أقر مجلس #النواب_الليبي تعديلات جديدة على #الإعلان_الدستوري الذي بدأ العمل به منذ عام 2011 في بعض المواد ذات العلاقة بنظام الحكم، فاتحاً الباب لتساؤلات كثيرة حول تأثير تلك الخطوة على المشهد السياسي المتوتر.
وبينما رأى فريق من المراقبين أن تلك الخطوة ستقرب وجهات النظر بين الأفرقاء السياسيين، يعتقد آخرون أنها ستزيد الخلافات مع الأطراف في الضفة المعارضة لمجلس النواب التي اعتادت أن تتعامل بحساسية كبيرة مع أي مساس منه بالشأن الدستوري.
وفي المسار العسكري بدأت اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" جولة مفاوضات جديدة في القاهرة لمناقشة أكثر ملفاته تعقيداً، وهو ملف خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد.
تعديل بالإجماع
وقال المتحدث باسم البرلمان الليبي عبدالله بليحق إن "مجلس النواب أقر خلال جلسته في بنغازي أمس الثلاثاء التعديل الدستوري الـ13 بإجماع النواب الحاضرين" من دون أن يذكر عددهم.
وتضمن التعديل استبدال نصوص المواد (17) و(30) من الباب الثالث وتعديلاته المتعلقة بنظام الحكم، ليتكون بحسب التعديل من سلطة تشريعية تضم غرفتين وسلطة تنفيذية يترأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب.
وشمل التعديل شكل السلطة التشريعية لتصبح مجلساً للأمة يتكون من غرفتين، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ويتولى سلطة سنّ القوانين وإقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
ويتألف مجلس النواب بحسب تعديلات البرلمان من أعضاء ينتخبون بالاقتراع العام الحر والسري المباشر على أساس عدد السكان والمعيار الجغرافي، بحيث يحدد عدد النواب على أساس نائب واحد عن كل 40 ألف مواطن.
وكانت النقطة الأكثر غموضاً في التعديل الدستوري الـ13 تلك التي نصت على استمرار مجلسي النواب والدولة الاستشاري بمسميين مختلفين ولهما صلاحية إصدار القوانين، مما يهدد باستمرار الخلاف التشريعي في ليبيا.
تحديد الصلاحيات
وحددت تعديلات البرلمان الدستورية صلاحيات الغرف التشريعية في مجلس الأمة بالمادة (2) التي نصت على أن يختص مجلس الشيوخ بمراجعة القوانين التي يتوجب إحالتها إليه من مجلس النواب لإقرارها أو التعديل فيها، وإذا اختلف المجلسان على مشروع قانون فتشكل لجنة مشتركة لإنهاء الخلاف والوصول إلى حل توافقي.
وجاء في المادة (31) أنه في حال تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية لأي سبب كان، تعتبر كل الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية كأن لم تكن، وأقرت أيضاً تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة لإعداد مشاريع قوانين الاستفتاء والانتخابات، وفي حال عدم التوافق على النقاط الخلافية تضع اللجنة آلية اتخاذ القرار في شأنها ويكون قرارها نهائياً.
وتجنب البرلمان في التعديل الدستوري وضع شروط لانتخاب رئيس الدولة على أن يحدد القانون في ما بعد ضوابط شروط الترشح.
وحددت المادة (19) من التعديل مدة الرئاسة بأربع سنوات من تاريخ القسَم أمام مجلس الأمة عند بدء مباشرة الرئيس مهماته، وشددت على أن تتضمن صيغة القسم احترام مبادئ "ثورة 17 فبراير" وأهدافها.
تقليص صلاحيات الرئيس
وقلص التعديل الدستوري صلاحيات رئيس الدولة، إذ نصت المادة (21) على أنه لا يملك حق العفو الخاص إلا بعد أخذ رأي رئيس الحكومة والمجلس الأعلى للقضاء، بينما ورد في المادة (22) أنه لا يجوز لرئيس الدولة إصدار أية قرارات بقوة القانون تتعلق بمسائل من اختصاص مجلس الشيوخ، والمادة (23) نصت على أن رئيس الدولة لا يملك حل مجلسي النواب والشيوخ إلا بعد إحالة الأسباب والمبررات للمحكمة العليا.
ونصت المادة نفسها أنه لا يجوز حل المجلسين خلال السنة الأولى للانعقاد أو خلال حال الطوارئ أو خلال الأشهر الستة الأخيرة من ولاية رئيس الدولة.
