ملخص
اعتبرت الحكومة أن قرار مغادرة المغرب "#اللائحة_الرمادية" جاء تتويجاً للجهود والإجراءات الاستباقية التي اتخذتها لمكافحة #غسل_الأموال وتمويل الإرهاب
احتفى المغرب بقرار "مجموعة العمل المالي" (FATF) بإجماع أعضائها أمس الجمعة بمغادرة المملكة اللائحة الرمادية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة المغربية مع المعايير الدولية في هذا الشأن.
وتعد "مجموعة العمل المالي" منظمة حكومية دولية استحدثت عام 1989 في فرنسا ومهمتها وضع المعايير وتعزيز التنفيذ الفاعل للتدابير القانونية والتنظيمية والتشغيلية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ودعم انتشار التسلح والتهديدات الأخرى ذات العلاقة بنزاهة النظام المالي الدولي.
انتشاء حكومي
اعتبرت الحكومة المغربية أن تقرير "مجموعة العمل المالي" تضمن خلاصات إيجابية بناء على زيارتهم الميدانية للمغرب في يناير (كانون الثاني) الماضي، كما أن المجموعة ثمنت التزام المغرب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الآجال المحددة.
ورأت الحكومة أن قرار مغادرة المغرب لمسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف بـ"اللائحة الرمادية"، جاء تتويجاً للجهود والإجراءات الاستباقية المتخذة من جانب البلاد في شأن التدابير التشريعية والتنظيمية والخطوات التحسيسية والرقابية التي حرصت على تنزيلها مختلف السلطات والمؤسسات المعنية بتنسيق من الهيئة الوطنية للمعلومات المالية وبشراكة مع الأشخاص الخاضعين والقطاع الخاص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق الحكومة، فإن مغادرة المغرب القائمة الرمادية سيؤثر إيجاباً في التصنيفات السيادية وتصنيفات البنوك المحلية، كما سيعزز صورة المملكة وموقعها التفاوضي أمام المؤسسات المالية الدولية، فضلاً عن تزايد ثقة المستثمرين الأجانب بالاقتصاد الوطني.
وجدد المغرب ضمن بيان الحكومة "التزامه القوي مواصلة تعزيز المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب انسجاماً مع تطور المعايير الدولية ذات الصلة"، مبرزاً أن "هذا الالتزام أضحى ذا طابع استراتيجي ومؤسساتي يروم حماية النظام المالي الوطني من أخطار الجرائم المالية".
وكان وفد من "مجموعة العمل المالي" حل بالمغرب في الفترة بين 16 و23 يناير الماضي من أجل معاينة مدى تطبيق البلاد لالتزاماتها بمحاربة غسل الأموال، مما دفع البنك المركزي المغربي نحو الرهان بقوة على مغادرة المملكة للقائمة الرمادية للملاذات الضريبية من أجل تحصيل امتيازات مالية واقتصادية عدة.
خطوة إيجابية ولكن
في هذا الصدد، ذكر الباحث في الاقتصاد السياسي عبدالإله الخضري أن "مجموعة العمل المالي" سبق أن صنفت المغرب في المنطقة الرمادية على خلفية تقرير سلبي صدر عن لجنة فحص المجموعة أثناء زيارتها في فبراير 2021، بعد رصد عدد من الثغرات التي تعتري الترسانة القانونية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأفاد الخضري لـ"اندبندنت عربية" بأن المغرب انكب من خلال مؤسساته المالية وعلى رأسها "بنك المغرب" على تعديل الإجراءات التشريعية والتنظيمية والتدابير التحسيسية والرقابية الخاصة بتدفق الأصول المالية، وذلك في ضوء التوصيات الصادرة عن المجموعة.
وأقرت لجنة الفحص التي حلت بالمغرب بين 16 و18 يناير من هذه السنة في تقريرها بما حققته البلاد من إنجازات في هذا الصدد من خلال تنفيذ كل توصياتها، قبل أن تقرر مجموعة العمل المالي خلال اجتماعها الأخير الذي انتهى أمس إخراج المملكة من المنطقة الرمادية.
ويرى الباحث أن "تصنيف المغرب ضمن الدول التي تتمتع بترسانة قانونية جيدة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يعتبر أمراً إيجابياً جداً وسينعكس على جوانب عدة ذات أهمية بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني مثل الإسهام في خفض أخطار التمويلات وتحسين التصنيف الائتماني الدولي للبلاد".
وأكمل أن "هذا القرار سيؤدي، بالتالي إلى تحسين جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية وتهيئة مناخ الأعمال، كما سيعزز فرصه في طلب قروض جديدة بسعر فائدة أقل"، مستدركاً بالقول إن "هذه الانعكاسات الإيجابية تحتاج إلى استثمارها جيداً من جانب الرباط، كما ينبغي أن تحفزها لتطوير التشريعات الخاصة بريادة الأعمال".
رهانات مالية
من جهته يقول الباحث الاقتصادي محمد مجدولين لـ"اندبندنت عربية" إن المغرب بمغادرته القائمة الرمادية يكون جعل صفحته المالية أفضل وأنصع في نظر المنظومة المالية الدولية، ويتعين على السلطات أن تحافظ على هذا التقدم المحرز لكي لا يعود المغرب في المستقبل للمنطقة الرمادية.
ويشرح أن وجود البلاد سابقاً في هذه المنطقة لم يكن قدحاً في معاملاته المالية، فهي منطقة تضم 47 بلداً ليست بالضرورة ملاحقة بمخالفات أو عقوبات مالية، لكنها تظل تحت مراقبة "مجموعة العمل المالي"، وهو ما حرص المغرب على تخطيه من خلال عدد من التدابير والإجراءات القانونية.
ووفق مجدولين فإن "الأخطر هو الوجود في القائمة السوداء لأن بلدان هذه المنطقة تكون موسومة بأنها ملاذات ضريبية تتيح التلاعبات المالية وتبييض الأموال"، مبرزاً أن "المغرب حقق نقطة جيدة لتحسين اقتصاده وحوكمته المالية، لكن تبقى كيفية المحافظة على هذه الميزة مستقبلاً".
وحشد المغرب في الآونة الأخيرة قبل قرار المجموعة المالية عدداً من القوانين والتدابير التي تروم مكافحة غسل الأموال وتكرس الشفافية المالية للشركات والبنوك، كما راهن على عدد من المؤسسات المالية الرسمية لتسهم في قرار مغادرة المنطقة الرمادية، ومن هذه المؤسسات الهيئة الوطنية للمعلومات المالية التي نشرت أخيراً تقريراً سجل "المنحى التصاعدي عام 2021، سواء في ما يتعلق بوقائع الاشتباه المقدمة، أو طلبات المعلومات الواردة وطنياً ودولياً، أو الإحالات على السلطات القضائية المتخصصة.
وكشف التقرير "المنجزات الخاصة بتأهيل المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عبر ملاءمتها مع المعايير الدولية والممارسات الفضلى على الصعيد الدولي وتعزيز فاعليتها ورفع وتيرة التنسيق بين سلطات إنفاذ القانون وسلطات الإشراف والمراقبة والأشخاص الخاضعين والقطاع الخاص".
ومن المؤسسات الرسمية الأخرى هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي التي تراهن على تحقيق هدف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتلعب دوراً في منع استخدام شركات ووسطاء التأمين في الجرائم المالية ذات الشأن والإسهام في حماية سمعة قطاع التأمين المغربي والقطاع المالي بشكل عام.