ملخص
هل استفادت #الجزائر من مسح ديون سابقة لـ 14 دولة أفريقية حتى تخصص مليار دولار لتمويل #مشاريع_تنموية في القارة السمراء؟
بين تسلل اقتصادي ودبلوماسية ناعمة، أعلنت الجزائر تخصيص مليار دولار لتمويل مشاريع تنموية في دول أفريقية، لا سيما تلك التي تكتسي طابعاً اندماجياً، أو التي من شأنها الإسهام في دفع عجلة التنمية في القارة، ما يكشف عن اهتمام جزائري بالقارة السمراء بعد تراجع فسح المجال أمام "خصوم وحلفاء".
قرار مكمل لخطوات سابقة
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في كلمة قرأها نيابةً عنه رئيس الوزراء أيمن بن عبدالرحمن، خلال القمة الـ 36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إن "هذه الخطوة تأتي قناعةً من الجزائر بارتباط الأمن والاستقرار في أفريقيا بالتنمية"، وأضاف أن المبادرة الاستراتيجية ستنفذ بالتنسيق مع الدول الأفريقية الراغبة في الاستفادة منها.
ويأتي القرار تكملة لخطوات اتخذتها الجزائر في السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ عام 2019، حيث أعيد فتح وتطوير طرق التجارة وخطوط التنقل مع دول الساحل وعمق القارة السمراء، إضافة إلى تعزيز مشروع الطريق الصحراوي الممتد إلى نيجيريا، وإنشاء منافذ برية وتجارية مع موريتانيا، وفتح خطوط جوية، وتوقيع اتفاقيات تعاون، ولا تعد تلك الخطوة الأولى من نوعها إزاء القارة السمراء، فقد سبق أن شطبت الجزائر ديون 14 دولة أفريقية يصل مجموعها إلى 3.5 مليار دولار، وذلك في إطار التضامن مع القارة السمراء.
لكن هذه المرة تم الاعتماد من أجل تحقيق الإجراء على "الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية"، التي تأسست في فبراير (شباط) 2020، وهي هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية مباشرةً، تعمل على تنفيذ سياسة التعاون الدولي للجزائر في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويعول عليها بشكل كبير في تنفيذ الاستراتيجيات الجزائرية في الإطار الذي تعمل فيه.
دبلوماسية هجومية
في السياق، قال رئيس جمعية المستشارين الجبائيين بوبكر سلامي، إن "الخطوة هي بمثابة دبلوماسية هجومية وذكاء اقتصادي، تسهم في خلق لوبيات تخدم مصالح الجزائر"، مشيراً إلى أن هذا هو "الجانب العملي لخطاب الجزائر حول التضامن الدولي بخاصة الدول التي تنتمي إلى محيطنا الطبيعي وانتمائنا الأيديولوجي والجغرافي"، وأوضح أن هناك جدوى اقتصادية مع هذه الخطوة، "لأن التمويل لن يكون مجانياً حتى وإن كان بهوامش تفاضلية، فإما يكون قرضاً أو شراكة أو تمويلاً لشركات جزائرية تنفذ مشاريع في هذه الدول، بالتالي فإن الفائدة متعددة الأوجه، سياسية واستراتيجية وإنسانية واجتماعية وغيرها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سد الطريق أمام التدخلات الأجنبية
من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية بشير شايب، أن "قرار الرئيس تبون بتخصيص مليار دولار لدعم المشاريع التنموية في البلدان الأفريقية، سيعزز التكافؤ والتضامن بين الدول الأفريقية على المستوى السياسي، ويسهم في إطلاق ديناميكية تنموية في البلدان المعنية بمثل هذه الاستثمارات، بخاصة أن معظم دول القارة متعثرة تنموياً وتعاني نقصاً في مشاريع البنى التحتية"، مشدداً أن "هذه المبادرة ستسد الطريق أمام التدخلات الأجنبية في الشأن الأفريقي"، وأضاف شايب، أن "هناك تكتلات اقتصادية مختلفة في أفريقيا ويمكن اتخاذها كحاملة لبعض المشاريع التنموية، كما يسمح للجزائر أن تبادر من خلالها بمشاريع اقتصادية مشتركة على المديين المتوسط والبعيد"، وقال إنه "على رغم معاناة بعضها من انتكاسات أو مشكلات، إلا أنها تبقى فضاءً مفتوحاً للتعاون، مثل اتحاد المغرب العربي الذي توقف عن النشاط الفعلي، والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إكواس)، والمجموعة الاقتصادية لوسط أفريقيا، ومجموعة الساحل والصحراء ومبادرة الوكالة التنموية للاتحاد الأفريقي (نيباد)، ومبادرة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وتجمع دول شرق أفريقيا وجنوبها".
التوازنات الأفريقية – الأفريقية
في السياق، اعتبر الإعلامي المهتم بالشؤون الاقتصادية، وليد مذكور، أن "الدبلوماسية الاقتصادية في خدمة القوة الناعمة للجزائر بطريقة سهلة يتقبلها الآخر"، وقال إن "الجزائر تلعب دوراً مهماً في التوازنات الأفريقية – الأفريقية لأنها تدرك حجم الصراع الغربي في أفريقيا، حيث يبحث الكل عن أسواق لكن بأساليب تجعل من القارة مرتعاً لاستنزاف موادها الأولية ومقدراتها الطبيعية وحتى مادتها الرمادية"، موضحاً أن "الجزائر اتجهت عبر اعتمادها أسلوب القوة الناعمة في سلوكها الخارجي تجاه الدول الأفريقية، إلى استعادة ثقلها الدبلوماسي ودورها وعمقها في القارة، وتمويل المشاريع الاقتصادية سيسهل تواجد الجزائر مستقبلاً في الأسواق الأفريقية".
وزاد مذكور أن "دور الجزائر مهم على الصعيد الأفريقي وهي التي تسعى إلى تعزيز الطاقات والموارد من أجل تطبيق سياسة قارية واضحة ومنسجمة في مجال الصناعة بما يتوافق وأهداف ومضمون أجندة الاتحاد الأفريقي، بخاصة ما يتعلق ببناء علاقات اقتصادية بينية"، لافتاً إلى أن "أفريقيا تستحوذ على نحو 30 في المئة من الثروات المعدنية العالمية، و12 في المئة من احتياطي النفط العالمي، و43 في المئة من الذهب العالمي، و50 في المئة من الألماس في العالم، و67 في المئة من الأراضي الزراعية الخصبة غير المستغلة، كما تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن حجم التجارة البينية الأفريقية لا يتجاوز 15 في المئة".