ملخص
يراهن مؤيدو #سليمان_ فرنجية للرئاسة في #لبنان على تسويات في المنطقة يقطف ثمارها #محور_ الممانعة خلافاً لتقديرات الفريق المناوئ لـ "حزب الله"
"على اللبنانيين أن لا ينتظروا أن يأتيهم الحل للفراغ الرئاسي من الخارج أو أن تسمي الدول اسم الرئيس".
عبارة يكررها السفراء غربيين وعرباً ويرددها القادة اللبنانيون، وفي المقابل لا تتوقف العواصم المعنية عن متابعة جهود إنهاء شغور الرئاسة، ولا ينفك الفرقاء اللبنانيون عن إخضاع خياراتهم الرئاسية للحسابات الخارجية.
وبقدر ما يشدد السياسيون الفاعلون في شأن استحقاق الرئاسة الأولى على أن الخارج غير مهتم باختيار الرئيس الجديد ولن ينوب عن اللبنانيين، فيسوق بعضهم حججاً مختلفة لتبرير هذا الاستنتاج، لا يمر يوم إلا وتسرد وسائل الإعلام اللبنانية والعربية معطيات ومعلومات وتحليلات يبقى كثير منها في إطار التمنيات أو التكهنات، عن مداولات عواصم معنية أو سفرائها حول المرشح الفلاني أو المرشحين الأوفر حظاً أو المستبعدين من قبل المجتمع الدولي، بصرف النظر عن مدى صحة ذلك.
ولكل من الفريقين العريضين المتقابلين في معركة الرئاسة الأولى، أي تحالف السياديين والتغييريين والمستقلين من جهة و"الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل) وحلفائهما من جهة ثانية، قراءته للظروف الخارجية المحيطة بالرئاسة اللبنانية.
التبني العلني من "الثنائي" لفرنجية
خلال الأيام الماضية صعدت موجة الحديث عن تقدم حظوظ مرشح "الثنائي الشيعي" وحلفائه في قوى "الممانعة" رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية إثر إعلان رئيس البرلمان نبيه بري في الثاني من مارس (آذار) الحالي أنه "مرشحنا" في تبن علني للمرة الأولى منذ افتتاح معركة الرئاسة اللبنانية في سبتمبر (أيلول) الماضي، ثم إعلان الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله في السادس من الشهر الجاري ذاته دعمه ترشيح الأخير.
ورافقت هذين الإعلانين إشاعة أخبار بأن "الثنائي" أقدم على هذه الخطوة لأنه تمكن من ضمان حصول رئيس "المردة" على التأييد النيابي اللازم، أي أكثرية النصف زائداً واحداً، أي 65 صوتاً (وهو ما جزم به بري خلال التصريحات المنقولة عن لسانه)، وفق ما أكده سياسيون التقوا فرنجية نفسه قبل أسبوع من كلام رئيس البرلمان، وأن العمل جار على ضمان نصاب الثلثين لجلسة الانتخاب (86 نائباً)، فرئيسا "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع وحزب "الكتائب" سامي الجميل وعدد من الكتل النيابية والمستقلين أعلنوا نيتهم مقاطعتها لحرمان خصومهم من انتخاب فرنجية إذا نجحوا في تأمين الأكثرية المطلقة له في الدورة الثانية من الاقتراع.
"الممانعون" والتطورات الإقليمية
وفي وقت يشكك خصوم "حزب الله" بصحة المعطيات عن نجاحه في ضمان أكثرية الـ 65 صوتاً لفرنجية، ويسألون عن سبب عدم انتخابه منذ أشهر طالما لديه هذه الأكثرية، فإن مصادر "الحزب" وبري تشير إلى أن المعسكر المؤيد لفرنجية انتظر كي تستنفد المحاولات لتوحيد القوى المناوئة على مرشح آخر غير الحالي النائب ميشال معوض، وأخر إعلانه هذا إلى حين نضوج الظرف الإقليمي لمصلحته.
