Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الجثة في الغابة" وثائقي يعرض اكتشافا مروعا في أوكرانيا

بيل ترو تتذكر اللحظة التي أدت إلى إعداد فيلم وثائقي جديد من اندبندنت عرض في الأول من مارس

" تحولت كل حديقة إلى مقبرة مؤقتة محفورة على جناح السرعة" (بل ترو/ اندبندنت)

ملخص

في قلب #حرب ضروس يتناولها #الإعلام بذكر المعدات الحربية والاصطفاف السياسي والمكاسب المادية، ثمة حياة بشر يعيشون في #الرعب ويموتون فيه أيضاً.

كانت الجثث مبعثرة في كل مكان. وما زلت أذكر أنني رأيت عموداً فقرياً بشرياً متفحماً وجمجمة على أرضية سيارة منقلبة ومحترقة، وجثة أخرى مقطوعة الرأس كانت مرمية على الأرض بمحاذاة شارع مدمر ومنكوب.

ونتأت من تحت تراب مقبرة جماعية ثنية ذراع، وقدم، متخذة شكل ين ويانغ، فكان المكان برمته أشبه بلوحة مرعبة متجمدة.

كان ذلك في مطلع أبريل (نيسان)، بعد شهر من الاجتياح غير المشروع الذي شنه فلاديمير بوتين على البلاد. وكانت القوات الروسية قد انسحبت للتو من البلدات التي احتلتها غربي العاصمة كييف. وكانت هذه المناطق محرومة من الكهرباء والإنترنت ومن الاتصال بشبكة الجوال، فتعذر بالتالي التواصل مع سكانها. وكانت أول مرة نستطيع فيها دخول المكان منذ بداية الحرب. وعندما انسحب رجال موسكو في نهاية المطاف، كان الأمر أشبه بمواجهة كابوس حي.

تحولت كل حديقة إلى مقبرة مؤقتة محفورة على جناح السرعة. وللمرة الأولى، تمكن المستجيبون الأوائل من الحفر بين الركام للوصول إلى جثث القتلى.

فتكاد ترى أشباح المدنيين الذين فقدوا، وتكون شاهداً على اللحظات المريرة التي أرغموا على اختبارها.

 

وسط هذا كله، وخلال يوم كنا عائدين فيه من جولة إعداد تقارير، رأينا مجموعة جنود ضمن فرقة منعزلة في الغابة، بمحاذاة بلدة اسمها ماكاريف، تقع على مسافة 60 كيلومتراً من العاصمة. وكانوا ملتفين حول شيء ما بمحاذاة بعض الشجيرات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خرجنا من السيارة لنرى. لقد كانت جثة رجل أوكراني ملقى وهو يدير وجهه إلى الأرض، بمحاذاة مجموعة شجيرات. وكانت يداه ورجلاه مكبلة، في حين أن جسمه كان محروقاً جزئياً. وكان حافي القدمين، وارتدى قميصاً بمربعات وبنطلون جينز. وأمكن رؤية خاتم على إصبع يده اليمنى.

على مسافة أمتار قليلة خلفه، ظهر معسكر روسي منمق ومهجور، كان مزوداً بشبكة خنادق. فكأن الماكثين فيه غادروه للتو، إذ كانت الجوارب المبللة تجف على غصن شجرة، وركوة القهوة نصف ممتلئة إلى جانب منشفة صغيرة ومغسلة.

ثم رأينا مكنة خياطة وأزراراً مبعثرة في كل مكان. وإلى جانب قن، كانت دجاجات تقتات من أكياس حبوب، في حين أوت خزانة صغيرة معدات مطبخ مؤقت كاملة، فيها جرار كبيس ومعلبات حصص غذائية للعسكر.

 

كانت الأيام القليلة التالية بمثابة مجموعة متشابكة ومريعة من الشهادات الحية عما فعله الروس بالسكان الأوكرانيين في هذه المناطق: من غرف تعذيب، وعمليات إعدام بمحاكمة مقتضبة، وحالات اختفاء واغتصاب، بيد أن مشهد الشاب المقيد الذي قتل ورمي في المكان وحيداً عند حدود خندق، على خط الهجوم الروسي، بقي يقوض مخيلتي ويجتاحها. فكيف وصل إلى هذا المكان؟ وماذا حل به في أيامه الأخيرة المريعة؟

هل كانت لديه عائلة؟ أين هم أفرادها، وهل هناك من يبحث عنه؟

قررنا العودة لنحاول أن نعرف إن كان قد تم التعرف إليه، وإن كانت عائلته قد تبلغت خبر وفاته، وإن كان هناك من يعرف ما حل به في الساعات الأخيرة من حياته.

ما لم ندركه هو أنه أثناء محاولتنا القيام بذلك، دخلنا دنيا الكابوس المفروضة على عدد كبير من العائلات الأوكرانية، وسط بحث غير مسبوق عن المفقودين والقتلى، في أكثر الحروب هدراً للدماء في أوروبا منذ أجيال.

في خضم الفوضى التي سببتها الحرب- وسط ارتفاع بهذا الحجم في عدد الضحايا- ومع طول خط الهجوم الأمامي وحدة جرائم الحرب المرتكبة المزعومة، بات السعي إلى تحديد هويات الموتى، لتوثيق جرائم حرب من المحتمل أن تكون ارتكبت بحقهم، أمراً بالغ الصعوبة.

الحروب الروسية
حرب روسيا على أوكرانيا في مطلع العام 2021، سبقتها تجربتان أصغر نطاقاً: الأولى حرب خاطفة على جورجيا عام 2008، والثانية ضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014. وبذلك، شهدت الألفية الثالثة يقظة الدب الروسي، تمهيداً لبداية حقبة جديدة في العلاقات الدولية.
Enter
keywords

 

ووسط مساعينا الهادفة لمحاولة فهم العملية، التقينا فلاديسلا، وهو مراهق جعلته الحرب يتيماً بعد أن قتل الروس أمه وسلموه للدفن جثمان امرأة أخرى.

والتقينا فاديم، وهو أب لولدين، أرغم على رؤية عائلته تموت عندما فجرت طائرة روسية المبنى السكني الذي كانوا يسكنون فيه.

وصادفنا عدداً لا يحصى من الأشخاص ممن لديهم قصص خسارة مشابهة. وكان جل ما تمنوه جميعاً هو القيام بأبسط الأمور على الإطلاق، والعثور على أحبابهم ودفنهم، ليتمكنوا من تقبل واقعهم ويسهم ذلك في لأم جروحهم.

لكن حتى هذا، لم يسعهم القيام به بعد نحو عام.

بالتالي نشأ الفيلم الوثائقي بعنوان "الجثة في الغابة"، ليكون بمثابة فسحة يخبرون فيها قصصهم، ويسلطون ضوءاً ساطعاً، أمام العالم أجمع، على كابوس الإحصاءات اليومي الذي نقرأه ونكرره من دون أي تكلف حتى.

ما زلت أفكر، في كثير من الأحيان، بالشاب في الغابة. فكم كانت وحيدة ومخيفة لحظاته الأخيرة. وكيف شكل مقتله مثالاً آخر على عبثية حرب بوتين في أوكرانيا والحرب إجمالاً، وعلى قدرة بعض البشر على إيذاء الآخرين.

وكم أخشى أن تكون الصحافة قد تحولت عن غير قصد إلى أداة لتقديس العنف. وآمل أن يتمكن فيلم "الجثة في الغابة" من كسر هذه الحتمية، وأن يسهم، بدلاً من ذلك، بالتركيز وبتسليط الضوء على حياة الناس الذين غالباً ما ابتلعتهم الإحصاءات، فيظهر الجهود المبذولة لتوثيق هذه الجرائم وجرائم الحرب.

لا شك أن الأمل بألا يتكرر هذا الواقع في المستقبل هو ضرب من السذاجة. ربما.

عرض فيلم "الجثة في الغابة" للمرة الأولى في كييف يوم السبت وهو متوفر حالياً على موقع صحيفة "اندبندنت"  وتطبيق Smart Tv الجديد.

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات