أرخت مناظر الدمار التي أحدثها #الزلزال الذي ضرب سوريا فجر أمس الإثنين وبلغت قوته 7.9 درجة على مقياس ريختر بظلاله على وسائل #التواصل_ الاجتماعي، حيث انتشرت صور الخراب والأحياء التي سويت بالأرض ومحاولات إنقاذ الضحايا كالنار في الهشيم.
ولكن بين هذه الصور تظهر صور لأب وابنتيه أو صورة لعائلة في مناسبة ما بكامل أناقتهم ويبتسمون، فما إن تبادر لرسم ابتسامة مثلهم على وجهك سرعان ما تقرأ أنهم على #قائمة_ ضحايا الزلزال المميت.
رحلوا كحلم
ما الطريقة التي ستعزى فيها أم فراس الثكلى التي فقدت فراس وأخته منى، وهما طالبان في الجامعة بعمر الورد، أو كيف يستطيع عقل أن يستوعب أن هناك 22 شخصاً توفوا من عائلة واحدة كما حدث لطبيب أمراض الكلى في جامعـة تشـرين أسامة العنان، وكيف سيعود أحد الآباء إلى منزله وقد فقد زوجته ابنة الـ32 سنة مع ولديهما اللذين لم يتجاوزا الخمس سنوات.
عائلات بأكملها قضى عليها هذا الزلزال وأصابها في بيوتها وهي آمنة، لم يكترث لطفل ينام ملء عينه أن يستيقظ صباحاً ليتابع نشاطه وحركته ولعبه مع إخوته وأصدقائه، أو لأب وضع خطة الشهر ليعيل عائلته بأقصى ما يستطيع من جهد وعمل، ولم يكترث لقلب أب وأم عجوزين وما سيحل بهما عندما يفقدان أبناءهما وأحفادهما، وغيرهم كثر ممن فقدهم المجتمع السوري في لحظة كالحلم.
لم يكن فجر يوم الزلزال عادياً، وكأنما الطبيعة انتفضت من باطنها إلى سمائها، فغصت السماء بالغيوم التي كانت تفرغ حمولتها بشكل دافق من دون توقف، حتى إن خبراء الطقس توقعوا لهذا اليوم وما يليه منخفضاً هو الأقصى هذا العام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
برد ومطر وظلام حالك وزلزال وأجساد من لحم ودم اعتصرتها الأنقاض وأخرى استطاعت النجاة، فلم تجد سوى العراء الذي يلفه الصقيع منزلاً لها.
كانت هذه حال معظم السوريين تلك الليلة في جميع المحافظات، حيث خرجوا من منازلهم بلباس النوم وبعضهم حفاة إلى الطرقات العامة، فقوة الزلزال لم تسمح لأحد بالتفكير إلا بالنجاة بنفسه وبأحبائه، وغصت الشوارع بالناس الذين إما توقفوا ينتظرون نهاية لتموج الأرض من تحتهم، وآخرون ركبوا سياراتهم وباتوا فيها، ومنهم من ابتعد عن المناطق السكنية، خصوصاً البنايات ذات الطوابق المرتفعة إذ تعتبر الأكثر خطراً، وكان المشهد سينمائياً لكثيرين عاشوا للمرة الأولى هذا الخوف والهلع، فهناك من يبكي وهناك من يركض تحت المطر ومن ينادي على أحبائه ليجمعهم ويسيروا إلى مكان واحد ويبقوا مع بعضهم بعضاً.
السوريون يمدون يد العون لإخوتهم
خلال أقل من 24 ساعة تداعى السوريون بالنداءات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ناشرين أرقامهم الخاصة معلنين استعدادهم لاستقبال كل شخص شرده الزلزال وفي جميع المحافظات السورية، فما على الشخص إلا الاتصال بالأرقام التي تداولها أكبر عدد من النشطاء ليحصل على سقف يؤويه، كما عرض بعضهم أفكاراً جديدة تساعد على إيواء المتضررين ومنها الاستعانة بالحاوية المعدنية (الكونتينر) الموجودة في المرفأ، حيث يتوافر ملاذ آمن للباحثين عن مأوى، إضافة إلى أنه نقطة تجمع موقتة لفرق الإنقاذ.
ومن أكثر المناطق التي استدعت الانتباه السكن الجامعي في المحافظات التي شعرت بقوة بالزلزال، بحيث خرج نداء استغاثة في مدينة طرطوس يعلن عن وجود أكثر من 70 طالبة وطالباً من محافظات أخرى، خصوصاً السويداء ليس لديهم مأوى وأن هناك حالات إغماء وأخرى تعاني وضعاً نفسياً سيئاً، وبعدها تحركت مبادرات كثيرة للإسهام بنقل الطلاب الجامعيين كل إلى محافظته وكذلك عممت الأرقام للتواصل.
كما أعلنت صيدليات عدة في مدينة حلب بعد أقل من ساعة على وقوع الزلزال استعدادها لتقديم الأدوية والإسعافات الأولية لكل من يقصدها بالتزامن مع الإجراءات التي اتخذها النظام السوري باستنفار جميع الوزارات بما فيها القطاع الصحي وتأمين مراكز الإيواء وكل مستلزمات الأغذية للمواطنين المتضررين من الزلزال.
الحصار يمنع الإنقاذ
أكثر ما يؤثر في عملية سحب العالقين تحت الأنقاض هو نقص الإمكانات في سوريا، خصوصاً المستلزمات اللوجستية من الرافعات التي اتجه كثير من أصحابها إلى الأماكن المتضررة للمساعدة في عملية الإنقاذ، إضافة إلى أن بقية المستلزمات تعتبر خجولة، إذ إن الأهالي انتظروا في مناطق متفرقة وصول فرق الإنقاذ، مما اضطرهم إلى استخدام الأدوات التقليدية مما توافر لهم لإنقاذ عوائلهم، لكن هناك مئات من العالقين الذين يحتاجون إلى مساعدة لإخراجهم وهم أحياء قبل أن ينال البرد والجوع منهم هذا إن لم يكونوا مصابين بأي أذى.
منظمة الصحة العالمية دخلت على خط الأزمة وأعلنت أن عدم توافر الوقود في سوريا سيشكل تحدياً كبيراً لعملية الاستجابة لمساعدة المتضررين من الزلزال.
وتعاني سوريا في ظل هذا الوضع الإنساني الذي ناشدت فيه العالم لمساعدتها في محنتها، حصاراً يمنع وصول المساعدات إليها بشكل مباشر، بحيث إن عدداً كبيراً من شركات الشحن الجوي امتنعت عن الهبوط في مطار دمشق خشية من العقوبات الأميركية والأوروبية على البلاد، مما دفعها إلى الطلب من شركات الطيران السورية نقل أطنان المساعدات على متن طائراتها المدنية. وكانت أولى الفرق التي وصلت إلى سوريا من الجزائر، تلتها الإمارات وتونس والعراق والأردن وإيران.