تواجه #القنوات_التلفزيونية الخاصة بـ #الجزائر صعوبات في التمويل تهدد استمرارها بـ #المشهد_الإعلامي، وتنتظر إنعاشها بدعم مالي عمومي على غرار شقيقاتها في #القطاع_الحكومي.
وعقدت لجنة الثقافة والاتصال والسياحة بالبرلمان الجزائري أخيراً اجتماعاً في إطار دراسة أحكام التشريعات الجديدة المنظمة للصحافة والإعلام، استمعت فيه إلى ممثلي بعض القنوات الخاصة بهدف توسيع دائرة النقاش وإثراء مشروع القانون المتعلق بالقطاع والتعرف إلى انشغالات واقتراحات الفاعلين فيه.
خلال المناقشة أكد أعضاء اللجنة أن الرئيس عبدالمجيد تبون قد أولى كل القطاعات أهمية كبيرة، خصوصاً قطاع الإعلام، وجددوا حرص اللجنة على إثراء ومناقشة كل النصوص المعروضة بكل مسؤولية، كما ناقشوا رفقة ممثلي القنوات الخاصة بعض المواد الواردة في محتوى النص، لا سيما من ناحية الشكل والمضمون.
وشدد ممثلو القنوات الخاصة على ضرورة إيجاد حلول ملموسة لمشكلة التمويل والإشهار العمومي، ودعوا إلى مواكبة التطورات الحديثة التي تشهدها مختلف القنوات الأجنبية، وكذا الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها تلك القنوات في ظل محيط اقتصادي متذبذب.
واقترحوا إدراج أحكام في قانون الإعلام تتيح للقنوات الخاصة الحصول على تمويل عمومي، أسوة بالتلفزيون العمومي، الذي يحصل على تمويل من المواطنين يجري اقتطاعه إلزامياً عبر فاتورة الهاتف والكهرباء.
كما تطرق ممثلو القنوات إلى واقع القطاع الصعب وحجم الإكراهات التي تعانيها القنوات الخاصة، وقدموا بعض الاقتراحات لتحسين الخدمة الإعلامية.
وطرح المتدخلون إشكالية كبيرة تعانيها القنوات، وهي البث التلفزيوني والإذاعي والكلفة العالية للإرسال عبر الإنترنت ذات التدفق العالي، وحقوق البث عبر الأقمار الاصطناعية وتراجع النشاط الاقتصادي في البلاد الذي قلص من سوق الإشهار، مما انعكس سلباً على مداخيل هذه القنوات.
ملاحظات ومقترحات
من جانبه، قال مدير الأخبار بقناة "النهار" الخاصة محمد عصماني إنه قدم بعض الملاحظات والمقترحات التي تخص قانون السمعي البصري بهدف إدراجها مستقبلاً.
وأوضح عصماني لـ"اندبندنت عربية" أنه أبدى تحفظات على المادة 30 التي تنص على وجوب عدم امتلاك أكثر من 40 في المئة من رأس مال المؤسسة الإعلامية، وهو لا يحفز -حسب قوله- على الاستثمار بقطاع الإعلام ويخلق مشكلات في التسيير، مشيراً إلى أنه من غير المنطقي أن يفقد المستثمر حقه في اتخاذ القرار بمؤسسة أنشأها من أمواله الخاصة.
وأضاف أن الصناعة الإعلامية الحديثة تتطلب وجود تمويلات كبيرة لتغطية كلف الموارد البشرية والمادية والحصول على تكنولوجيات حديثة تتعلق بقطاع السمعي البصري، لافتاً إلى ضرورة محاربة دخول المال الفاسد إلى القطاع.
واقترح عصماني إدراج دفتر شروط تقني صارم ضمن قانون السمعي البصري يحدد بوضوح كيفية الاستثمار والمرافقة للقنوات التلفزيونية الجديدة، مشيراً إلى أن القنوات الحالية ليست في المستوى المطلوب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر المتحدث أن قانون السمعي البصري لا توجد فيه مادة تشير إلى مصادر التمويل للقنوات الخاصة، ولم يتضمن مزايا استثمارية في القطاع، مشيراً إلى الطبيعة الإدارية للتشريعات الجديدة، التي لا تتوافق مع متطلبات وتحديات المرحلة، والتي تتطلب وجود قنوات تمتلك قدرات فنية وإنتاجية بوسائل كبيرة.
وعبر عصماني عن أمله في أن تأخذ اللجنة البرلمانية المتخصصة في الاعتبار هذه الانشغالات وإصلاح التشريعات التي تضبط قطاع الإعلام بصفة عامة.
