مع أن الرئيس الفلسطيني #محمود_عباس انتخب قبل 18 عاماً لولاية رئاسية من أربع سنوات، فإنه لا يزال يحتفظ بمنصبه في ظل عدم إجراء انتخابات رئاسية نتيجة "الانقسام بين حركتي #فتح_وحماس ومنع إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس".
يترأس عباس (88 سنة) السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير ودولة فلسطين وحركة "فتح"، وفي حين يجري اختيار رئيس السلطة الفلسطينية عبر الانتخابات العامة، يختار المجلس الوطني الفلسطيني رئاسة منظمة التحرير ودولة فلسطين، فيما ينتخب أعضاء "فتح" رئيسها.
من سيخلف الرئيس؟
منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1993 وإعلان استقلال الدولة عام 1988، يجمع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية بين تلك المناصب، إضافة إلى قيادة "فتح" التي تعد أكبر فصيل بالمنظمة في ظل عدم دخول حركة "حماس" إليها.
ويسود الخوف من وفاة الرئيس عباس الذي تقدم في العمر ودخل إلى المستشفى مرات عدة خلال الأعوام الماضية مع عدم وجود نائب له في ظل حل المجلس التشريعي الفلسطيني وغياب التوافق حول إجراء انتخابات في عهده.
ويرجع عباس والمسؤولون في حركة "فتح" عدم إجراء الانتخابات منذ انتهاء ولايته الرئاسية عام 2009 إلى سيطرة "حماس" على قطاع غزة قبل ذلك بعامين واستمرار الانقسام بينها وحركة "فتح" ومنع إسرائيل التصويت في القدس التي يصر الفلسطينيون على شمولها في أية انتخابات تكريساً لكونها عاصمة لدولة فلسطين.
عام 2021 أرجأ عباس في اللحظة الأخيرة إجراء الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في مايو (أيار) الماضي والرئاسية في يوليو (تموز) من ذلك العام "بسبب رفض إسرائيل السماح بها في القدس".
وشدد مسؤلون فلسطينيون في حوارات مع "اندبندنت عربية" على أنه "لن يكون هناك فراغ للسلطة عقب وفاة الرئيس الفلسطيني أو عجزه عن ممارسة مهماته"، مشيرين إلى أن "المؤسسات الفلسطينية ستعمل على ضمان انتقال سلس وسلمي للسلطة".
وقال نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول إن التخوفات حول خلافة عباس "مبالغ فيها ولا داعي لها"، مشيراً إلى أن "المؤسسات الفلسطينية ستضمن انتقالاً سلساً للسلطة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستهجن ما ورد في تقارير إعلامية فرنسية حول طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قائمة بالشخصيات المرشحة لخلافة عباس، مضيفاً أن ذلك يشكل "تدخلاً سافراً ومرفوضاً في الشؤون الداخلية الفلسطينية".
ووصف مستشار الرئيس الفلسطيني محمود الهباش إثارة الجدل حول خلافة عباس بـ"المعيبة"، مشيراً لـ"اندبندنت عربية" إلى أن عباس "لا يهتم بتلك القضايا ويركز على إدارة الحياة اليومية للشعب الفلسطيني والنضال الوطني لاستعادة الحقوق الفلسطينية في المحافل الدولية".
لكن ناصر القدوة القيادي السابق في "فتح" قبل أن تفصله الحركة لفت إلى أن الفلسطينيين في "ورطة بسبب عدم وجود آلية قانونية دستورية تضمن انتقالاً سلساً للسلطة مع حل المجلس التشريعي وغياب المؤسسات الدستورية القوية وعدم وجود منظمة تحرير فاعلة وممثلة".
ووضع القدوة في تصريح إلى "اندبندنت عربية" سيناريوهين لما بعد عباس، أولهما محاولة بعض الأطراف الدولية والإقليمية فرض عدد من الشخصيات لقيادة الفلسطينيين، مما سيؤدي، بحسبه، إلى "الفوضى والعنف والدم".
أما "السيناريو الثاني والأمثل والأسهل"، فهو "الاتفاق بين مكونات الشعب الفلسطيني جميعاً على التوجه إلى الانتخابات بعد إنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس، وكذلك إنهاء الخلافات في فتح".
وأشار إلى "وجود تحرك إقليمي دولي لإيجاد حلول في شأن خلافة عباس تضمن عدم انزلاق الأوضاع إلى الفوضى، في ظل تهاوي النظام السياسي الفلسطيني وتحكم شخص واحد بمفاصله كافة".
وأضاف القدوة أن عباس "يقاوم كل الضغوط الإقليمية لتحقيق الوحدة في صفوف حركة فتح أولاً، ثم مع حركة حماس"، مردفاً أن "جميع الأطراف الإقليمية غير مرتاحة لما يجري".
للشباب الكلمة الفصل
السفير الفلسطيني السابق عدلي صادق كشف من جهته عن "انزعاج إقليمي شديد من غياب آلية تضمن انتقالاً سلسلاً للسلطة"، مشيراً إلى أن "دولاً إقليمية رفعت من وتيرة ضغوطها على قيادة السلطة الفلسطينية حتى لا تنزلق الأوضاع إلى الفوضى والتناحر الداخلي".
"وصلنا إلى مرحلة الضغط وحتى الإكراه"، هكذا يقول صادق، المقرب من رئيس تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة "فتح" محمد دحلان، موضحاً أن "هذه الضغوط تشمل حركتي فتح وحماس اللتين تأملان في بقاء سيطرة كل منهما على السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة من دون تغييير".
وأردف أن "مصر تستشعر خطر الفراغ في السلطة بعد عباس وحذرت من فوضى يغذيها الطامحون في خلافته وتعمل على منع حصول ذلك"، لافتاً إلى "عدم وجود أية شخصية في منظومة الحكم بالسلطة الفلسطينية لديها شرعية دستورية أو تفويض شعبي لخلافة عباس".
وأكد أن "المسألة لم تعد مجرد عناوين فصائلية يمكن أن تعمل الأطراف الإقليمية على استرضائها حول خلافة عباس"، معتبراً أن "لجيل الشباب الكلمة الفصل في ذلك".
وبسبب غياب مؤسسات فلسطينية ممثلة للفلسطينيين يمكن أن تسد الفراغ، دعا صادق إلى ضرورة التوافق على "عملية انتخابية لاختيار مجلس تأسيسي لقيادة المرحلة الانتقالية تسبقها حكومة تكنوقراط".
بدوره، شدد الكاتب والسياسي الفلسطيني نبيل عمرو على أن "عدم وجود مؤسسة فلسطينية قوية وغياب الانتخابات العامة واستبعاد الشعب الفلسطيني، تفتح الباب أمام جهات خارجية للتدخل في شؤون الفلسطينيين والتحكم في اختيار قيادتهم".
وقال إن من يريد الاستقرار في فلسطين عليه دعم إجراء الانتخابات وضمان إنجاحها، مشيراً إلى أن "حلول الخارج وتسوياته ستفشل في ظل غياب الشعب الفلسطيني عن الانتخابات".
ووصف عمرو دعوة ماكرون إلى إعداد قائمة مرشحين لخلافة الرئيس بـ"إهانة كبيرة للشعب الفلسطيني وإرثه في الانتخابات النزيهة"، لافتاً إلى أن طلبه جاء بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
لكنه أشار إلى وجود "ارتخاء فلسطيني في الإعداد لمرحلة ما بعد عباس،" مضيفاً أن الانتخابات هي "الأداة الأسهل والأمثل لتحقيق انتقال سلس للسلطة".