انتشرت #محلات_الصيرفة غير الرسمية في العراق بعد عام 2003 ووصلت إلى أرقام قياسية في المنطقة الواحدة، إذ تسهم شركات #الصرافة غير المجازة في عدم الاستقرار النقدي والإضرار بهياكل الاقتصاد والتهرب الضريبي، بحسب باحثين اقتصاديين.
وأكد الاقتصاديون أنه لغرض مكافحة مخاطر هذه الشركات يتطلب الأمر اتخاذ تدابير في ثلاثة مستويات تشمل الردع والوقاية والتعطيل للبنية التحتية المالية لتلك الشركات، مشددين على ضرورة تفعيل دور جمعية للصرافين في العراق وأن تقوم بتنظيم عمل شركات الصيرفة ومكاتبها، بسبب اتباع عديد من أصحاب مكاتب صيرفة غير المرخصة أساليب غير قانونية في تداول العملات.
ضرر في اقتصاد الدولة
وقال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي "نشاهد اليوم كثرة عمل الصيرفات غير الرسمية في العراق مما يؤدي إلى ضرر في اقتصاد الدولة وعدم السيطرة على السوق وضعف الإدارة المالية"، مبيناً أن "السبب الرئيس لهذه الظاهرة هو صعوبة الحصول على ترخيص رسمي لمزاولة المهنة إلا من خلال الواسطة والنفوذ أو ودفع رشى، لذلك يلجأ أصحاب هذه الصيرفات إلى فتح مكاتب من دون أوراق رسمية. وكونها تعمل بشكل غير رسمي، من طبيعي جداً ألا تخضع للقواعد والشروط التي يحددها البنك المركزي، لذلك لا توجد فيها البيروقراطية الكبيرة الموجودة داخل البنوك مما يدفع الناس إلى هذه الصيرفات بسبب سهولة التعامل". وأضاف السعدي أن "رجال الأعمال والتجار في العراق يعانون ضعف الأنظمة المصرفية مما يدفعهم إلى اللجوء إلى هذه الصيرفات في تعاملاتهم التجارية والحوالات الخارجية، في المقابل أيضاً لا يثق كثير من العراقيين بالنظام المصرفي العراقي لذلك يدخرون أموالهم في المنازل وعند الحاجة يذهبون إلى الصيرفة".
وعبر السعدي عن اعتقاده أنه "من الضروري جداً الآن تفعيل دور جمعية للصرافين في العراق لتنظم عمل شركات الصيرفة ومكاتبها، بسبب اتباع عديد من أصحاب مكاتب الصيرفة غير المرخصة أساليب غير قانونية في تداول العملات، ما جعل البنك المركزي العراقي عاجزاً أمام إمكانية السيطرة على مراقبتها بشكل كامل".
وزاد "كون أن مكاتب الصيرفة تلك غير مرخصة، فهي لا تخلو من أساليب التحايل والغش في سبيل بيع أكبر كمية ممكنة من العملات الأجنبية، لذلك يجب إصدار قوانين تنظم عمل المكاتب والشركات للإسهام في تعزيز آلية شراء العملات الأجنبية وبيعها، فمن الضروري جداً فرض الرقابة المالية على مكاتب الصيرفة والإشراف على نشاطاتها لوضع حد للتجاوزات".
وتابع السعدي أنه "بحسب بيانات البنك المركزي، يوجد أكثر من 300 شركة ومكتب صيرفة غير مرخصة. والبنك المركزي بإمكاناته البسيطة حتماً لا يستطيع فرض رقابة على هذه الشركات، ما يتطلب تدخل الجهات الأمنية لمتابعة عمل هذه الشركات والمكاتب".
وبحسب السعدي، فإنه "رغم عدم إمكانية الاستغناء عن شركات الصرافة، لأنها تكمل عمل البنوك التي لن تستطيع وحدها أن تلبي الطلب على بيع وشراء العملات، أؤكد ضرورة تفعيل دور جمعية الصرافين التي بدورها تنظم عملهم".
أساليب بدائية
من جهة أخرى، رأى الباحث السياسي والاقتصادي نبيل جبار التميمي، أن "مشكلات منظومة الصرافة والتجارة ظهرت في العراق حينما فرض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي شروطه التي توجب الالتزام بالمعايير الدولية لإجراء الحوالات المنتقلة من العراق إلى مدن مختلفة حول العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال التميمي "تعيش أغلب التجارة في العراق باعتماد أساليب بدائية، يستخدم فيها التجار الصغار الذين يمثلون السواد الأعظم من التجار أساليب تقليدية في عمليات إجراء حوالاتهم، عبر التواصل المباشر والنقدي مع مكاتب الصيرفة ومكاتب الحوالات التي بدورها تجمع أموال الحوالات من غير مطالبة التجار بأي وثائق تخص تجارته أو أسباب تحويله للأموال ثم يتم جمعها وشراء خدمة حوالات من المصارف الخاصة، التي بدورها تطلب من البنك المركزي طلبات لتعزيز أرصدتها في المصارف المراسلة خارج العراق مزودة البنك المركزي بوثائق شكلية وصورية (مزورة) لغرض تمرير تلك الحوالات".
الآلية سابقة الذكر بحسب التميمي "مستمرة مما يقارب السنوات الـ20 وأدى استمرارها إلى تشوه واضح في بيانات الاستيراد، وشبهات كبيرة في تمرير الحوالات التي قد تتضمن صفقات لتبييض وغسل الأموال أو تمويل جماعات إرهابية وهذا هو أصل اعتراض الفيدرالي الأميركي، إضافة إلى أن تلك الأموال قد تمرر إلى جماعات تفرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات مالية عليها".
وزاد أن "مثل هذه المسارات في النظام التجاري والصيرفي القائم في العراق تؤدي إلى وجود حلقات إضافية تسبب في انتفاع جهات مصرفية وغير مصرفية مستفيدة من تعدد تلك الحلقات واحتكارها، بالتالي ارتفاع كلفة الحوالات التي تنعكس على كلفة السلع والخدمات المستوردة، كما أنها تقيد أي إجراء حكومي للسيطرة على الميزان التجاري للعراق ومدى تحكمه به لفقدانه البيانات حول طبيعة التجارة القائمة وإمكانية الدولة العراقية التحكم بها".
قطاع حيوي
في سياق متصل، أقر الباحث الاقتصادي بسام رعد بأن "شركات الصرافة تمثل قطاعاً حيوياً وتلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الوطني لذلك عمد البنك المركزي استناداً إلى قانونه رقم 56 وتعديلاته، إلى تنظيم عمل شركات الصرافة في العراق وإصدار اللوائح التنفيذية التي بموجبها تم منح إجازات مزاولة العمل لشركات الصرافة الرسمية بعد استكمالها جميع الشروط والمتطلبات". وأضاف أنه "بموجب ضوابط تنظيم عمل شركات الصرافة والتوسط في بيع وشراء العملة لا يجوز لأي جهة ممارسة نشاط الصرافة والتوسط في بيع وشراء العملات إلا بعد الحصول على إجازة ممارسة المهنة من قبل البنك المركزي العراقي".
وشدد على أن "شركات الصرافة غير المجازة رسمياً تسهم في عدم الاستقرار النقدي والأضرار بهياكل الاقتصاد والتهرب الضريبي".