Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"لحم رخيص" يغري فقراء المغرب ويثير الشكوك

محال جزارة تبيع لحوماً لأبقار مذبوحة بطرق مشبوهة وأحاديث عن حقن الدجاج "البياض" بمضادات حيوية

يقبل الفقراء في المغرب على شراء الدجاج البياض لرخص ثمنه (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

تعرض محال جزارة هذه #اللحوم بأسعار زهيدة مقارنة مع ما يروج في السوق العادية الأمر الذي يدعو إلى الشك في مصدرها ومدى سلامتها

مع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في المغرب، يزداد إقبال الطبقات الفقيرة وذات المداخيل الضعيفة والمحدودة، على لحوم رخيصة الثمن، سواء اللحوم الحمراء لأبقار وأغنام مذبوحة بطرق مشبوهة، أو لحوم الدجاج "البياض" بالخصوص، والمعروف في المغرب باسم "الكروازي".

ويقبل الفقراء على محال الجزارة التي تبيع أحياناً "ذبائح سرية" (أبقار وأغنام تذبح خلسة عن مراقبة وموافقة الطبيب البيطري)، أو لحوماً لأبقار "مريضة" بأسعار رخيصة مقارنة مع الأثمان المتداولة، كما يقبلون على شراء الدجاج البياض لرخص ثمنه، الذي يكون مشبعاً بمضادات حيوية إما لتسمينه أو لإطالة مرحلة دورته الإنتاجية، الشيء الذي قد يفضي إلى تداعيات صحية على المستهلك.

إغراء الأسعار الرخيصة

وتتراوح أسعار الدجاج البياض أو "الكروازي" في المغرب بين ثلاثة وخمسة دراهم (0.3 و0.5 دولارات) للكيلوغرام الواحد، وهي أسعار رخيصة بالنظر إلى سعر النصف الآخر من الدجاج، وهو الدجاج اللاحم، الذي يصل ثمن الكيلو غرام الواحد منه إلى 15 درهماً وأحياناً إلى 18 درهماً (1.8 دولارات).

والأمر نفسه بالنسبة للحوم الحمراء، حيث تبيع محال للجزارة الكيلو غرام الواحد بـ60 درهماً فقط (ستة دولارات) في عدد من الأحياء الشعبية، على رغم أن ثمنه "الحقيقي" المتداول في بقية المحال يصل إلى 80 درهماً أو حتى 100 درهم للكيلو غرام (بين 8 و10 دولارات).

يقول في هذا الصدد محمد السبع، وهو عامل بناء، إن مدخوله اليومي لا يكفيه لشراء اللحم بهذا السعر، لهذا يفضل التوجه إلى "المحال الرخيصة"، حيث تقريباً كيلوغرامان فيها بثمن كيلوغرام واحد في محال الجزارة "الغالية".

وحول ما إذا كان لا يخشى من تضرر صحته وأفراد أسرته عند شراء لحوم رخيصة الثمن بشكل يثير الشكوك، قال العامل إنه لا يخشى شيئاً، وأنه إذا كان مقدراً له أن يمرض أو يموت بسبب تلك اللحوم فسيحصل، لكن لم نسمع قط أن شخصاً توفي بسبب هذه "اللحوم الرخيصة" وفق تعبيره.

إشكالية الاستهلاك الآدمي

ويعرض بعض أصحاب المزارع (الضيعات) الدجاج البيّاض لمضادات حيوية تسمى عند أهل المهنة بـ"الميريكانية"، من أجل تسمينها وتحسين نموها، وإطالة فترة دورتها الإنتاجية، باعتبار أنها دواجن مخصصة فقط للتبييض، وليس للاستهلاك الآدمي، وفق كثيرين.

يقول عبدالرحمن مدكوري، صاحب ضيعة في ضواحي العاصمة الرباط، لـ"اندبندنت عربية"، إن استعمال مضادات حيوية للدجاج أمر طبيعي يجب ألا يتم تهويله ولا التهوين منه أيضاً، فهي أدوية مرخص لها بهدف علاج الأمراض التي تصيب الدجاج لهشاشتها المناعية.

