علمت "اندبندنت" أنه تم "حجب" المساعدات المقدمة للأشخاص الذين طردوا من أوكرانيا بسبب الهجمات الروسية عن آلاف الطلاب الأفارقة الذين فروا من البلاد.
قبل الصراع، كان هناك نحو 76 ألف طالب دولي، معظمهم من نيجيريا والمغرب وغانا وزيمبابوي والهند، مقيمون في البلاد، لكن بعد مواجهتهم العنصرية على حدود أوكرانيا أثناء محاولتهم الفرار، نزح عدد كبير من الطلاب إلى دول أخرى من بينها تركيا وإيطاليا وكينيا ورومانيا وبلجيكا، ولا يعلمون ما هي خطوتهم التالية.
عرفت "اندبندنت" أن كثيراً منهم عاجزون عن إتمام دراستهم، ويعانون الضيق النفسي والعاطفي الناجم عن الهرب من الهجوم الذي يشنه الرئيس الروسي بوتين، بينما يواجه بعضهم الآخر الفقر، وانتهى الأمر بغيرهم منتحرين.
لكن، وفي حين أن المواطنين الأوكرانيين قادرون على تلقي المساعدة من المجتمع الدولي، ترك اللاجئون الأفارقة لتدبر أمورهم بأنفسهم أو الاعتماد على المنظمات الشعبية للحصول على الدعم.
قالت إيشي، وهي طالبة تبلغ من العمر 24 سنة، في حديث مع "اندبندنت" أجرته من منزل عائلتها في نيجيريا: "كان هناك أشخاص آخرون يعيشون في أوكرانيا مع الأوكرانيين، وبغض النظر عن لون جوازات سفرنا، ولون بشرتنا أو شعرنا، نحن جميعاً بشر... لقد كانت حياتنا بالفعل في ذلك البلد، لم يكن الجميع طلاباً، كان بعضهم يمتلك أعمالاً تجارية وعائلات".
بعد اندلاع الحرب، نصح الطلاب الدوليون "بالعودة إلى بلادهم"، على كل حال، لم يوفر عديد من الحكومات المساعدة المطلوبة.
اعتقد عدد كبير من الأشخاص أن العودة إلى بلدانهم الأصلية من دون الحصول على درجة علمية ليست خياراً صالحاً، وسعوا بدلاً من ذلك إلى اللجوء في البلدان الأوروبية المجاورة في محاولة لتأمين دراستهم في المستقبل.
أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت كثيرين للهجرة إلى أوكرانيا في المقام الأول، هو الرسوم الدراسية المقبولة، والقدرة على الحصول على قروض خاصة وفرصة تحسين حياتهم.
يذكر أنه لا يسمح للطلاب الأجانب الآتين من أوكرانيا بالانتقال إلى جامعات المملكة المتحدة، بالتالي فإن المملكة المتحدة خيار محظور على آلاف عديدة من الطلاب الأفارقة الساعين إلى إنهاء دراستهم فيها. الاستثناء الوحيد هو جامعة مانشستر التي تقبل طلاباً آتين من أوكرانيا وهم ليسوا من مواطنيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بينما يواجه عديد من الطلاب احتمال تكرار عامين دراسيين بسبب الاضطراب الذي فرضته الحرب، فقد طلبت جامعاتهم منهم دفع كلفة التعليم المتضخمة ورسوم إضافية للتخرج ودفع مبالغ مالية كبيرة مقابل سجلات العلامات، وهو أمر لا يستطيعون تحمله في حين سيكون الطرد عاقبة أي شخص يتخلف عن دفع الرسوم.
علمت "اندبندنت" أن بعض الجامعات الأوكرانية تجبر الطلاب الدوليين على العودة والخضوع للامتحانات قبل منحهم شهاداتهم.
أشارت الحكومة الأوكرانية، في دفاع عن قرارها، إلى الحاجة إلى "النزاهة الأكاديمية ومراقبة الجودة". مع ذلك، ونظراً إلى أن عديداً من الطلاب يواجهون صعوبات مالية وعوائق في الحصول على التأشيرات، فإن العودة إلى البلد المحاصر ليست إمكانية واقعية.
وبينما ينشغل العالم بمرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، يشعر عديد من الطلاب بأن محنتهم قد نسيت إلى حد كبير.
كشف تحقيق سابق أجرته "اندبندنت" أن لاجئين من أصحاب البشرة غير البيضاء فارين من أوكرانيا كانوا محتجزين في مرافق الهجرة التابعة للاتحاد الأوروبي من دون سبب، ولم تتحمل أي جهة مسؤولية هذا التصرف.
بعد انتشار منشورات عن العنصرية على الحدود على وسائل التواصل الاجتماعي، أجرت "اندبندنت" مقابلات مع الطلاب الذين مروا بتلك التجربة وسط كم هائل من الانتقادات التي تكهنت بأن التعليقات المنتشرة على الإنترنت حول التمييز هي "أكاذيب" و"حملة تضليل روسية".
في النهاية، أصدرت الأمم المتحدة بياناً أقرت فيه بأن التعليقات صحيحة وتعهدت باتخاذ إجراءات، بينما أظهر مشاهير بمن فيهم بيونسيه تضامنهم مع الطلاب الدوليين.
هذا الأسبوع، وقع أكثر من 70 نائباً وعضواً في مجلس اللوردات، بمن فيهم وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل، على رسالة مفتوحة تدعو الحكومة إلى التحرك الفوري لمساعدة آلاف اللاجئين الأوكرانيين البيض الذين يواجهون التشرد في المملكة المتحدة. أشار معلقون إلى وجود تفاوت في القلق الشعبي والسياسي تجاه سلامة الطلاب السود الذين فروا من أوكرانيا.
كورين سكاي، طالبة طب في السنة الثانية تبلغ من العمر 27 سنة، درست في دنيبرو قبل الفرار من الحرب، وهي تعيش الآن في ليستر.
أصيبت السيدة التي تحمل جنسيتي زيمبابوي وبريطانيا بالإحباط عندما علمت أنها لا تستطيع الانتقال إلى مواصلة الدراسة في المملكة المتحدة لأن المجلس الطبي العام توقف عن قبول المؤهلات الطبية من مدرستها. لم تتلق، كمواطنة، أي دعم من حكومة المملكة المتحدة أو وكالاتها منذ وصولها قبل عام.
وتقول إن التصالح مع صدمة الهرب من الحرب وتوجيه سلاح إلى رأسها ودفعها، بينما كانت تواجه التمييز على الحدود واحتمال تأخير حلمها في أن تصبح طبيبة، هي أعباء ثقيلة يصعب حملها.
تضيف، "شعرت في ذلك الوقت أنني مررت بأزمة هوية لأن جزءاً كبيراً من هويتي هو كوني طالبة طب... سعيت وراء آمالي في أن أصبح طبيبة، لكنني أحسست (منذ ذلك الحين) أنه كان عليّ ترك هذا الحلم يتبخر كي أشفى تماماً".
وأضافت الأم لطفلين باكية: "أحاول تذكير نفسي بأن ما حدث، وكيف أثرت الحرب عليّ، لم يكن ذنبي، وأن قيمتي كشخص لم تنقص".
قالت سكاي إن بعض الطلاب الدوليين الذين عانوا من هذه المحنة انتحروا منذ ذلك الحين، مضيفة: "يبدو الأمر كما لو أن العنصرية التي تعرضت لها (على الحدود) في أوكرانيا، تتعزز الآن في بلدان عديدة أخرى... يقال لنا مراراً وتكرارا "الأوكرانيون فقط". لا يصل التعاطف إلى أوساطنا لأن البلد ليس بلدنا، كما قيل لنا مرات عديدة... ترك هذا كثيراً منا يعاني مع مشكلات الصحة العقلية، وكذلك العيش في بلدان أوروبية مختلفة من دون أي دعم... أتعاطف مع كثير من زملائي الذين وصلوا بالنتيجة إلى إزهاق أرواحهم، شعرت بالاكتئاب وأنا أتساءل عما يجب فعله بعد ذلك".
طالب آخر يبلغ من العمر 22 سنة كان في أوكرانيا وهرب إلى البرتغال بعد الحرب، قال لـ"اندبندنت" إن دروس التعلم عن بعد لم تكن جيدة بما يكفي، وإن هناك نقصاً في الدعم التدريسي.
قال الطالب، الذي يعاني عودة ذكريات الماضي والكوابيس منذ مغادرته أوكرانيا: "بالنسبة إلى العالم، ربما يبدو أن عاماً كاملاً قد مر، لكن بالنسبة لي، لا أشعر أن وقتاً طويلاً مضى... أعيش خارج منطقة الحرب، لكنها ما زالت حية في ذاكرتي. أنا سعيد لأن الناس واصلوا حياتهم، لكن المشكلات التي تطرحها الجامعات الأوكرانية باستمرار، تجعل المضي قدماً غير سهل بالنسبة لبعض منا".
تقوم مجموعة "صندوق تعليم الأفارقة في أوكرانيا" التي أنشأتها السيدة سكاي، بجمع الأموال للطلاب لمواصلة دراستهم، وتطالب الوكالات والمنظمات العالمية "بتوفير معاملة عادلة" لجميع الطلاب.
من جهة أخرى، حصدت عريضة إلكترونية تدعو جامعات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة إلى وضع حزم مساعدة ومنح دراسية للطلاب الأفارقة الذين أجبروا على مغادرة أوكرانيا، نحو 35 ألف توقيع.
ورد في العريضة: "نحن نطالب بمنح الطلاب الأفارقة الوصول إلى المقاعد الجامعية بالشروط نفسها المطبقة على نظرائهم الأوكرانيين. يجب أن يكون لكل فرد الحق في التعلم، ولا ينبغي أن يكون هذا حقاً يمنح للبعض دون غيرهم".
اتصلت "اندبندنت" بالأمم المتحدة والحكومة الأوكرانية والحكومة البريطانية للحصول على بيان.
© The Independent