تقول إنها لا تستطيع أن تأمل في البقاء لأن الجنود الروس دمروا مبناهم.
فرت أولينا وعائلتها في الاندفاع الجنوني لمغادرة إربين قبل أسابيع من تدمير المبنى. ما تعرفه عن الهجوم على منزلها يأتي من الاتصال بالجيران الذين بقوا هناك – وجميعهم ماتوا الآن – وجهد من المجتمع المحلي لتجميع ما حدث هناك.
في حديثها إلى "اندبندنت" من خلال مترجم، تقول أولينا، "عندما دخلت القوات الروسية إلى مجمعنا السكني بدبابتها، أوقفتها مباشرة بين المباني كما لو أنها تختبئ، وأطلقت الدبابة طلقات حارقة على شققنا في شكل عشوائي. وخلّف ذلك على المباني مستويات متفاوتة من الأضرار: أُحرِقت بعض الشقق بالكامل، وبقي بعضها سليماً إلى حد ما".
وأضافت "واقتحم الجنود الشقق، وأخذوا أي أغراض كان يمكنهم استخدامها، ورموا الباقي من النوافذ".
وأكملت حديثها بالقول "في الفناء، كانت لدينا حديقة جميلة جداً، تضم أشجاراً وشجيرات وملعباً للأطفال. قطعوا الأشجار للحصول على الحطب، ثم جرفوا الشجيرات وملعب الأطفال بدباباتهم. أحمل شخصياً انطباعاً بأن هدفهم كان ببساطة تدمير كل ما رأوه".
وتشير أولينا إلى أنها حاولت إقناع جارها المباشر بالمغادرة، لكنه رفض لأنه كان قد فر بالفعل من لوهانسك عندما اندلع النزاع الانفصالي عام 2014.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقول، "في اليوم الذي أُطلِقت فيه النار على البيت، بقي ثلاثة أشخاص فقط في المبنى. نُقِلوا جميعاً للخضوع إلى استجواب وأُعدِموا في نهاية المطاف. لا أحد يعرف السبب بالتأكيد".
لم تصبح إربين مثالاً يُحتذَى به لأولئك الذين يروون عن الفظائع الروسية، على عكس بلدة بوشا المجاورة، حيث أُعطِي الغرب لمحة مبكرة عن وحشية جنود بوتين. لكن محققين مستقلين عثروا على جثث مدنية تحمل آثار تعذيب في كلتا البلدتين.
وفصل تقرير صادر عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا كيف قتلت القوات الروسية ثمانية مدنيين، بينهم طفلان، أثناء فرارهم من إربين في سيارة. وأفاد مفوضو حقوق الإنسان الأوكرانيون بأن طفلين عُثِر عليهما ميتين في البلدة، تحمل جثتيهما علامات اغتصاب وتعذيب.
بقيت أولينا وعائلتها بعيداً حتى استعادت القوات الأوكرانية إربين أواخر مارس من العام الماضي، مع انسحاب القوات الروسية من ضواحي كييف وإعادة التجمع في الأجزاء الشرقية والجنوبية من البلاد.
لم يتمكنا من العودة إلى منزلهما، على رغم أنهما حاولا إصلاح السقف، ويعيشان في مسكن مستأجر مع عائلة شقيقة أولينا ووالدتهما منذ ذلك الحين.
تقول أولينا: "منذ الهجوم، طرقنا العديد من الأبواب للحصول على مساعدة.
وفي نهاية المطاف، صادفتا "يونايتد 24" United24، وهي مؤسسة خيرية مدعومة من الدولة تعمل في أنحاء أوكرانيا كلها لترميم المباني السكنية التي دُمِّرت في الحرب وإعادة بنائها. ووُضِع المبنيان في مجمع أولينا على قائمة المرحلة الأولى من برنامج المؤسسة الخيرية، الذي بدأ في يناير (كانون الثاني).
تضرر حوالى 27 ألف مبنى في منطقة كييف وحدها منذ بدء الهجوم الروسي، وفق التقديرات الأوكرانية. ويقول مسؤولون إن معظمها مبان سكنية. كذلك عانى الأوكرانيون نتيجة لهجوم القوات الروسية على البنية التحتية للطاقة في البلاد قبل فصل الشتاء.
وتشير التقديرات إلى أن التكلفة الإجمالية للترميم تزيد على 100 مليار جنيه استرليني (120 مليار دولار). وتفيد "يونايتد 24" بأن 18 مبنى فقط ستكلف حوالى 16 مليون جنيه، تأتي من جهات مانحة في أنحاء العالم كله. وتؤكد المؤسسة الخيرية أن أربعة آلاف و237 أوكرانياً سيُعَاد إسكانهم في المرحلة الأولى، في حين أن خططاً تُعَد لتوسيع البرنامج.
تقول أولينا، "بالنيابة عني وعن مجتمعي المحلي، أود أن أعرب عن امتناني لجميع الناس في أنحاء العالم كله الذين يشعرون بألمنا ويقدمون تبرعات".
وتضيف "ربما قرر شخص ما عدم شراء فنجان من القهوة، وعدم شراء هاتف آيفون جديد، والتبرع بدلاً من ذلك لهذه المنصة – أريدهم جميعاً أن يعرفوا أن الأشخاص الذين تساعدونهم يحتاجون إلى هذه المساعدة، وأعرب عن امتناني الكبير للدعم العالمي".
قريباً سيكون لعائلتها منزل جديد، لكن أولينا تجد صعوبة في المضي قدماً، نظراً إلى الطريقة التي خسرت العائلة بها المنزل القديم. تخطر الحرب في ذهنها في كثير من الأحيان. تؤكد أنها لا تحترم سلوك القوات الروسية، لكنها تشعر بالتعاطف مع الروس العاديين.
تقول، "إذا كان في مقدور الشعب الروسي أن يسمعني، سأقول لهم إن عليه القتال أيضاً، لكن ليس ضدنا. مثلما ناضلنا من أجل استقلالنا، يجب أن يناضلوا من أجل استقلالهم وليس من أجل مصالح شخص واحد".
© The Independent