Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا وراء توالي زيارات قيادات عسكرية عربية وغربية إلى الجزائر؟

الصراع الروسي - الأميركي في حرب أوكرانيا يهدد الدول المتخندقة سواء مع واشنطن أو موسكو

رئيس أركان الجيش الجزائري يستقبل مدير إدارة التعاون الدولي بوزارة الدفاع السعودية (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

تبذل #الجزائر جهداً كبيراً للحفاظ على مستوى من العلاقات المتوازنة والوقوف على مسافة متكافئة بين #موسكو والقوى الغربية، في ظل الاستقطاب الحاصل بسبب الحرب القائمة في #أوكرانيا.

يتحرك المشهد السياسي في الجزائر على وقع زيارات متتالية لشخصيات عسكرية عربية وغربية بشكل لافت، وفي حين تحدثت البيانات عن أن الأمر يتعلق ببحث أطر التعاون العسكري والتنسيق الأمني، وكذلك القضايا المشتركة، يبقى توقيتها وتسجيلها في الفترة نفسها مثار تساؤلات.

زيارات في خضم وضع إقليمي ودولي "متوتر"

وزارت البلاد قيادات عسكرية من دول عدة لا سيما السعودية وقطر والإمارات والسودان وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، في توقيت متقارب جعل المتابعين يقدمون قراءات ويفتحون نقاشات حول "الصدفة" في حضور المسؤولين العسكريين في الفترة نفسها، وما زاد من الاهتمام تزامن الزيارات مع عودة التوتر مع المغرب وتدهور الأوضاع في منطقة الساحل وتذبذب العلاقات مع فرنسا، والتمسك بـ"طرد" إسرائيل من الاتحاد الأفريقي، وكذلك "سوء التفاهم" مع واشنطن جراء التقارب مع موسكو في خضم تصاعد حدة الحرب في أوكرانيا واشتداد الصراع بين موسكو والغرب بقيادة أميركا.

وتبذل الجزائر، على الصعيدين السياسي والعسكري، جهداً كبيراً للحفاظ على مستوى من العلاقات المتوازنة والوقوف على مسافة متكافئة بين موسكو والقوى الغربية، في ظل الاستقطاب الحاصل بسبب الحرب القائمة في أوكرانيا، وهو ما أشار إليه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بالقول إن الجزائر سياسياً وأيديولوجياً بلد غير منحاز، لا إلى الأميركيين ولا إلى غيرهم، كما أوضح قائد أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة أن الجزائر تتشبث بمبدأ عدم الانحياز، وهي غيورة على استقلالها وقرارها السياسي، وتتعامل، في إطار خدمة مصالحها، مع دول صديقة كثيرة تربطها معها علاقات عسكرية واقتصادية.

بيانات وتصريحات "دبلوماسية"

وتمحورت التصريحات والبيانات الصادرة عقب كل لقاء بين بحث التعاون العسكري والتنسيق الأمني ومناقشة القضايا المشتركة، أو في إطار اجتماعات لجان التنسيق العسكري المشتركة التي تنظم مجالات التعاون، وأبرز بيان وزارة الدفاع الجزائرية، خلال استقبال قائد الجيش السعيد شنقريحة مدير إدارة التعاون الدولي بوزارة الدفاع السعودية العميد الركن يوسف بن عبدالرحمن الطاسان، أن الأمر يتعلق باجتماع للجنة المختلطة الجزائرية - السعودية المكلفة التعاون العسكري، وقد خصصت لبحث التعاون العسكري بين البلدين وتبادل التحاليل ووجهات النظر حول المسائل المشتركة.

وتناول الحديث أثناء زيارة رئيس أركان القوات المسلحة القطرية الفريق الركن طيار سالم بن حمد بن عقيل النابت بحث التعاون المشترك والتحديات الأمنية في المنطقة العربية والقارة الأفريقية، إذ تمت الدعوة إلى ضرورة رفع التعاون العسكري بين الجزائر وقطر في مستوى التقارب السياسي الكبير نفسه بين البلدين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في حين تعلق الأمر خلال حضور الوكيل المساعد للإسناد والصناعات الدفاعية بوزارة الدفاع الإماراتية اللواء مبارك سعيد غافان الجابري، للمشاركة في اجتماع اللجنة المختلطة الجزائرية- الإماراتية المكلفة التعاون العسكري، بمشروع تعاون في مجال التصنيع العسكري للعربات والعربات المدرعة.

والأمر نفسه ينسحب على زيارة رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية محمد عثمان الحسين الذي عبر عن رغبة بلاده في بعث نشاطات التعاون البيني مع الجزائر بما يكفل الاستجابة لمتطلبات الوضع الراهن في المنطقة الإقليمية ورفع التحديات الأمنية المشتركة.