ووفق المتحدث ذاته، فإن المشكلة تحدث عندما يتم حقن الدجاجة بكثير من المضادات الحيوية تفوق طاقتها والجرعات المسموح بها، فيحصل أن تتشكل لدى الدجاجة مقاومة لهذه المضادات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإذا كان عدد من الدول توجه الدجاج البياض إلى الاستهلاك الحيواني بعد انتهاء مهمتها الرئيسة المتمثلة في إنتاج البيض بأعداد كبيرة، وفق الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، فإنه في المغرب يتم أحياناً توجيه هذا الصنف من الدجاج إلى الاستهلاك البشري بأسعار رخيصة يقبل عليها الفقراء بدرجة أكبر.

السيناريو نفسه تقريباً يحصل بالنسبة للحوم البقر أو الغنم، حيث تعرض محال جزارة هذه اللحوم بأسعار زهيدة مقارنة مع ما يروج في السوق العادية، الأمر الذي يدعو إلى الشك في مصدرها ومدى سلامتها عند الذبح.

في هذا الصدد يقول موحى، يعمل جزاراً بمدينة سلا، إن عرض لحوم بأسعار رخيصة يغري بالفعل عديداً من البسطاء الفقراء، لكن يجب أن يعلموا أن بعض الجزارين ممن لا ضمير لهم يبيعونهم لحوم أبقار هزيلة أو مريضة أو مسنة فيتم استباق ذبحها، ويتهربون من مراقبة الطبيب البيطري.

خطر أم سليم؟

ويثير استهلاك هذا النوع من لحوم الدواجن بالخصوص جدلاً وتبايناً شاسعاً في مواقف المهنيين وذوي الاختصاص، حيث يقول محمد ياميق، طبيب بيطري، إن استهلاك لحوم لحيوانات مشبعة بمضادات حيوية يشكل مخاطر على صحة الإنسان على المدى المتوسط والبعيد.

ووفق الاختصاصي ذاته، فإن الإشكال هو أن أصحاب الضيعات لا يتركون لهذه الدواجن فترة زمنية كافية حتى تطرح أجسادها تلك المضادات الحيوية، بل يسارعون نحو تسويقها بحثاً عن الربح، فيستهلكها الزبائن الباحثون بدورهم عن أسعار رخيصة، ليقعوا بعد ذلك في مشكلات صحية.

ومن هذه المشكلات الصحية المتوقعة، تبعاً للمتحدث ذاته، الإصابة بتعفنات معوية عند الإنسان، والإصابة بفطريات وفيروسات تضعف مقاومة الجسم للأمراض، وتهدد مناعته أيضاً، ما يعرضه لكثير من المخاطر الصحية الأخرى.

هذه المخاطر الصحية لاستهلاك الدجاج البياض تنفيها عديد من الجهات المهنية والرسمية، حيث تؤكد الجمعية الوطنية لمنتجي البيض أن هذا النوع من الدجاج المعروض في الأسواق يحترم جميع شروط السلامة الصحية، وأن استهلاكه لا يختلف عن بقية الأنواع الأخرى من الدجاج، كما يخضع لنظام تلقيح تحت إشراف المصالح البيطرية المتخصصة.

من جهته، سبق للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، التشديد على أن "القوانين المعمول بها لا تستثني لحوم الدجاج البياض من الاستهلاك الآدمي، ولهذا تخضع هذه اللحوم للمراقبة مثل سائر المنتجات الغذائية الأخرى، حيث يتم تسليم اللحوم الصالحة للاستهلاك، فيما يتم حجز وإتلاف الأخرى غير الصالحة".

حري بالذكر أن تقريراً سابقاً للمجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة رسمية)، سبق أن أكد "ضعف مراقبة قطاع الدواجن من طرف السلطات الصحية المعنية، مما يعني أن العديد من وحدات إنتاج الدواجن لم تشملها هذه المراقبة، وأنه من الصعب ضمان دوام مراقبة هذه الوحدات"، محذراً من ظاهرة الوسطاء في هذا المجال، مما يشجع على نشاط تربية الدواجن من دون ترخيص، ويقلص من إمكانية تعقب المنتجات.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير