Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فوضى الجمارك في لبنان تهدد قطاع استيراد السيارات بالاندثار

تراجع مبيعات المحروقات بنسبة 30 في المئة تزامناً مع أزمة ارتفاع الرسوم الجمركية

أدى ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان إلى تراجع في حركة السير خارج أوقات الذروة (رويترز)

ملخص

وسط #الأزمة_الاقتصادية المتفاقمة وبعد رفع #الدولار_الجمركي يواجه قطاع استيراد السيارات في #لبنان أزمة وجودية في ظل عدم وجود نقل مشترك وانخفاض قدرة المواطنين الشرائية

ضمن مسلسل انهيار القطاعات الإنتاجية في لبنان، يدخل قطاع استيراد السيارات سلة القطاعات المهددة بالزوال، إذ انعكست الأزمة الاقتصادية والمالية على حركة التجارة في قطاع السيارات. وكان لقرار رفع الدولار للجمركي على السيارات المستوردة من الخارج وقع قاسٍ أدى إلى ارتفاع أسعارها، بعد تعديل "الدولار الجمركي" من 1500 ليرة لبنانية للدولار إلى 15 ألف ليرة، ومن ثم 45 ألفاً، وذلك خلال شهرين فقط.

وتزامنت أزمة ارتفاع الرسوم الجمركية مع ارتفاع كبير في أسعار المحروقات التي دفعت اللبنانيين إلى التخلي عن السيارات الكبيرة واستبدال أخرى صغيرة واقتصادية بها. ونتيجة ارتفاع سعر صفيحة البنزين إلى حدود مليون ونصف المليون ليرة تراجعت مبيعات المحروقات بنسبة 30 في المئة، ففيما بلغ الاستهلاك في عام 2022 نحو 304 آلاف صفيحة في اليوم، انخفض إلى نحو 213 ألف صفيحة في اليوم حالياً، مما أدى إلى تراجع في حركة السير خارج أوقات الذروة، كما سيؤدي إلى تراجع أرباح المحطات، بالتالي إقفال عدد منها (يبلغ عدد المحطات حالياً نحو 3200 محطة).التوقف عن الاستيراد

وفي السياق يؤكد نقيب أصحاب معارض السيارات وليد فرنسيس أن شحن السيارات من الخارج سيتوقف نتيجة الفوضى الجمركية السائدة في البلاد، الأمر الذي سيؤدي إلى خسارة خزانة الدولة مداخيل أساسية، إضافة إلى فقدان آلاف العائلات العاملة في هذا القطاع مورد رزقها.

ويوضح أنه بعد احتساب الدولار الجمركي على 45 ألف ليرة للدولار ستتراجع مبيعات معارض السيارات بنسبة 90 في المئة، بعد أن سبق وتراجعت 50 في المئة سابقاً بعد رفع الدولار الجمركي إلى 15 ألف ليرة للدولار؜، وأشار إلى أنه سابقاً كان لبنان يستورد 50 ألف سيارة في السنة. 

ولفت إلى أن قرار نقابة أصحاب معارض السيارات بالتوقف عن الاستيراد كلياً والاكتفاء بالسيارات المستوردة سابقاً ناتج من الخسارة في ظل استمرار رفع رسوم الجمارك التي ارتفعت أكثر من 30 مرة خلال شهرين، كاشفاً عن أن 65 في المئة؜ من المعارض على الأراضي اللبنانية أقفلت وانتقلت إلى دول مجاورة مثل الإمارات والأردن وقطر، وأن نسبة الـ35 في المئة تترنح، وقد تؤدي الزيادة الأخيرة على الرسوم الجمركية لإطاحتها تماماً.

وكشف عن أنه إضافة إلى "كارثة" الجمارك، يعاني أصحاب معارض السيارات صعوبات في تسجيلها بسبب إضرابات الدوائر الرسمية وإقفالها معظم أيام الأسبوع، وقال "طالبنا بتبسيط معاملات تسجيل السيارات، مما يساعد على تسريع التسجيل المعطل منذ سنة بفعل الإضرابات وتوقيف عدد من الموظفين"، مشيراً إلى أن النقابة قدمت مذكرة إلى وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي حول مطالب ورؤية النقابة في سبيل تفعيل عمل مصلحة تسجيل السيارات ومعالجة قضية 4500 سيارة لا تزال عالقة في المرفأ، تم استيرادها سابقاً، ووصلت مع دخول التعديل الجمركي حيز التنفيذ.

تسهيل مهمة "المهربين"

بدوره، نعى نقيب أصحاب معارض السيارات المستعملة إيلي قزي، القطاع الخاص كاملاً، مرجعاً السبب إلى أن الزيادات العشوائية وغير المدروسة للدولار الجمركي شرعت الطريق للمهربين والمتهربين من الضريبة، بالتالي كل تلك الإجراءات تنعش الشركات غير المسجلة على حساب الشركات المسجلة التي تسدد الضرائب وتنعش خزينة الدولة.

