ملخص
برحيل #كمال_الهلباوي أحد أبرز قيادات #تنظيم_الإخوان_المسلمين المنشقين، انطوت صفحة من الجدل حول علاقات الرجل بالجماعة، ما بعد الأحداث التي شهدتها #مصر عام 2011
برحيل كمال الهلباوي أحد أبرز قيادات تنظيم "الإخوان المسلمين" المنشقين، انطوت صفحة من الجدل والغموض دارت حول علاقات الرجل بالجماعة، ما بعد الأحداث التي شهدتها مصر في عام 2011 وقادت إلى إطاحة نظام الرئيس الراحل حسني مبارك بعد نحو 30 عاماً في الحكم.
ووفق ما أعلنه نجله عمرو توفي الهلباوي (84 سنة)، الذي عمل سابقاً متحدثاً باسم جماعة الإخوان في الغرب، وانشق عنها في مارس (آذار) 2012، الثلاثاء 28 فبراير (شباط) الماضي، بعد أيام من المعاناة مع المرض، اضطرته إلى الخضوع للرعاية الصحية بأحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن.
ولطالما أثار الهلباوي الجدل بمواقفه، سواء تلك التي كشفت كثيراً من الغموض عن سياسة التنظيم السري للجماعة بعد انشقاقه عنها، أو تلك التي عكست إعجاب الرجل بالنموذج الإيراني ومرشدها الأعلى علي خامئني.
مسيرة مركبة مع الجماعة
على مدار مسيرته، كان كمال توفيق الهلباوي، المولود عام 1939، والحاصل على ليسانس الآداب عام 1960، فضلاً عن شهادة في إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية بالقاهرة، عام 1971، عضواً فاعلاً في تنظيم جماعة الإخوان التي تصنفها القاهرة ودول عربية أخرى "إرهابية"، وكان من بين أبرز المناصب التي شغلها المتحدث باسم جماعة الإخوان في الغرب، والرئيس المؤسس للرابطة الإسلامية في بريطانيا.
وبحسب تصريحات سابقة له، فضلاً عن كتاباته، انضم الهلباوي لتنظيم الإخوان في سن مبكرة، وتحديداً أثناء دراسته الثانوية في إحدى المدارس بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة)، أوائل خمسينيات القرن الماضي، وشغل مناصب عدة داخل التنظيم، وصولاً إلى عضو قيادة التنظيم العالمي الذي يضم مكتب الإرشاد ومجلس الشورى في التسعينيات، وكان قد أشار إلى أنه "بعد رحلة طويلة، كنت عضواً في قيادة التنظيم العالمي، وبعد أن استقلت من القيادة في عام 1997، عملت على مشروعات فكرية دعوية، لكن بقيت عضواً في التنظيم".
وخلال وجوده في أوروبا، اشتهر الهلباوي بـ"نشاطه الإسلامي"، إذ ساعد في إنشاء عديد من المنظمات الإسلامية، بما في ذلك "جمعية المسلمين في بريطانيا"، عام 1997، كما عمل عضواً في "لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الإسلامي الأوروبي"، وعمل أيضاً مستشاراً لمركز "الدراسات السياسية بالمملكة المتحدة"، ومدرساً جامعياً بأكاديمية الدعوة بالجامعة الإسلامية العالمية، ومستشاراً ومحاضراً بمعهد الدراسات السياسية بباكستان.
قصة الانشقاق عن الجماعة
وفق رواية الهلباوي نفسه عن عضويته في التنظيم وعودته إلى مصر بعد قضائه نحو 23 عاماً في المنفى يقول "في أعقاب ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، حملت حقائبي وعدت إلى مصر من بريطانيا، رغبة في مشاركة الشعب فرحته ومستقبله المشرق"، مضيفاً "بعد العودة اطلعت عن قرب على أوضاع الإخوان فيها، وكانت أيام كاشفة، قادتني إلى أن أستقيل من التنظيم كله في أواخر مارس عام 2012، عندما كان التنظيم يظن أنه في صعود سياسي، ويركزون على السلطة أكثر من الدعوة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولاحقاً، فسر البعض سبب الاستقالة الرئيس من الجماعة والانشقاق عنها، هو الاحتجاج على ترشيح القيادي الإخواني خيرت الشاطر (نائب المرشد المحبوس في قضايا عنف وقتل بمصر) في الانتخابات الرئاسية عام 2012 (استبعد لاحقاً لصالح ترشيح القيادي محمد مرسي)، فضلاً عن التباينات القوية بين الرجل مع ما يعرف "المجموعة القطبية التي أدارت التنظيم، وحرفته عن خط مؤسس الجماعة حسن البنا".
وفي رواية أخرى للهلباوي أوضح "رأيت بعيني الانحراف عن المشروع الإسلامي الذي يحمله التنظيم، تمثل في استمرار الجوانب السرية التي تحول دون التوثيق الدقيق، وتنامي الميل إلى العنف، على رغم شعار السلمية المرفوع، والاستحواذ أو الرغبة الخالصة في السلطة، على رغم شعار المشاركة، فضلاً عن ثغرات في المنظومة الأخلاقية، وضعف قراءة الواقع، وإهمال التدرج وأهل الخبرة من الشعب، وهم كثر، وتقديم أهل الثقة فقط، حتى من الإخوان".
وبعد انشقاقه عن الجماعة بدأ القيادي السابق في مناهضة التنظيم وسياساته، وكان لافتاً لعبه دوراً بجانب مجموعات سياسية مصرية للاصطفاف خلف مرشح منافس لمرشح الإخوان حينها للرئاسة، محمد مرسي، فضلاً عن دعمه التظاهرات التي قادت لإطاحة مرسي في يونيو (حزيران) 2013.
وطوال عام حكم الإخوان لم يخف الهلباوي معارضته للجماعة في أكثر من موضع قائلا في أحد تصريحاته في ذلك التوقيت، إنه "مع تصاعد حدة المعارضة للإخوان كتبت عن السيناريوهات الأربعة المتوقعة في مصر، وكان آخرها التدخل الأجنبي، بينما كان الأول أن يصلح مرسي من نفسه ويخدم الشعب ويظهر للناس علامات للحكم الرشيد، وآنذاك قلت إن هذا غير ممكن، أما السيناريو الثاني في ظل عدم قدرة الأحزاب المدنية على مواجهة الإسلاميين، فكان لابد من تدخل الجيش وقد حدث، والسيناريو الثالث كان الفوضى، ويؤكد أنها المرحلة التي نعيشها الآن وتشمل العنف والإرهاب والقتل والتفجير"، موضحا أن مصر كان من الممكن أن تصل إلى مرحلة سوريا حيث حرب أهلية مستعرة منذ العام 2011، لكن الإعلان عن مواجهة الإرهاب مبكرا بعد عزل الرئيس المنتمي للجماعة أبعد هذا الاحتمال، على حد وصفه.
وعقب إطاحة مرسي كان الهلباوي جزءاً من المشهد السياسي الجديد لما يعرف في مصر بـ"نظام يوليو 2013"، إذ اختير عضواً بـ"لجنة الخمسين" التي وضعت الدستور المصري عام 2014، وتولى منصب نائب رئيس اللجنة، كما شغل عضوية "المجلس القومي لحقوق الإنسان" (هيئة رسمية).
في تلك الفترة، كان يرى الهلباوي، إن القوة التنظيمية لجماعة الإخوان لم تعد كما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير، معتبرا أن الأزمات التي تواجه الجماعة قسمت شباباها إلى مجموعات، هم "الإخوان الداعشيون القريبون فكرا من السلفية الجهادية والتكفيرية وهؤلاء تأثروا بقيادة الجماعة والقيادة تقدرهم، وأخرون ينبذون العنف ورافضين لسياسات ومواقف القيادة".
وعلى وقع الأزمات التي بدأت تعصف بالإخوان، كان الهلباوي يرى في مستقبل التنظيم أن "الانقسام والصراع والتعدد مستمر على الساحة الداخلية، ولم يعد هناك ملاذات آمنة بالكامل بعد الاتهام بالإرهاب والعنف، وتغير صورتهم في العالم العربي، لا سيّما بعد أن تخلّت أمريكا عن دعمهم في موضوع السلطة، وفي ضوء التسويات الدولية الجديدة، والانقسام مستمر؛ نظراً لاختلاف المنهج والفهم والتحالفات"، معتبرا في أحد كتاباته، أن على الجماعة أن تنظر في أمرها "بموضوعية، فالعاقل لا يحمل فوق كتفه ما لا يطيق، وهذا حتى مخالف للشرع، ولعلهم يسعون نحو حلحلة التحديات، مهما كان الثمن".
وفي عام 2018، وقبل عودته إلى لندن، طرح الهلباوي مبادرة لـ"إصلاح الأمة"، هدفت لتحقيق مصالحة بين جميع طوائف الشعب، مما عرضه لهجوم حاد وانتقادات شديدة من الجماعة وخصومها، على أثر اقتراحه تشكيل "مجلس حكماء للمصالحة" من شخصيات، قال عنها إنها "وطنية وقومية معروفة، سواء مصرية أو عربية"، كان من بينها وزير الخارجية المصري السابق والأمين العام الأسبق للجامعة العربية عمرو موسى والرئيس السابق للجمهورية السودانية عبدالرحمن سوار الذهب، ورئيس مجلس الأمة الكويتي سابقاً مرزوق الغانم.
ولاحقاً، قال الهلباوي عن تلك المبادرة، إنه "بسببها انهالت الاتهامات على رأسي من الإخوان، ورفضوا المبادرة التي ما كانت إلا للخروج من الصراع والسعي إلى الإصلاح في الأمة الإسلامية والعربية، والاستفادة من القدرات والإمكانات البشرية الكبيرة، والتركيز على العدو الحقيقي".
"إعجابه" بالنموذج الإيراني
من بين أكثر مواقف الهلباوي التي أثارت الجدل كان إبداء إعجابه وإشادته بالنظام الإيراني، فضلاً عن لقائه في أكثر من مرة المرشد الأعلى علي خامنئي. ففي أحد تسجيلاته المصورة قبل أعوام أبدى الهلباوي إشادته بما سماه "إنجازات إيران" في ظل قيادة الخميني سابقاً، وخامنئي حالياً، مشيداً بالتطور الذي شهدته البلاد عقب "الثورة الإسلامية" في عام 1979. ووصف الخميني بأنه "الأستاذ الذي يتعلم منه طلابه، وأن جماعة الإخوان تعلموا منه كما تعلموا من مؤسسي التنظيم حسن البنا وسيد قطب".
وحول ملابسات ذلك الفيديو، الذي يعود تاريخه للعام 2011، ذكر الهلباوي، في العام 2016 إنه "جاء في سياق، دعوة تلقاها من نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين آنذاك، محمد علي تسخيري لحضور مؤتمر التقريب بين المذاهب، بصفته أمينا عاما لمنتدى الوحدة الإسلامية في لندن، وأنه ذهب لهذا المؤتمر ليدافع عن السنة، والتقريب بين المذاهب وفتح حوار بين السنة والشيعة، وإذابة أي خلافات فقهية أو مذهبية".