ملخص
حظيت #الأندية_الرياضية_السعودية بتاريخ طويل من الدعم الجماهيري الغنائي الذي يعكس حجم التنافس، تلك #الأهازيج التي دخلت اليوم حيز التوثيق
لا تكتمل لعبة كرة القدم إلا بهتافات المشجعين وأصوات حناجرهم الجماعية المدوية التي تلهب حماسة اللاعبين على أرض الميدان وتتفاعل مع كل تسديدة وهجمة، فكلما زاد الحشد في الملعب ازدادت الإثارة.
ولأهمية وجود الجماهير للأندية كونها تعطي المباريات مذاقاً خاصاً، وقد تكون أحد أسباب الفوز أو الخسارة، فإن حرمان الجماهير من الحضور للملعب هي إحدى العقوبات الموجودة في لائحة الانضباط الآسيوية وكذلك الدولية، وتقرها بعض اتحادات ولجان الكرة عقوبة على الأندية.
وهذه العقوبة القاسية تشير إلى أن الجماهير في عالم كرة القدم يعتبرون الوقود الحقيقي للفريق. وعلى مر السنين حظيت الأندية الرياضية السعودية بتاريخ طويل من الدعم الجماهيري الغنائي الذي يتزامن معه تاريخ من إطلاق الأهازيج المختلفة التي تعكس حجم التنافس، وراجت بفضل كلماتها البسيطة وارتفعت بها أعداد الجماهير التي باتت تحرص على حضور المباريات لتحضر في المدرجات بالذات بالقرب من الرابطة كي تتفاعل معها، فعند سماعك لأهازيج فريقك وسط الملاعب السعودية وترديد العبارات مع أعضاء الرابطة (أوووووه يالأصفر - أووووو ياهلالي) وغيرها من العبارات؟ هل تساءلت يوماً عن كاتب هذه الكلمات؟ وما تاريخها؟ وكيف يتم تلحينها؟
التوثيق الثقافي
وقد أعلنت هيئة الموسيقى السعودية أمس الثالث من مارس (آذار) نيتها ببدء جميع أهازيج الأندية الرياضية وكشف وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان عبر حسابه الرسمي في "تويتر" عن بدء "هيئة الموسيقى" في حصر وجمع أهازيج جميع أندية كرة القدم السعودية وطرح سؤال للجمهور الرياضي ما أهازيج أنديتكم المفضلة؟ وهنا غابت المعلومة في الردود التي غلب عليها العاطفة والتحيز للنادي أكثر. وتعرف الأهزوجة بأنها نشيد شعبي في لغة العامة من الناس ينشده الجماهير في المباريات بطرق متنوعة وعبارات مختلفة.
ومع كل خبر عن توثيق أو جمع للتاريخ يتجدد الحديث دورياً في السعودية عن غياب توثيق التاريخ الرياضي السعودي عن أنظار كثير من الباحثين في الجامعات السعودية على رغم حداثة العهد وقرب الزمان وتوفر المصادر إلا أنه ما زال تاريخاً شفوياً لا كتابياً، مما تسبب في هذا النقص التوثيقي الموجود غياب أبرز تطور التحولات الجماهيرية داخل الملاعب السعودية التي كانت لفترة طويلة خارج دائرة الاهتمام والرصد.
وجاءت خطوة وزارة الثقافة السعودية بهدف توثيق الأهازيج التي يشتهر بها كل ناد وترددها جماهيره في المدرجات من أجل مساندة اللاعبين وحثهم على تحقيق الفوز خلال المباريات. فمن خلال الأهازيج استطاع الجمهور إعادة تشكيل العلاقة بينه وبين أطراف اللعبة الفاعلين من مدربين ولاعبين وحكام وأصبح له صوت بدل من المتابعة فقط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بنظرة تفصيلية حول صناعة الأهازيج فإن صياغتها تمر بمراحل تبدأ من كتابة الكلمات وغالباً ما تكون مجانية من شعراء محبين للنادي وأحياناً يتم شراء الأهزوجة بحسب تقدير اللجنة الفنية وبعد الاعتماد يتم تلحينها ثم تحديد عرضها بحسب قوة الأهزوجة تعرض في المباراة ولا تطرح الأهازيج القوية إلا في المباريات الحاسمة.
وفي ورقة بحثية تعد الأولى من نوعها في هذا المجال للباحث عبدالرحمن الشقير التي حملت عنوان "أنثروبولوجيا جماهير كرة القدم و أهازيج الملاعب"، التي ركز فيها على دراسة الجماهير في ملاعب كرة القدم بوصفهم ظاهرة اجتماعية وقوة تأثير صامت في اللاعبين والحكام.
أول ناد اتجه للاهتمام برابطة المشجعين
يحكي الشقيرفي دراستة بأن تاريخ الأهازيج لا يعرف على وجه التحديد اللحظة التي غنت فيها إدارات الأندية والاتحاد السعودي لكرة القدم بتنظيم الجماهير والسيطرة على كلمات الأهازيج إلا أنه ذكر بأن ما بعد حرب الخليج عام 1990م، لم تكن الجماهير كما هي قبلها حيث زاد استيعاب المدرجات ودخلت المكبرات الصوتية وتحولت الأهازيج إلى صناعة أدبية وفنية وتشكل لها لجان لتحكيم الكلمات واختيار اللحن الماسي وأداء بروفات على مسارح الاندية ثم اشتعلت المنافسة لتقييم أفضل أداء بين رابطة مشجعي الأندية وكأنها مباراة في الملعب ومباراة في المدرجات.
وعن التغيير الذي حدث بعد عام 1990م أشار الشقير مع ازدياد أعداد الجماهير بدأت تظهر فكرة المدرجات في الملعب وكلما زاد عدد الحضور زادت إجراءات إدارة الملاعب بإبعادهم مسافة أكثر ووضع الكراسي ثم مدرجات أسمنتية وأن الأهازيج والملاعب والجماهير يكبرون سوياً على مدى أكثر من نصف قرن.
وقد أورد الباحث على لسان بدر تركستاني مدير إدارة رابطة المشجعين بالنادي الأهلي أن أندية المنطقة الغربية هي قائدة الأهازيج في الرياضة السعودية، وذلك لوجود مجموعة من الفنانين والملحنين، ولأن التراث الحجازي غني بالفلكلور الفني الشعبي المناسب لاستخدامه الحانة في أهازيج الملاعب والمجرور والينبعاوي والخبيتي".
وذكر الشقير بأن نادي الاتحاد السعودي يعد أول نادي اتجه الاهتمام برابطة المشجعين وتحديداً منذ عام 1958 حيث كان المشجع عبدالرحمن كامل أول من أشرف على تنظيم الجماهير في المباريات، وفي عام 1967 أصدر رئيس النادي قراراً بتعيين عبدالله شعيب كأول رئيس لرابطة المشجعين".
أهازيج أصبحت أغاني رسمية للأندية
وقد تفردت الجماهير بهتافات مشتركة وأغانيها التي تمجد لعبة كرة القدم، ولم يكن في البداية لكل فريق أهازيج خاصة بل تصدر عفوية، وأشار الشقير "في بدايات التشجيع يمكن لأي مشجع ذي الصوت القوي أن يلفظ أية كلمة مشجعة ثم يرددها معه الجمهور، وكانت كانت تعتمد في بدايتها على صوت الجماعي فقط مدعومة بالتصفيق والتصفير بالفم لإشعال الحماس ومع ظهور الرابطة دخلت الطبول وأعلام المشجعين".
ومع الوقت، أبدعت الجماهير في ابتكار أهازيج رياضية وتحولت لاحقاً لأغاني رسمية للأندية. فقد أشار الشقير "إلى أن الجماهير استقت عباراتها من تراثها ومن حبها لأنديتها ويتم ترديدها قبل المباراة كما يردد جماهير نادي الأهلي (لك العهد والعشق والانتماء وخلفك نمضي صباحاً مسا لتبقى مجيداً وفخراً وعيداً وصرحاً فريداً) ونادي الهلال (زعيم عشقناه منذ القدم شعار وعلم يا هلال وفخر حصدنا منذ القدم) وفي نادي الاتحاد (وطن وطن وطن نادي الوطن اللاتي) وجاءت عبارات نادي النصر (فلتصمت الدنيا لتسمع صوتنا ولينطق التاريخ يحكي مجدنا)".
وعن رتم الأهازيج قدم الشقير دراسة تحليلية توضح متى تكون الأهازيج حماسية أو من أجل الضغط على النادي الآخر، كما حدث في مباراة النصر والشباب ضمن دوري الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم عام 1976 فقد كان الملعب مزوداً بمدرجات أسمنتية تتسع لبضع آلاف من المتفرجين ويقف في وسط الملعب جماهير نادي النصر بدأوا بالأهزوجة التالية قبل انطلاق المباراة (أوووه أوووه العب يا الأصفر) مع قرع الطبول وبرتم بطيء، وفي منتصف المباراة ولأجل ضغط فريق الشباب وتشتيت انتباه اللاعبين تسارعت رتم الأهزوجة بشكل سريع.