تكشف الأرقام الرسمية عن ارتفاع #معدلات_الطلاق والخلع في #الجزائر من عام إلى آخر، وسجلت إحصاءات نشرتها وزارة العدل 44 ألف حالة انفصال خلال النصف الأول من عام 2022.
تشير تلك الإحصائية إلى 240 حالة انفصال يومياً بمعدل 10 حالات خلال الساعة الواحدة، معظمها في الفئة العمرية بين 28 و35 سنة، أي بين المتزوجين حديثاً، علماً بأنها بلغت 100 ألف عامي 2020 و2021.
يعتبر عدم توافق الطباع أحد الأسباب بنسبة تفوق أكثر من 10 في المئة، وفق تقرير لوزارة العدل، ويلي ذلك المشكلات المالية من فقدان الوظيفة والديون وغيرها، إضافة إلى أسباب أخرى على غرار العنف الأسري والجفاء العاطفي والخلافات في الرأي وعدم المسؤولية التي تؤدي جميعها إلى فك الرابطة الزوجية.
لكن أخيراً برزت ظاهرة "خدمة الزوجة لأهل الزوج" كسبب رئيس للانفصال بالجزائر وباتت تؤدي في كثير من الحالات إلى توتر العلاقات، بالتالي الطلاق أو الخلع، في حين كان الأمر عادياً ومن ضوابط الحياة الزوجية لاعتبارات كثيرة، إلا أن الوضع تغير مع الجيل الحالي، الذي اختلف عن سابقيه على جميع المستويات.
أزمة التقاليد
تتصاعد في الجزائر مشكلات زوجية تنتقل في بعض الأحيان إلى خصام بين العائلات بسبب تدخلها في حياة الزوجين، سواء كانت إقامتهما مع إحدى العائلتين أو بعيداً منهما، وتبقى خدمة الزوجة لأهل زوجها الفتيل الذي يعكر صفو العلاقة ويشعل "الحرب" التي تنتهي في الأغلب بالانفصال.
"بينما تنتظر المرأة أن تعيش حياة زوجية هادئة تعتمد على التفاهم وتبادل الأدوار، تجد نفسها في مواجهة وظائف اختلفت القوانين الوضعية والنصوص الدينية حول أحقيتها ووجوبها، ألا وهي خدمة عائلة زوجها"، هكذا ردت الموظفة نبيلة وهي متزوجة منذ سنتين في تصريح لـ"اندبندنت عربية".
وقالت نبيلة إن "الأمر كان عادياً في وقت سابق بسبب المفاهيم والضوابط التي حكمت المجتمع الجزائري، والتي فرضها واقع الاستعمار الفرنسي وقبله الوجود التركي، حيث حاول الجزائري الحفاظ على دينه وتقاليده من خلال العيش مع العائلة الكبيرة، كما كانت المرأة غير معنية بالعلم والتعليم والعمل للأسباب السابقة، ما جعلها تحت تصرف الزوج وعائلته".
لكنها استدركت بأن "الأوضاع تغيرت مع العولمة والتطور الحاصل على جميع المستويات وفي كل المجالات، خصوصاً أن المرأة استطاعت تحقيق نجاحات كثيرة وخطفت العديد من الحقوق".
استقلالية المرأة
وفي السياق ذاته، قال أستاذ علم الاجتماع أحمد ضياف "من باب احترام الكبير، تقبل المرأة على خدمة بيت حماتها، خصوصاً والدي زوجها، وقد تلقى بعضهن تقديراً وامتناناً لما تقدمه من مجهود فيما تجد أخريات الاستغلال والإهانة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار ضياف، في تصريح خاص، إلى أن "هذه الحالة تراجعت كثيراً بعد أن أصبحت المرأة مستقلة مادياً، وتملك مسكناً وتتبوأ مناصب قيادية، الأمر الذي لا يفسح المجال لتدخل العائلات، ولا يفرض على الزوجة خدمة أهل زوجها إلا في حالات محددة".
وأضاف أن المرأة أصبحت تفرض نفسها حتى لو أن زوجها لا يملك مسكناً، فهي تسعى لعدم الإقامة مع أهله ولو اقتضى الأمر الخروج للعمل من أجل المساعدة على إيجار شقة".
ويرى أن "التدخل اللاعقلاني للأهل في الشؤون الخاصة بين الزوجين نتائجه وخيمة، ولعل هذه الممارسات تظهر مع الاستجابة المتكررة للزوج لكل طلبات أهله، ومنه تبقى الزوجة عرضة للأوامر والانتقادات والإهانات مع كل خطأ أو سهو أو تصرف، بل إن الأمور قد تتطور إلى أن تبلغ واجبات وضروريات تفسد ود الزوجين مثل فرض خدمة أهل الزوج".
وللدين رأي
إلى ذلك، قال المتخصص في الشأن الاجتماعي باسم صحراوي إن أسباب هذا التدخل راجع إلى المفاهيم الخاطئة المرتبطة بالعادات والتقاليد التي تستهدف إخضاع الابن وزوجته إلى أوامر العائلة، وإلا يحدث ما لا تحمد عقباه من خصومة وعداوة ومشكلات لا نهاية لها تهدم حياة الزوجين.
وأضاف صحراوي أن الحل الوحيد بيد المرأة التي برزانتها وحسن تصرفها وعقلانيتها تتمكن من التحكم في الأوضاع، وعليها أن تكون زوجة كتومة لا تتحدث كثيراً، وتتعامل ببرودة مع كل ما يصدر من أهل زوجها، مع ضرورة التزام الصمت الذي يبعد كثيراً من المشكلات، لأن العناد والنقاش العقيم يدخل العائلة في متاهات لا طائل منها.
خدمة أهل الزوج مسألة تعد من أكثر القضايا التي باتت تخلق أزمات اجتماعية ونفسية، ويتزايد الجدل حولها أخيراً في ظل رغبة كثير من الفتيات بالاستقلال عن بيت العائلة.
غير أن للدين رأياً يوضحه الإمام عبد الصمد دحماني، إذ يقول إنه ليست هناك نصوص دينية صريحة في ما يخص إلزام المرأة خدمة أهل زوجها، لكن لا بأس في أن يطلب الزوج من زوجته رعاية أمه أو أبيه على أن يكون ذلك في حدود قدرتها وألا يكلفها ما لا طاقة لها به، بالمقابل لا يحق له فعل ذلك إزاء إخوته الرجال.