ملخص
الأولمبية الدولية في مأزق بسبب دعوات #أوكرانيا لاستبعاد الرياضيين من #روسيا وبيلاروس من #أولمبياد_باريس 2024
بعد عام على انطلاق الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 فبراير (شباط) 2022، ما يزال المجتمع الرياضي الدولي يعيش معضلة التعامل مع وضع الرياضيين الروس والبيلاروس، وسط ضغوط متفاوتة القوة والتأثير من قوى إقليمية ودولية.
وفور وقوع الغزو الروسي لأراضي الجارة أوكرانيا فيما أسمته موسكو عملية عسكرية، لم تنجح الكيانات الرياضية الدولية في اختبار الحفاظ على المنافسات العالمية والقارية بمنأى عن المتغيرات السياسية والعسكرية المتسارعة، بل استخدمت الرياضة كأحد الأسلحة الغربية لردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظامه وتأليب الرأي العام الداخلي عليه عبر إقرار عقوبات جماعية وفردية غير مسبوقة، سعت إلى محو الرياضة الروسية من المشهد.
وانطلاقاً من الأراضي الروسية وأراضي بيلاروس شنت موسكو عملية عسكرية واسعة النطاق ضد أوكرانيا، أي بعد ثلاثة أيام فقط من حفل ختام دورة الألعاب الشتوية 2022 في بكين، في انتهاك للهدنة الأولمبية التي تبدأ قبل أسبوع من بدء دورة الألعاب الأولمبية وتنتهي بعد أسبوع من انتهاء دورة الألعاب البارالمبية.
وسارعت اللجنة الأولمبية الدولية يومها إلى معاقبة كل من موسكو ومينسك.
وشهدت الفترة الأولى من الحرب مقاطعة الأندية والبطولات الرياضية الأوروبية للرعاة التجاريين الروس، والحجز على الممتلكات الرياضية لرجال الأعمال الروس المقربين من السلطة، على رأسهم الملياردير رومان أبراموفيتش، الذي باعت الحكومة البريطانية ناديه تشيلسي اللندني إلى مجموعة استثمارية أميركية يقودها الأميركي تود بوهلي.
وألغت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز عقد البث التلفزيوني لمبارياتها مع الشريك الروسي "رامبلر".
وقرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، سحب تنظيم نهائي دوري أبطال أوروبا من روسيا ونقله إلى العاصمة الفرنسية باريس، كما تقرر تجميد الاتحادين الروسي والبيلاروسي لكرة القدم ومنع جميع الفئات السنية لمنتخبات وأندية البلدين من المشاركة في المسابقات القارية والدولية، وبناء عليه تم استبعاد منتخب روسيا من المحلق الأوروبي المؤهل لنهائيات كأس العالم 2022 التي استضافتها قطر.
ومنذ ذلك الحين لم يتم تنظيم أي حدث رياضي دولي في روسيا أو في بيلاروس، كما لم يحصل أي حدث رياضي فيهما على أي دعم دولي، ومنع كذلك رفع أي رموز وطنية لهذين البلدين خلال أي حدث رياضي دولي.
لكن وسط العقوبات المتتالية على المؤسسات الرياضية لروسيا وبيلاروس، كان أول تحرك مثير للجدل هو ما اتخذته اللجنة البارالمبية الدولية في مارس (آذار) 2022، بمنع اللاعبين من روسيا وبيلاروس من المشاركة في الألعاب الشتوية التي استضافتها العاصمة الصينية بكين، إذ فتح هذا القرار باباً أمام معاقبة الرياضيين الروس والبيلاروس فردياً وعلى الهوية من دون الأخذ في الاعتبار أن عدداً كبيراً منهم لا شأن له بسياسة بلاده.
وأعلنت بطولة ويمبلدون للتنس منع اللاعبين الروس والبيلاروس من المشاركة في نسخة 2022 وسط انتقاد شديد من رابطتي اللاعبين المحترفين "آيه تي بي" واللاعبات المحترفات "دبليو تي آيه"، اللتين قررتا عدم توزيع نقاط التصنيف العالمي على اللاعبين المشاركين في ثالث بطولات الغراند سلام.
وانتقد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، الألماني توماس باخ، قرار ويمبلدون، وقال "كيف يمكنكم إذاً ضمان منافسة دولية عادلة في رياضتكم عندما تقرر الحكومات وفقاً لمصالحها السياسية من يمكنه المنافسة ومن لا يستطيع؟".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشهدت الفترة الأخيرة مطالبات عدة لنادي عموم إنجلترا الذي يدرس إمكانية حظر اللاعبين الروس والبيلاروس من المشاركة في ويمبلدون للعام الثاني على التوالي، بالامتناع عن ذلك واللجوء للسماح بمشاركتهم كمحايدين مع إعادة نقاط التصنيف للبطولة أسوة بباقي البطولات الكبرى.
واتبعت معظم الاتحادات الرياضية الدولية خلال العام الماضي سياسة حظر مشاركة الفرق والمنتخبات الروسية والبيلاروسية في البطولات الكبرى، مع السماح للرياضيين من البلدين المشاركة كأفراد محايدين من دون رفع علم بلادهم أو عزف النشيد الوطني.