وفي مقابل اعتبار القوى السيادية والتغييرية أن التطورات الإقليمية ليست مؤاتية لخيار فرنجية في ظل الصراع الإقليمي الراهن والاستقطاب الدولي حول الحرب في أوكرانيا، ترى مصادر رئيس "المردة" والأوساط المتابعة للموقف الخارجي أن إعلان دعم ترشيحه جاء نتيجة مؤشرات خارجية تقود إلى تزكية هذا الخيار، فضلاً عن استبعاد ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون من السباق بعدما جزم بري باستحالة التعديل الدستوري الذي يحتاجه للوصول إلى الموقع الماروني الأول في السلطة.
تمهيد لمفاوضات مباشرة على النووي
يقول مؤيدو خيار فرنجية إن الأمور متجهة إلى تسويات متفرقة في المنطقة تتيح لمحور الممانعة أن يقطف ثمارها في السباق الرئاسي اللبناني، خلافاً لتقديرات الفريق المناوئ لنفوذ "حزب الله" الذي اكتسبه على مدى السنوات الماضية وكرسه خلال عهد الرئيس السابق ميشال عون بأن الصراع الدولي والإقليمي المتصاعد أدى إلى إضعاف المحور الإيراني – السوري، إذ بات على "حزب الله" وحلفائه أن يقدموا تنازلات في لبنان بعدما أدت إدارتهم للحكم في لبنان إلى أزمته الخانقة الاقتصادية والسياسية.
ويعدد الممانعون المعطيات عن التسويات الإقليمية التي ستفضي إلى معادلة مريحة بالنسبة إلى دورهم وموقعهم في لبنان بالإشارة إلى تقدم بعيد من الأضواء في المفاوضات السرية الأميركية - الإيرانية عبر سلطنة عُمان حول الملف النووي، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في حديث نقل عنه خلال اجتماعه بلجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني قبل أيام، متوقعاً زيارة قريب للسلطان هيثم بن طارق إلى طهران حاملاً "أخباراً سارة".
ويشير هؤلاء إلى أنه على رغم التصعيد الأميركي - الإسرائيلي ضد إيران وتقدمها في تخصيب اليورانيوم إلى نسبة تفوق الـ 80 في المئة، فإن البحث جار في شأن استئناف المفاوضات على أن تكون مباشرة هذه المرة، وليس كما كانت تجري في فيينا وتولى خلالها الأوروبيون نقل الرسائل من غرفة إلى أخرى.
لا حرب... لا فيتو
ويرى هؤلاء أن التهديد الإسرائيلي بالحرب ضد إيران بحجة منعها من امتلاك القنبلة النووية لا يعني بالضرورة ضوءاً أخضر أميركياً، لا سيما في ظل الخلاف الأميركي - الإسرائيلي غير المسبوق حول إجراءات حكومة بنيامين نتانياهو ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والتي تدعو واشنطن إلى وقفها، كما أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا تزال على موقفها بتجنب أي حرب في المنطقة تشتت جهدها في الحرب التي تخوضها مع أوروبا ضد روسيا في أوكرانيا، وخطواتها في مواجهة الصين في جنوب شرق آسيا، وبالتالي يبدو التلويح الإسرائيلي بالحرب للضغط من أجل التفاوض.
يستنتج أصحاب هذه القراءة أن واشنطن غير معنية بالتورط في تفاصيل الصراع اللبناني على الرئاسة، وأن هذا ما دفع سفيرتها في بيروت دوروثي شيا إلى القول حين سألها الرئيس بري عما يكون موقف بلادها في حال انتخب فرنجية رئيساً، إن بلادها ستتعامل معه كرئيس منتخب كما سربت أوساط بري عن تلك المحادثة بينه وبينها، وهم يقولون إنه مع تشديد الدبلوماسية الأميركية على مواصفات الرئيس بأن يكون قادراً على الحوار مع الجميع داخلياً وخارجياً وغير متورط بالفساد ويقود الإصلاحات، فإن تشديد الإدارة الأميركية على أن ليس لديها اسم للرئاسة اللبنانية يعني أن لا "فيتو" على أي مرشح يتفق عليه اللبنانيون، وهذا يشمل فرنجية على رغم تحالفه مع "حزب الله".