من جهته، يرى المدير التنفيذي لقناة "وطنية نيوز" إدريس قديدح أن وسائل الإعلام الجزائرية عموماً كانت ضحية ممارسات ما تسمى "العصابة" خلال العشريتين الماضيتين.
وأوضح قديدح، في تصريح خاص، أن السلطات أمام موعد تاريخي لتصحيح العلاقة مع الإعلام الخاص عبر وضع أسس قانونية جديدة تؤسس لمرحلة جديدة للدفاع عن المقومات والمكاسب.
وقال إن حجم التمويل المقدم إلى وسائل الإعلام بمختلف أنواعها ضئيل في غياب مساهمات فعالة من طرف القطاع الخاص للاستثمار بالحقل الإعلامي، مشيراً إلى أن قلة الدعم المالي تقابلها رداءة في المحتوى الإعلامي.
وأفاد المتحدث بأنه قدم اقتراحات للجنة البرلمانية تتمثل في منح امتيازات ضريبية للمستثمرين الخواص في قطاع السمعي البصري لمرافقتهم نحو صناعة إعلامية حقيقية.
وأكد أن الاستثمار الخاص القوي في مجال السمعي البصري سيؤدي إلى قفزة نوعية بالقطاع نحو الأمام، شريطة وجود توزيع عادل وشفاف للدعم الذي تقدمه الدولة عن طريق الإشهار العمومي.
ترقب وانتظار
منذ عام 2012 بدأت قنوات فضائية خاصة عدة من الخارج ببث مضامين حول الجزائر إخبارية وفنية وسياسية واجتماعية.
وتسجل تلك القنوات لدى وزارة الإعلام كقنوات أجنبية معتمدة للعمل في البلاد، وتضطر إلى بث برامجها من الخارج لعدم وجود قانون محلي حول البث السمعي البصري.
وقال أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر العيد زغلامي إن قطاع الإعلام يترقب صدور قانون الإشهار وقانون سبر الآراء الذي تم تجميده على مستوى وزارة الاتصال منذ 1997 لاكتمال الحزمة القانونية الخاصة بالقطاع.
وأوضح زغلامي، في حديث خاص، أن عديداً من مصادر تمويل المؤسسات الإعلامية حالياً غير معروفة، وعليه أصبح من الضروري وجود شفافية لكشف طبيعة ومصادر الدعم الذي تحصل عليه هذه المؤسسات، مشدداً على ضرورة مرافقة الدولة للقنوات الخاصة من خلال تمويل شفاف وضمان حقها في الإشهار العمومي وفق قانون واضح.
وتحدث أستاذ الإعلام أيضاً عن ضرورة تكفل مؤسسة البث الإذاعي والتلفزي الجزائرية بمهمة توفير خدمات البث الفضائي للقنوات الخاصة عوض توجهها إلى مؤسسات أجنبية.
واتهم المتحدث أطرافاً، لم يسمها، بمحاولة فرض الهيمنة والاحتكار على قطاع الإعلام، واستمرار الوضع الحالي، مشيراً إلى وجود نية لدى الرئيس تبون في إرساء معايير وقوانين محددة للقطاع.
وكانت السلطات الجزائرية قررت فرض التوطين الإجباري على القنوات المستقلة التي تنشط في البلاد، لكنها مسجلة في الخارج، فيما أجل التصديق على قانون الإعلام الجديد لرابع مرة من قبل مجلس الوزراء، بحجة المراجعة وإدراج بنود جديدة تخص تنظيم وهيكلة القطاع.
وعبر الرئيس عبدالمجيد تبون عن ضرورة توطين هذه القنوات، لأن ذلك مرتبط "بمكافحة تهريب العملة بشكل مقنع"، في إشارة منه إلى لجوء أصحاب القنوات إلى تهريب العملة من الجزائر بطرق مختلفة، لدفع مستحقات البث لشركات الأقمار الاصطناعية ومؤسسات البث بالخارج.
وكان مجلس الوزراء قد صاغ في يونيو (حزيران) 2022 مسودة جديدة لقانون السمعي البصري الذي ينظم نشاط القنوات المحلية بالبلاد، بعد عشر سنوات من بدء تجربة القنوات المستقلة، التي تعمل في الوقت الحالي من دون إطار قانوني واضح.
وصادق مجلس الحكومة أربع مرات على مسودة قانون الإعلام وأحاله على مجلس الوزراء برئاسة تبون، لكن الأخير يقرر في كل مرة تأجيل المصادقة عليه، ويطلب تعديلات جديدة.
ويرجع زغلامي رفض الرئيس تبون مشروع القانون إلى عدم إعداده بطريقة واضحة من طرف أهل الاختصاص وعدم توسيع المشاورات إلى مختلف الفاعلين في قطاع الإعلام.