Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شبح التطرف يواجه حكومة أنور إبراهيم في ماليزيا

يعتقد أن شعبية الحزب الإسلامي تنامت مع موجة الاحتكام إلى الشريعة كحل بديل عن أحكام الدستور

أنور إبراهيم ملقياً خطابه حول الميزانية في البرلمان الماليزي بكوالالمبور، الجمعة 24 فبراير الحالي (أ ب)

ملخص

يرى #أنور_إبراهيم أنه يمثل #الفكر_الوسطي للإسلام والبديل للحزب الماليزي الإسلامي الذي يوصف بـ"المتشدد"

بعد مرور أربعة أشهر على وصول أنور إبراهيم إلى سدة الحكم، أثار "الحزب الإسلامي الماليزي" جدلاً كبيراً بعد ظهور مقاطع فيديو أظهرت استعراضاً لشباب الحزب بزي محاربين قدماء تشبه ملابس الفاتحين المسلمين في العصور الوسطى. الأزمة التي ما زالت تبعاتها قائمة وأصبحت حديث الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ألقت بظلالها على العقبات التي ستواجه رئيس الوزراء الماليزي، الذي يطاله هجوم ومعارضة واسعة من الحزب الإسلامي. ليبقى السؤال، هل بات التطرف معضلة جديدة تمثل قلقاً للماليزيين ومجتمعهم المتلون عرقياً والمتباين دينياً والمتنوع ثقافياً؟ وكيف يتوجب على حكومة أنور إبراهيم التعامل معها في المستقبل؟ وهل يترجم ما بدأ به من أفكار جديدة صاغها للدفاع عن سياسات التعددية والحوار بين الحضارات وإعلاء القيم الآسيوية، إلى واقع؟

بداية الحكم

بعد عقود من الانتظار، نصب زعيم المعارضة الماليزية ورئيس "تحالف الأمل"، أنور إبراهيم، رئيساً للوزراء الـ10 في تاريخ ماليزيا، بعد انتخابات عامة شهدت منافسة شرسة بين التحالفات السياسية الرئيسة في البلاد. وأسفرت الانتخابات العامة الـ15 عن "برلمان معلق" لعدم تمكن أي من التحالفات من إحراز الأغلبية البسيطة التي تمكنه من تشكيل الحكومة. وعلى رغم حصول "تحالف الأمل" الذي يضم "حزب العمل الديمقراطي" المحسوب على العرق الصيني، على 83 مقعداً في الانتخابات، استطاع "الحزب الإسلامي" تعزيز مكانته والحصول على 49 مقعداً في البرلمان ما يفوق ضعف ما حققه الحزب في انتخابات 2018، في إشارة إلى تمدد نفوذه بالمجتمع الماليزي خلال السنوات الأخيرة.

قضايا تشهير

أنور إبراهيم الذي لطالما رفض التطرف بأشكاله ويمقت العنف في خطاباته طوال مسيرته، وعلى رغم انتمائه في بدايات حياته السياسية إلى "حزب أومنو" الذي يضم معظم عرق الملايو تحت رايته، فإن الزعيم المعارض والحاكم حالياً منفتح على الحوار مع العقائد المختلفة. فخلال ترؤسه وزارة التعليم أواخر الثمانينيات، روج لبرنامج الإسلام الوسطي وثمن التعددية للمجتمع الماليزي، وإعلاء القيم والحوار بين الحضارات.
ويرى أنور إبراهيم أنه يمثل الفكر الوسطي للإسلام والبديل للحزب الماليزي الإسلامي الذي يوصف بـ"المتشدد" من عديد من الأحزاب المحلية، كما يسعى رئيس وزراء ماليزيا الـ10 إلى تحويل بلاده لدولة إسلامية تحكمها الشريعة من منظور مختلف عن "الحزب الإسلامي". وعلى رغم الهدف الواحد واختلاف طريقة تنفيذه بين "تحالف الأمل" و"الحزب الإسلامي"، فإن الخلاف بين أنور إبراهيم و"الحزب الإسلامي" بلغ أشده من خلال التصريحات التي أطلقها رئيس "الحزب الإسلامي"، عبدالهادي أوانج، قبيل الانتخابات في شأن ارتباط رئيس الوزراء بعلاقة مع إسرائيل، كما تتمسك المعارضة الحالية بالتهمة الأخلاقية التي لحقت بأنور في الماضي وجعلته يدخل السجن فترة من الوقت، وتشهرها سلاحاً ضده من وقت إلى آخر.
إلا أن التصريحات "التشهيرية" التي تلقاها أنور خلال فترة الدعاية الانتخابية العام الماضي، وقف لها بالمرصاد فور وصوله إلى بوتراجايا. فرفع عديداً من القضايا ضد قادة "الحزب الإسلامي" وبعض قادة المعارضة، وبدأت تؤتي ثمارها باعتذار أحد قادة الحزب الإسلامي أمام المحكمة عن اتهام رئيس الوزراء بدعم مجتمع الميم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أجندة الحزب