ولفت إلى أن الدولة تعمل بطريقة غير جدية، ومن دون دراسات ولا تفكر بمساعدة القطاعات المنتجة في لبنان، "فهي غارقة ومصرة على استكمال مرحلة الغرق. المسؤولون يعتقدون أنهم إذا رفعوا الدولار الجمركي ستتحسن واردات الخزينة، ولكن ما سيحصل هو العكس تماماً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أنه يجب نسيان قطاع السيارات المستعملة "لأنه لا مصلحة للمستوردين بشراء سيارات جديدة، في ظل التضخم بسوق السيارات وعدم قدرة المواطن على شرائها، إضافة إلى أن مصلحة تسجيل السيارات مقفلة، وهذا الأمر زاد الطين بلة في ركود القطاع".

وأوضح أن لبنان ملتزم مع الاتحاد الأوروبي بالرسم الجمركي 5 في المئة المفروض على السيارات المستعملة، لذا فالحل لخفض قيمة الرسوم هو تعديل الرسم على الاستهلاك البالغ 45 في المئة وخفضه إلى 5 في المئة، ورفعه كلما ارتفعت قيمة السيارة المستوردة، وذلك من أجل التزام المعايير الأوروبية والمحافظة على قدرة المواطن بشراء السيارات.

السلامة المرورية

من ناحيته، يكشف عضو مجلس إدارة جمعية مستوردي السيارات الجديدة فريد حمصي عن أن مبيعات قطاع السيارات الجديدة تراجعت بنسبة 80 في المئة منذ بداية الأزمة الاقتصادية في عام 2019، مشيراً إلى أن إلغاء القروض المصرفية للسيارات الجديدة وزيادة أسعار المحروقات وتجميد حسابات المودعين والشركات في المصارف، أدت إلى شلل كبير في هذا القطاع الذي يشكل أحد أبرز أركان الاقتصاد الشرعي ويؤمن المدخول الرئيس للأكثر من 15 ألف عائلة، وهو يمثل مجموعة من الوكلاء المعتمدين الذين يصرحون ويدفعون ضرائب ورسوماً عالية جداً للدولة.

وأوضح أنه في ظل عدم وجود نقل مشترك والارتفاع الكبير في أسعار المحروقات، بات توجه المواطن لشراء السيارات الصغيرة، إلا أن رفع الدولار الجمركي إلى 45 ألف ليرة حالياً وإمكانية رفعه أيضاً مستقبلاً في ظل استمرار التضخم، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات الصغيرة الشعبية من 20 إلى 50 في المئة من أصل ثمن السيارة، وهي كلفة باهظة يتحملها المواطن في ظل هذه الظروف الصعبة، مما يخلق أزمة نقل إضافية. 

وأكد أن استمرار رفع الرسوم الجمركية أدى إلى تراجع كبير في المبيعات وإلى إقفال كثير من الشركات بسبب المصاريف الباهظة، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى انخفاض كبير في إيرادات الدولة لجهة الضرائب والرسوم.

وأوضح أن تداعيات انهيار القطاع وإقفال الشركات الرسمية المستوردة للسيارات سيؤدي إلى مخاطر على السلامة المرورية وحقوق المستهلك، إذ يؤمن وكلاء السيارات الجديدة ضمانات وكفالات المصنع الرسمية وخدمات ما بعد البيع، ويدربون التقنيين والمهندسين لديهم بشكل دوري تحت إشراف المصنع، بالتالي ستؤدي الفوضى إلى تشجيع الاستيراد غير المسؤول لدى السوق الموازي (غير الوكلاء المعتمدين)، من دون تأمين تلك الخدمات، مما يشكل خطراً على حياة المستهلك من دون أن يترتب على هؤلاء المستوردين أي مسؤولية قانونية.

استغلال الأزمة

في المقابل، يرفض مصدر في وزارة المال اللبنانية ادعاءات مستوردي السيارات بأن رفع الرسوم الجمركية يؤدي إلى تدمير القطاع، إذ برأيه استطاعوا مراكمة أرباح طائلة طيلة مدة الانهيار الاقتصادي في البلاد والاستفادة من تضخم الليرة اللبنانية، مشيراً إلى أن التعديلات في رسوم الجمرك ليست سوى تصحيح للأرقام في ظل التغيير المستمر لسعر الصرف، مشدداً على أن الرسوم حالياً تساوي نصف ما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية.

وبحسب إحصاءات الجمارك، سجل في عام 2022 دخول نحو 77110 سيارة، منها 13.3 في المئة جديد، والباقي مستعمل، في حين سجل عام 2021 استيراد 48080 سيارة 12 في المئة منها جديد، أي بزيادة 60 في المئة عن 2018 قبل الأزمة. وما حفز استيراد السيارات بهذه الوتيرة في ظل الأزمة الاقتصادية هو استباق التجار تعديل الرسوم الجمركية وتكديس السيارات في البلاد وبيعها حالياً على أسعار الرسوم الجديدة، بالتالي، بحسب المصدر، فإن التجار يحاولون الربح من بيع السيارات والاستفادة من فارق الرسوم الجمركية المدفوعة مسبقاً على الأسعار القديمة، كاشفاً عن أن مجموعة من التجار رفعت أسعار السيارات بحدود ألفي دولار، تحت ذريعة ارتفاع الرسوم.