مسؤولون غربيون

كذلك، تمت مناقشة التعاون العسكري بين الجزائر وموسكو والتطورات والقضايا ذات الاهتمام المشترك عند حلول أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف في الجزائر.

وأشار بيان وزارة الدفاع الجزائرية، خلال زيارة وزير الدولة المكلف القوات المسلحة البريطانية جيمس ستيفان هيبي، إلى مناقشة التحديات الأمنية التي يعرفها العالم عموماً والقارة الأفريقية على وجه الخصوص، وتبادل الخبرات في إطار مكافحة الإرهاب وفي مجال التكوين، والأمر ذاته رافق حلول قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا الفريق أول مايكل لانغلي، ومسؤول مجلس الأمن القومي الأميركي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، إذ تناول الحديث التحديات الأمنية في منطقة الساحل وأفريقيا.

الاهتمام يختلف من بلد إلى آخر

ورأى الباحث في العلاقات الدولية عدنان محتالي أن هذه الزيارات تبدو مرتبطة، لكن في الحقيقة هي غير ذلك، والسبب الوحيد لتواليها هو الوضع الجيوسياسي الذي يشهده العالم حالياً، وهو تفاقم أزمة ذات طابع عسكري، مبرزاً أن اهتمام هذه الدول بالجزائر يعود إلى كونها دولة ذات أهمية من المنظور الأمني - العسكري. وأشار إلى أن هذا الاهتمام يختلف من بلد إلى آخر، فمثلاً، بالنسبة لزيارة الوفد الروسي، فالزيارة تندرج في إطار تكثيف جهود التنسيق مع دول تعتبرها موسكو حليفة من أجل تجاوز العقوبات الغربية، إذ إن لقاء باتروشيف مع المسؤولين الجزائريين جاءت بعد لقاءات مشابهة مع شخصيات صينية وإيرانية وتلاه لقاء مع الفنزويليين.

أضاف محتالي "بالنسبة إلى الأميركيين، كل جهودهم اليوم تصب في محاولة عزل روسيا عن العالم، ولهذا، فإن زيارة قائد "أفريكوم" تأتي في سياق محاولة إقناع الجزائر بالابتعاد أكثر عن الروس، من دون جدوى طبعاً"، وبالنسبة إلى البريطانيين، تابع محتالي، فإن أهدافهم مختلفة وتتركز حول محوري الأمن في البحر المتوسط وكذلك منطقة الساحل حيث يخوض البريطانيون تنافساً مع الفرنسيين والروس في أفريقيا، كما يرجح أنهم علموا أن الجزائر على وشك عقد صفقة كبرى مع موسكو ستحصل بموجبها على عتاد بحري ضخم ونوعي، ولهذا، فبريطانيا تبحث عن سبل استقطاب الجزائر في شراكات تمكنها من التعاون بدل التنافس على الحوض المتوسط من جهة، وعن تعاون بشكل يوسع دائرة النفوذ البريطاني في أفريقيا بدلاً من أن تعاون الجزائر مع فرنسا أو روسيا من جهة أخرى، قال إن المثير للاهتمام أن بريطانيا وضعت على الطاولة عرضاً مغرياً يصعب رفضه، "وإن تم رفضه فسيكون ذلك على مضض، ألا وهو التعاون في مجالات الصناعات العسكرية، إذ في حال قبوله ستتمكن الجزائر من الحصول على قدرة تصنيع عتاد عسكري عالي الجودة والتقنية".

استغلال توتر العلاقات مع فرنسا؟

من جانبه، اعتبر الإعلامي المهتم بالشؤون الدولية المقيم بألمانيا رشدي شياحي أن المتابع للشأن الجزائري لا يخفى عليه كيف تحولت الجزائر في الأسابيع الماضية إلى قبلة مسؤولين عسكريين من دول عربية وإقليمية. وقال إن الجزائر كانت، خلال الحكم السابق، خارج أجندات دول عربية وأخرى مهمة، وتراجع دورها الدبلوماسي انسحب على كل مشاريع التنسيق والتعاون في قطاعات وملفات كثيرة، وربما يعتبر الملف الأمني والتنسيق العسكري من أبرز المواضيع التي عاد الحديث عنها مع عودة الجزائر إلى مكانتها الدبلوماسية الطبيعية، ولعل الزيارات التي قامت بها قيادات عسكرية إلى البلاد، بالأسابيع الأخيرة، مؤشر للمكانة التي يحظى بها الجيش الجزائري الذي يحتل المراتب الأولى عربياً وأفريقياً، موضحاً أن هناك تنافساً بين القوى الكبرى لكسب ود الجزائر واستغلال الظرف الراهن حيث تشهد العلاقات الفرنسية - الجزائرية توترات سياسية.

المزيد من متابعات