الاستعراض بملابس تاريخية من شباب "الحزب الإسلامي" وتر العلاقات بين رئيس الحكومة الحالية والمعارضة من "الحزب الإسلامي"، فوصف مكتب رئيس الوزراء الاستعراض بـ"غير اللائق"، مؤكداً أن التصرف من لدن الحزب الإسلامي يعطي صورة سيئة عن الإسلام وماليزيا، داعياً المنظمين إلى تسليط الضوء على القيم الإسلامية السلمية التي تدعم الوحدة والازدهار، فيما فتحت الشرطة الماليزية تحقيقاً في الاستعراض المثير للجدل لتقف على أي مخالفات قد تكون ارتكبت من أي طرف.
ويعتقد أن شعبية الحزب الإسلامي الماليزي في تنامٍ خصوصاً مع موجة الميل لدى قطاع كبير من الشباب الماليزيين نحو الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية كحل بديل عن أحكام الدستور المعمول بها في ماليزيا، وهو ما يتوافق مع رؤية "الحزب الإسلامي" الذي يسيطر بفكره على الركن الشمالي الشرقي من الجزيرة الماليزية.

استطلاعات مخيفة

استطلاع حديث لمركز "مرديكا" الماليزي أكد أن 82 في المئة من المشاركين الشباب في الفئة العمرية بين 15 و25 عاماً، قد وافقوا على استبدال الدستور بأحكام القرآن والشريعة، فيما يخشى البعض من مواجهة ماليزيا لتهديدات من قبل متطرفين، منتمين إلى حركات متطرفة تنشأ بين الحين والآخر على غرار التنظيمات المتشددة والتكفيرية مثل "كومبولان مجاهدي ماليزيا"، و"الجماعة الإسلامية" وجماعة الجارة المشهورة بجماعة أبو سياف. وأفادت التقارير سابقة أن ما لا يقل عن 30 ماليزيا قد غادروا البلاد للانضمام إلى تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، كما تم اعتقال عدد من أعضاء "داعش" المزعومين في ماليزيا واتهامهم بمحاولة شن هجوم في أمكان متفرقة في البلاد.
وأظهر أحد استطلاعات الرأي الماليزية قبيل الجائحة أن ما يقارب 5.5 في المئة من المشاركين يؤيدون الفكر الداعشي، بينما 18 في المئة يؤيدون "داعش". وتثبت استطلاعات الرأي أن ماليزيا سجلت أعلى الدرجات في هذا السياق مقارنة بدول منطقة جنوب شرقي آسيا كإندونيسيا وتايلاند والفيليبين. وفي مارس (آذار) 2021 كشفت الشرطة الماليزية عن إحباط مؤامرة من قبل متبنٍ لفكر "داعش" لقتل رئيس الوزراء الماليزي.
ويعتقد مراقبون أن الحزب الإسلامي الماليزي يمثل نقيضاً للديمقراطية والتعددية، خصوصاً مع إعلان رئيس الحزب الإسلامي دعم "حركة طالبان" بعد عودتها للحكم في أفغانستان العام قبل الماضي، كما رصد مركز الصحافة المستقلة في كوالالمبور أنه سجل بعض الخروقات خلال الدعاية الانتخابية للحزب وصفت بالعنصرية وخطابات للكراهية من عدد من قادة "الحزب الإسلامي" بينها الحض على العنف ضد المخالفين.

الحكومة بالمرصاد

ويؤكد الباحث الاستراتيجي الماليزي عزمي حسن أن "الحزب الإسلامي الماليزي منح أنور فرصة ذهبية ليظهر الدولة التي كان يصبو إليها أكثر وحدة وانسجاماً بدلاً من النزعات العنصرية والدينية"، مشيراً إلى أن "الحكومة الحالية عليها الاستفادة من حدث الاستعراض لتبعد نفسها عن الحزب الإسلامي وطرقه في جذب الأصوات السياسية".
الحكومة الحالية وقفت بالمرصاد لذلك الحدث الغريب على المجتمع الماليزي، أكد وزير الشؤون الدينية، داتوك محمد نعيم مختار، أن "الاستعراض بالزي الحربي يسبب التنافر العنصري في المجتمع الماليزي"، ناصحاً الحزب الإسلامي المعارض أن "يظهر الجانب السلمي للإسلام الذي يبرز الوحدة في ماليزيا". في غضون ذلك، علق وزير الداخلية، داتوك سيري سيف الدين ناسوتيون إسماعيل، على المسيرة بضرورة وقف كل الأنشطة التي من شأنها نشر الفوضى وأن الاستعراض يمكنه أن يسبب اضطراباً وقلقاً عاماً.

وعلى ما يبدو أن حكومة أنور إبراهيم سيتحتم عليها خلال الفترة المقبلة التعامل مع استفزازات الحزب "الإسلامي المعارض" الذي من شأنها أن ترفع من مستوى التشدد في البلاد، لتقليل آثارها على المجتمع الماليزي، بخاصة مع تكرار خصومه ومعارضيه استخدام الدين في انتقاد سياسته ورؤيته المستقبلية التي تتعارضان وتتقاطعان مع أحزاب المعارضة الحالية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير