تظاهرت عشرات النساء في الهند قلقاً على وضعهن المادي بعد اعتقال آلاف الرجال ضمن حملة مناهضة لزواج القاصرات.
وكانت شرطة ولاية آسام في شمال شرق الهند قد أطلقت حملة ضخمة يوم الجمعة تنفيذاً لأوامر رئيس وزراء الولاية، هيمانتا بيسوا سارما.
واعتقل أكثر من 2500 شخص فيما رفعت 4074 قضية في غضون أسبوع واحد ضد المشتبه في زواجهم من قاصرات أو تدبيرهم زواجاً من قاصرات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تعتبر السن القانونية للزواج في الهند 18 سنة لكن غالباً ما ينتهك هذا القانون بسبب التقاليد الأبوية والضرورة الاقتصادية.
وتستهدف هذه الحملة كذلك وفقاً للسيد بيسوا سارما، الشخصيات الدينية التي ساعدت في تسجيل هذه القرانات في المساجد والمعابد.
لكن المنظمات غير الربحية انتقدت الحملة الضخمة كذلك واتهمت حكومة الولاية بالانجرار وراء "ردة فعل انفعالية" بدل تسليط الضوء على خيارات إعادة التأهيل الجوهرية للفتيات المعنيات.
وفي أعقاب الحملة، شوهدت نساء منتحبات برفقة أطفال يافعين خارج مراكز عدة للشرطة في ولاية آسام، وهن يتوسلن من أجل إطلاق سراح أزواجهن.
وتشير التقارير إلى أن سلطات مقاطعة دوبري استخدمت العصي والغاز المسيل للدموع لتفريق النساء اللواتي تظاهرن خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقالت سيدة زعمت بأن عمرها 18 سنة لصحيفة ذا إنديان إكسبرس "ما يقلقني هو كيف سأعتني بطفلي بعد اليوم… هربت من المنزل لأتزوج، ولذلك ليس لدي أي معيل آخر. واعتباراً من هذه اللحظة، لا أملك روبية واحدة".
وتقول التقارير إن فتاة تبلغ من العمر 17 سنة توفيت انتحاراً في مقاطعة كاشار بعد إلغاء عرسها في أعقاب الحملة. كما قتلت سيدة تبلغ من العمر 27 سنة نفسها في مقاطعة سالمارا-مانكاشار يوم السبت خوفاً من اعتقال والديها لأنها زُوجت في سن السادسة عشرة.
وعلى رغم السخط الشعبي والمظاهرات، يصر السيد بيسوا سارما على أن الحملة كانت ضرورية لوقف زواج القاصرات وبالتالي الحؤول دون ارتفاع معدلات وفيات الأمهات والرضع.
وفقاً لتقرير المسح الوطني الصحي للأسرة في الهند، يبلغ معدل حمل القاصرات 11.7 في المئة، مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 6.8 في المئة. كما تسجل الولاية ثالث أعلى معدل لوفيات الرضع في الهند، عند 32 وفاة لكل ألف ولادة.
وعلق السيد بيسوا سارما بقوله "لا تعاطف أبداً في هذه المسائل".
"إن نجاة مئات آلاف الفتيات من هذا الوضع في المستقبل تحتم معاناة جيل واحد. لا مجال للتعاطف في هذه النقطة… يجب أن يتوقف تزويج القاصرات في آسام وسوف يستمر التحرك ضده".
قال السيد بيسوا سارما في السابق إن الشرطة تلقت أوامر بالتحرك ضد "الجرائم البشعة التي لا تغتفر ضد النساء".
وأضاف أن كل من تورط في تزويج القاصرات خلال السنوات السبع الأخيرة سوف يعتقل وأن الحملة مستمرة حتى عام 2026، موعد انعقاد انتخابات الولاية المقبلة.
أعلنت حكومة الولاية في أواخر يناير (كانون الثاني) بأنها ستقوم بهذه الاعتقالات بموجب قانونين فيدراليين.
لكن النساء اللواتي أجبرن على الزواج في سن مبكرة، يواجهن الآن مستقبلاً غير مضمون لا يحصلن فيه على أي دعم من مؤسسات الحكم.
صرح رئيس وزراء الولاية في أحد خطاباته بأن الحكومة قد تنظر في وضع النساء اللواتي يعانين ضائقة مالية بسبب سجن أزواجهن، لكن الواقع يشير إلى عكس هذا الكلام.
وقال ميغيل داس كوي، مؤسس منظمة أوتسا UTSAH غير الربحية المعنية بحماية الأطفال لـ"اندبندنت" "نحن ندعم الحملة لأن قوات تطبيق الأمن تتجاوب أخيراً بعد أن كان تجاهل الشرطة إحدى المشكلات الأساسية".
"كان من الضروري أن يحدث هذا في سبيل المحاسبة، لكن كان بإمكان العملية أن تختلف كذلك".
وأضاف "تواجهنا معارضة قوية عندما نحاول منع زواج واحد لفتاة قاصر. والآن، نظراً إلى حجم العملية، من الطبيعي وجود هذه الدرجة من المعارضة".
لكن السيد داس كوي يضيف بأنه كان على الولاية أن تحضر خططاً مسبقة لإعادة تأهيل النساء.
"بعد أن أنجبن الأطفال واعتقل معيل الأسرة، سوف تعم حالة من الاضطراب. وسوف تبدأ التعقيدات مع تطبيق قانون بوسكو على القضايا" كما يقول، في إشارة إلى القانون الذي يحمي الأطفال من الجرائم الجنسية.
ويشرح "كان عليهم أن يستهدفوا من يسهلون هذه القرانات أولاً، ثم أن يدرسوا القضايا الفردية ويركزوا على القرانات التي فيها فارق شاسع في السن".
"لكن تعميم هذا الأمر بهذا الشكل هو ردة فعل انفعالية من رئيس وزراء قلق، كان من الممكن التخطيط لها بشكل أفضل لتخفيف درجة المقاومة الشعبية لها".
من جهته، صرح المدير العام لشرطة آسام جي ي سينغ أمام الصحافيين بأن
وهو ما دفعها إلى البدء بجمع البيانات من شيوخ القرى والعاملين في القطاع الصحي.
وأضاف بأن السلطات سجلت معظم الحالات من تلقاء نفسها، بناءً على المعلومات التي قدمها السكان المحليون.
تقول حسينة خربحي، المدافعة عن حقوق الإنسان ومؤسسة المنظمة غير الربحية إمبالس (Impulse) إن تحرك الشرطة جعل الفتيات اللواتي زُوجن قسراً عندما كن في سن الطفولة، يعشن الأزمة النفسية التي مررن بها مرة جديدة.
وأضافت أنه "على كل ولاية في هذا البلد أن تشن حملة مناهضة لزواج القاصرات إنما يجب أن تكون مصحوبة بدعم قوي وإعادة تأهيل".
وتابعت بقولها "بدل إقرار مرسوم شامل، كان على الحكومة أن تعمل مع المنظمات غير الحكومية ولجان الرعاية".
"وكان الأحرى بها أن تشكل فريق عمل لتقديم الإرشاد النفسي والدعم المالي لهؤلاء النسوة اللواتي يأتي معظمهن من مجتمعات مهمشة ومتخلفة اقتصادياً واجتماعياً".
واعتبر قادة المعارضة والناشطون كذلك أن الشرطة تتحرك بشكل أكبر في المقاطعات ذات الأغلبية المسلمة.
وقال المحامي مسعود زمان من مقاطعة دوبري لموقعScroll.in بأن قانون بوسكو القاسي طبق على الرجال ذوي الأصول البنغالية المسلمة.
وسأل "أطلق سراح 24 شخصاً اعتقلوا في ماجولي بكفالة خلال 24 ساعة. لماذا إذاً لا يطلق سراح المعتقلين هنا؟".
تعتبر دوبري مقاطعة فيها أغلبية مسلمة فيما تضم ماجولي الواقعة في أعالي آسام أغلبية من العرق الآسامي.
"إن ممارسة التمييز واضحة بلا أي شك".
واعتبر غوراف غوغوي، المشرع في حزب الكونغرس هذه الخطوة "خدعة تامة" وإحدى ممارسات العلاقات العامة.
طلبت "اندبندنت" تعليق وزير المرأة وتنمية الطفل في الولاية.
© The Independent