تبريد في اليمن وتفاوض لأجل الحلول
أما قراءة فريق الممانعة للاتجاه الإقليمي نحو التسويات فتستند، بحسب قوله، إلى معطيات بأن هناك مفاوضات جدية بعيدة من الأضواء تقودها سلطنة عمان أيضاً من أجل تبريد العمليات العسكرية في اليمن، بلجم احتمالات التصعيد العسكري التي يلوح بها "أنصار الله" بعد أن فشل تمديد الهدنة، تمهيداً لخطوات حوارية بين الأطراف الفاعلة في الشأن اليمني. الخطوات الأولية، بحسب المعطيات المتوافرة لدى فريق الممانعة، تحصل بتشجيع روسي للوساطة العمانية، بدليل زيارة نائب وزير الخارجية الروسي مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف إلى عُمان، وهو على تواصل أيضاً مع عواصم خليجية ومع الحوثيين لأن موسكو تسهم بقوة في الدفع نحو وضع الحرب في اليمن على سكة الحلول تدريجاً.
ويبدو واضحاً أن الشأن اليمني أهم بالنسبة إليها من مسألة رئاسة الجمهورية في لبنان، وتتجنب أي تورط في لعبة الأسماء والمرشحين للرئاسة، وموقفها المبدئي على رغم رفضها الهيمنة الإيرانية على قرار السلطة فيه، وستحكم على أفعال أي رئيس ينتخب وممارسات أية حكومة تتشكل، ثم تقرر طريقة التعامل مع لبنان.
خطوات الانفتاح العربي على سوريا
يتفاءل رموز "الممانعة" في لبنان بخطوات الانفتاح العربي على دمشق عبر الزيارات العربية لوزراء خارجية دول كانت على قطيعة مع حكم رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى دمشق بعد كارثة الزلزال الذي ضرب شمال غربي سوريا وجنوب تركيا في السادس من فبراير (شباط) الماضي، وفي معلومات بعضهم أنه على رغم م الموانع الأميركية للتطبيع مع نظام الأسد فإن الجهود من أجل التوصل إلى مخارج لعودة سوريا للجامعة العربية في القمة العربية المنتظرة في الرياض خلال الأشهر المقبلة لا تزال مستمرة، وهناك تعويل عربي على الدور الروسي في دفع النظام نحو اتخاذ خطوات أولية على طريق تلبية مطالب وشروط عربية ودولية تكون مقدماً لاستعادة العلاقات العربية – السورية، وتنظيم حوار معه يتناول الإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين في سجونه، ووضع برنامج من أجل إعادة النازحين يطبق بالتدرج، مما يعيد الدول العربية لبلاد الشام بالتزامن مع استئناف الجهود الروسية من أجل إتمام المصالحة التركية - السورية التي أخر الزلزال خطواتها التي اُتفق عليها خلال اجتماع ثلاثي (روسي - تركي - سوري) على مستوى وزراء الدفاع في موسكو يوم الـ 28 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على أن تتحول إلى اجتماعات رباعية تشارك فيها إيران خلال المرحلة المقبلة.
وفي رأي "الممانعين" اللبنانيين المتابعين لهذه الجهود في سوريا أن التطورات المرتقبة في سوريا تريح الوضع اللبناني وتخفض التوترات فيه وتصب في مصلحة رئاسة فرنجية للجمهورية، لأنه قادر بعلاقته مع الحكم في دمشق على لعب دور في حلحلة عدد من المشكلات التي يعانيها لبنان معها.
ويبقى الوضع اللبناني خاضعاً للتجاذبات الخارجية والمحلية إلى أن يتضح مدى صحة قراءة الفرقاء المحليين للمشهد الإقليمي، ليتبين ما هو واقعي من القراءات المتعددة وما هو أقرب إلى التمنيات والرغبات.