ونصت المادة (24) على أن مجلسي "النواب والشيوخ" يملكان اتهام رئيس الدولة بالخيانة العظمى أو ارتكاب جناية عمدية، ويصدر قرار الاتهام بأغلبية ثلثي مجلس الأمة بعد تحقيق يجريه النائب العام ثم يتم وقفه عن العمل.
خطوة إلى الحل
وقال مقرر مجلس النواب صالح قلمة إن "إقرار التعديل الدستوري خطوة متقدمة لتقريب الحل النهائي للأزمة التي تمر بها البلاد، بخاصة في ظل التدخلات الخارجية التي تقوض مساعي إرساء الاستقرار".
وأضاف قلمة أن "البلاد الآن تقف على مفترق طرق ومجلس النواب يؤدي ما عليه من الاستحقاقات باعتباره السلطة التشريعية في البلاد، وعلى الجهات الأخرى وعلى رأسها البعثة الأممية للدعم في ليبيا ومجلس الدولة الاستشاري، تنفيذ ما عليهما من أدوار لتجاوز الجمود السياسي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويترقب الجميع في ليبيا حالياً رد مجلس الدولة في طرابلس على التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان وأحالها عليه لمناقشتها والرد عليها بالرفض أو بالقبول، وتكمن أهمية الرد المرتقب من العاصمة بسبب عدم قدرة البرلمان على إقرار هذه التعديلات منفرداً، بحسب ما نص عليه الاتفاق السياسي الليبي في جنيف عام 2020.
وفي السياق قالت عضو مجلس الدولة نعيمة الحامي إن "رئيس المجلس خالد المشري أعلن تسلم الرئاسة مقترحاً من مجلس النواب يتعلق بتعديلات على الإعلان الدستوري".
وأضافت الحامي أن "المقترح يتضمن تعديلاً للإعلان الدستوري الحالي ليكون هو القاعدة الدستورية التي تجرى على أساسها الانتخابات، وستتم مناقشته من مجلس الدولة خلال الجلسة المقبلة".
وسبق لمجلس الدولة أن رفض تعديلاً سابقاً من البرلمان على الإعلان الدستوري العام الماضي، كما رفض قراره الخاص بإنشاء محكمة دستورية في مدينة بنغازي، مما دفع مجلس النواب إلى إلغاء القرار والتراجع عن إنشاء هذه المحكمة.
تعقيد المشهد
وعلق عضو المؤتمر الوطني العام السابق عبدالمنعم اليسير على التعديل الـ 13 للإعلان الدستوري الذي أقره مجلس النواب بالإجماع خلال جلسته التي عقدت في مدينة بنغازي، معتبراً أن "هذا التعديل يزيد تعقيد المشهد أكثر ويرسخ واقعاً جديداً خطراً يمنع استقرار البلاد".
وبين اليسير الأسباب التي تجعل التعديل الدستوري يعقد المشهد ويمنع استقرار البلاد، قائلاً إن "مجلس النواب لا يجري تشكيله بناء على النسبة السكانية والمساحة الجغرافية، بل يشكل ليكون كل المواطنين متساوين في حقوق التمثيل البرلماني، أي كل عدد معين من المواطنين يمثلهم نائب بغض النظر عن أماكن الوجود الجغرافي والتجمع السكاني".
واعتبر اليسير أن "التعديل الذي نص على أن يتكون مجلس الشيوخ من 20 عضواً عن إقليم برقة و20 عضواً عن طرابلس و20 عضواً عن فزان يعني أنه تشكيل ضمني للدولة الليبية على أنها مركبة من ثلاثة أقاليم، وهذا لم يقره الشعب الليبي ويتناقض بالكامل مع النصوص الأساسية للإعلان الدستوري التي تتعلق بالمساواة بين كل الليبيين".
آخر فرصة للتوافق
وفي المقابل رأى المحلل السياسي عبدالرحيم البركي أن "مسار تعديل الإعلان الدستوري هو آخر فرصة للحل التوافقي وإنهاء الخلافات الدستورية".
وقال البركي في تغريدة له على موقع "تويتر" إن "مسار تعديل الإعلان الدستوري يشكل تحدياً كبيراً وخطراً أمام مجلسي النواب والدولة، فهو خطوة استباقية مفاجئة تعارض بعض المقترحات الأخرى المحلية أو الدولية".
وتابع "على رغم كل ذلك فهذا التعديل الدستوري هو آخر محطة في الخلاف حول الأساس القانوني للانتخابات البرلمانية والرئاسية، والفشل هنا لا يعني التمديد للبحث عن خيارات جديدة".