بات مشهد اكتظاظ الشوارع والساحات العامة بالعائلات النازحة بسبب #الزلزال المدمر مألوفاً بعد أيام مضت على أكبر كارثة إنسانية عرفتها #مدن_الشمال _السوري. يفترش الناس الأرض بعد الهرب من بيوتهم المتصدعة والمتشققة إلى العراء، يتقاسمون مآسي وأوجاع #النزوح، لكن ما لم يكن متوقعاً لجوء الناس إلى #المقابر، للاحتماء من الهزات الأرضية.
المقابر
منذ اليوم الأول، هرع السوريون إلى الشوارع والساحات المفتوحة في مدينة حلب المنكوبة، وقلة منهم دفعتهم أقدامهم إلى الاحتماء بالمقابر، إلا أن هذه الأسر التي أصابها الهلع من هول الهزات الارتدادية، عادت أدراجها في أعقاب اليوم الثاني بعد انقشاع غبار الكارثة، وإثر استقرار نسبي شهدته الصفائح الأرضية لينتقل الناس نحو أماكن تؤويهم البرد القارس، ويحتمون بجدران بيوت العبادة، من مساجد وأديرة وكنائس وملاعب ومدارس، وغيرها.
لم يبق من هذه العائلات التي تهادت إلى
المقابر سوى الشاب محمد حاجي وعائلته، دون مفارقة لأرض أحد مقابر المدينة، وظل ملازماً الموتى، ولصيقاً بهم، وشيد خيمة صغيرة، تؤويه مع أهله حتى تتاح الظروف بالعودة مجدداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول حاجي، "أعيش في هذه الخيمة بعد تصدع منزلي، في الحقيقة إنه ليس منزلي بالمعنى الحرفي، فهو بيت استأجرته أنا وأهلي قبل سنوات، ولكنني كم أشتاق للعودة إليه، وأحاول أن أتأقلم مع حياة الخيام، إنها حياة في غاية الصعوبة".
محاولة التأقلم مع الحياة الجديدة (اندبندنت عربية)
يتابع الشاب النازح إلى أرض الأموات، في رده على سؤال حول اختياره هذا المكان تحديداً للجوء إليه هرباً من الزلزال، "على هذه الأرض دفن أعز الأصدقاء لي، دفنتهم بيدي أثناء الصراع المسلح، وأنا أكفكف الدمع عليهم، واليوم أرمق قبورهم وتعتصرني الدموع ثانية، لا أخاف الموت، لكني أخاف على أهلي والصغار".
تأقلم
تحاول تلك العائلة التأقلم في قلب الخيمة المكابرة على أوجاعها، فمحمد عامل على "عربة متنقلة" يكسب رزقه، ويجد أن الذهاب إلى أماكن الإيواء التي تكتظ بالناجين لا يناسبه، ولا يتقبل المساعدات على رغم الحياة البائسة التي يعيشه، هو وعائلته يعيشون بخيمة بيضاء مهترئة وضع عليها علامة زرقاء لإحدى المنظمات الدولية الإغاثية، يفتش عن الخشب ويقتطع من الأشجار الأغصان، ولا يوفر أي شيء قابل للاحتراق بما فيها إطارات السيارات التي تنفث الدخان الأسود ليشعر أهله بالدفء.
إصراره على البقاء، نابع من كون هذا الشاب (28 سنة) متصالح مع الموت، فقد أصيب بلغم، مما أسفر عن إصابات جسيمة بجسمه، حيث توجد 27 إصابة، ولا تخوفه كل الروايات والأساطير عن المكوث بالمقابر ليلاً لأنه يألف الموت.
في المقابل، ترى شقيقة عامل العربة المتجولة أن حياة شقيقها مليئة بالمخاطر والألم، وهو بحاجة إلى الراحة بعد حراستهم طوال الليل، خوفاً من تعرضهم للسرقة.