ارتفاع نسب وفيات الأمهات أثناء الولادة يؤرق السلطات السودانية

سجلت منظمة الـ "يونيسف" التابعة للأمم المتحدة أرقاماً جديدة تتعلق بوفيات الأمهات أثناء الولادة، إذ جاء في تقرير صدر حديثاً أن 270 أماً تموت أثناء الولادة في السودان من أصل كل 100 ألف حالة.

أسباب الوفيات

وشكل التقرير صدمة كبيرة لدى السودانيين عامة، وجاء في تقرير وكالات الأمم المتحدة أيضاً أن "النزف الحاد وارتفاع ضغط الدم والعدوى المرتبطة بالحمل ومضاعفات الإجهاض غير الآمن أسباب أساس يمكن أن تتفاقم بسبب الحمل، وأيضاً فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا، وهذا بالضبط ما يواجهه السيدات في السودان، إذ تنتشر أمراض المناعة والملاريا التي تودي بحياة الحوامل".

جهود مكثفة

وظلت وزارة الصحة السودانية تتناول موضوع وفيات الأمهات بين حين وآخر، وعقدت خلال السنوات الأخيرة اجتماعات في ولايات مختلفة للبحث عن الحلول لخفض معدل تلك الوفيات.
وقال مصدر في وزارة الصحة الاتحادية إن "الوزارة تبذل جهوداً مكثفة لحل كارثة وفيات الأمهات، وتأتي أسباب تفاقم الظاهرة بسبب إهمال السيدات تعليمات الأطباء والاستهانة بالحمل والتعرض لظروف سيئة، ويأتي الإهمال الطبي في آخر القائمة".
وعن سبب الاتهامات المتواصلة بأن الإهمال الطبي هو أساس تفاقم وفيات السيدات، قال المصدر "لا يوجد إهمال طبي كبير كما يروج له الناس ويلقون اللوم على الأطباء الذين يقدمون كل ما في وسعهم لحفظ أرواح الأمهات، ولكن عندما تموت سيدة أثناء الولادة فهي تأتي بمضاعفات بسبب إهمالها أثناء فترة الحمل، مثل إصابتها بفقر الدم وعدم حصولها على التغذية السليمة وغيره".
أما عن جهود الوزارة لتقليص العدد الكبير الذي أعلنته "يونيسف" فقال المصدر إن "التوعية مستمرة مع تجهيز غرف الولادة وتدريب الأطباء والقابلات والعمل على خلق بيئة نظيفة للحوامل وغيرها من الجهود التي نبذلها لخفض النسبة خلال السنوات المقبلة حتى نحقق الأرقام المطلوبة لدى الأمم المتحدة".

جمعية النساء والتوليد

وعلى رغم ذلك أكد الأمين العام لمجلس التخصصات الطبية الدكتور أحمد فرح شادول خلال الاحتفال باليوم العالمي للتمريض العام الماضي أن "السودان لا يزال ضمن 10 دول في العالم تسجل معدلات عالية لوفيات الأمهات"، مضيفاً "فشلنا في الالتزام بخفض الوفيات بحلول عام 2015، إذ إن 70 في المئة من الولادات لا تزال تجرى في المنازل".

هذا العام

وبالبحث على مستجدات هذا العام اتضح أن النسب في السودان لا تزال في تزايد، فأثناء المؤتمر العلمي لجمعية اختصاصيي النساء والتوليد الذي عقد الأسبوع الماضي، أوضح السكرتير العام لجمعية النساء والتوليد الدكتور سامي محمود أن "نسبة وفيات الأمهات في السودان من أعلى النسب العالمية، وترجع أسبابها إلى النزف بعد الولادة وارتفاع ضغط الدم لدى المرأة الحامل والالتهابات والعدوى والتهاب الكبد الوبائي والجلطات"، مضيفاً "نحن في الجمعية وبمساعدة من وزارة الصحة الاتحادية والشركاء الوطنيين والدوليين نعمل على خفض نسب وفيات الأمهات والأطفال، وذلك من طريق تأهيل الكوادر الطبية".

إهمال طبي

وفي وقت تبذل فيه وزارة الصحة السودانية جهوداً جبارة لخفض معدلات وفيات الأمهات أثناء الولادة، اعتبر الباحث القانوني الصافي وليد أن "70 في المئة من الوفيات التي حدثت أثناء الولادة كانت بسبب الإهمال الطبي، وهناك حالات كثيرة دخلت إلى الولادة من دون وجود أي احتمال لفقدان الأم أو الطفل لأن صحتهما جيدة، ويحدث أن نفقد الأم أثناء العملية بسبب نزف ناتج من خطأ طبي أو بسبب قيام أطباء تحت التدريب بتوليد السيدات مما يؤدي إلى حدوث أخطاء طبية، وينتشر هذا الأمر في المستشفيات الحكومية".

أوضح السكرتير العام لجمعية النساء والتوليد الدكتور سامي محمود أن نسبة وفيات الأمهات في السودان من أعلى النسب العالمية (اندبندنت عربية - حسن حامد)

دور القانون

وعن دور القانون في ذلك قال وليد إن "جميع الملفات التي قمنا بفتحها يتم قفلها من جهات لا نعلمها، ويتم التكتم على أسماء الأطباء والتستر عليهم، وخلال الفترة الأخيرة ارتفعت نسب الوفيات إلى درجة مخيفة وشملت وفيات الأطفال الرضع بسبب الإهمال الطبي، ولذلك نعمل على متابعة تلك الملفات وتناولها على نطاق واسع وتحويلها إلى قضايا رأي عام".

قصص مؤلمة

وفي السياق تروي السيدة يمنى قصتها المليئة بالألم أثناء ولادتها الأخيرة، فقالت "ولدت في مستشفى معروف في أم درمان حيث الإهمال الطبي والضغط النفسي والموت المجاني، وليس هناك أية رقابة على الأطباء العاملين وكدت أفقد حياتي أثناء الولادة، وكذلك تعرضت سيدات كن بجانبي إلى خطر الموت والنزف أثناء الولادة".