ومع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس 2024، ووسط استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء 27 يناير (كانون الثاني) الماضي، نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى منع الرياضيين الروس من المشاركة في الأولمبياد المقبل.
وكتب زيلينسكي على منصة "تيليغرام" في أعقاب اتصال هاتفي مع ماكرون "لقد شددت بشكل خاص على أنه لا ينبغي أن يكون للرياضيين الروس مكان في الألعاب الأولمبية في باريس".
وفي اليوم التالي لتصريحات زيلينسكي قالت اللجنة الأولمبية الدولية إن عودة الرياضيين الروس للمشاركة في أولمبياد باريس يجب "استكشافها بشكل أكبر في ظل ظروف صارمة".
وعرض المجلس الأولمبي الآسيوي، منح الرياضيين الروس والبيلاروس فرصة المشاركة في دورة الألعاب الآسيوية. وقال الكيان الأولمبي القاري الذي يتخذ من الكويت مقراً له عبر موقعه الرسمي "يجب أن يتمكن جميع الرياضيين، بصرف النظر عن جنسياتهم أو جوازات سفرهم، من المشاركة في المسابقات الرياضية".
وأضاف "عرض المجلس الأولمبي الآسيوي منح الرياضيين الروس والبيلاروس المؤهلين فرصة المشاركة في المسابقات الآسيوية، بما في ذلك دورة الألعاب الآسيوية" التي تستضيفها مدينة هانغجو الصينية خريف عام 2023.
وستتيح هذه الخطوة للرياضيين الروس والبيلاروس المشاركة في مسابقات بمثابة التأهيلية للأولمبياد الصيفي في باريس.
وأعلنت الأولمبية الدولية أنها تبحث عن مخرج يسمح للرياضيين البلدين بالمشاركة في الألعاب تحت راية حيادية، مضيفة أنه "لا ينبغي أن يحرم أي رياضي، من المشاركة في الألعاب الأولمبية، بسبب جواز سفره".
ولم يلق موقف اللجنة الأولمبية الدولية استحسان أوكرانيا، فخرج وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية الأوكرانية فاديم غوتسيت، ليقول إن بلاده لن تستبعد مقاطعة الألعاب الأولمبية إذا سمح لرياضيي روسيا وبيلاروس بالمنافسة في باريس 2024.
وحثت اللجنة الأولمبية الدولية أوكرانيا على إسقاط تهديداتها بمقاطعة أولمبياد باريس في حال مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروس، لكن سرعان ما ارتفعت وتيرة التصعيد حينما قالت وزيرة الرياضة الليتوانية أوليغ ماتيتسين إن مجموعة من 40 دولة من بينها أميركا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان، اتفقت بالإجماع على المطالبة بمنع الرياضيين من روسيا وبيلاروس من المشاركة في أولمبياد 2024، وإلا ستنسحب جميع الوفود من المشاركة في الحدث الرياضي الدولي الأكبر.
وفي خطاب إلى باخ، قال الرياضيون الأوكرانيون إن اللجنة الأولمبية الدولية اتخذت "الجانب الخطأ من التاريخ".
ورد باخ "لا، سيوضح التاريخ من يبذل الجهد من أجل السلام، أولئك الذين يحافظون على العلاقات والتواصل، أم أولئك الذي يريدون الانعزال أو الانقسام".
"المقاطعة انتهاك للميثاق الأولمبي، الذي يلزم جميع اللجان بالمشاركة في الأولمبياد وإرسال رياضييها، ويشهد التاريخ أن قرارات المقاطعة السابقة لم تحقق أهدافها السياسية، وكل ما فعلته هو معاقبة الرياضيين الذين يمثلون الدول المقاطعة".
ويرى أحد نجوم الرياضة والسياسة في أوكرانيا، بطل العالم السابق في الملاكمة فيتالي كليتشكو أن بإمكان الرياضيين الروس والبيلاروس المشاركة في أولمبياد باريس بشرط الوقوف في وجه الحرب.
كليتشكو الذي يشغل منصب عمدة العاصمة الأوكرانية كييف، قال الأسبوع الماضي لوكالة الصحافة الفرنسية إنه يتعين على الرياضيين الروس اتخاذ موقف علني ضد الحرب.
"الرياضيين الروس والبيلاروس لا يمكنهم المشاركة في الألعاب الأولمبية في باريس إذا لم يقولوا لا للحرب، إذا قالوا ذلك علناً، بإمكانهم فعل ذلك، لكنهم يشعرون بالخوف".
"إلى كل رياضي روسي، قل لحكومتك وللرئيس الروسي أن يوقف هذه الحرب العبثية".
"لا يمكن أن تكون محايداً عندما يقتل الناس والنساء والأطفال، أنت إما مع أو ضد الحرب".
ورد كليتشكو على تصريحات رئيس الأولمبية الدولية "سأكون سعيداً جداً بدعوة توماس باخ إلى أوكرانيا حتى يتمكن من رؤية القرى المدمرة، الأشخاص الذين قتلوا أو أصيبوا، هو لا يفهم أو ربما يلعب بعض الألعاب مع روسيا، ليس لدي أي تفسير".
ومن المنتظر أن تشهد الأشهر المقبلة مزيداً من لعبة عض الأصابع والتصعيد طالما استمرت نيران الحرب مشتعلة.