ملخص
أثارت تصريحات #وزيرة_البيئة والغذاء البريطانية #تيريزا_كوفي جدلاً بعد اقتراحها تناول اللفت بدلاً من الطماطم في ظل #نقص_المنتجات_الغذائية.
ها نحن في أوائل عام 2016، حين كنت أكثر شباباً بكثير مما أنا عليه الآن من نواح متعددة. كنت أجلس في غرفة مظلمة بلا نوافذ في مكان ما في جوار وستمنستر، والضوء الوحيد الذي ألمحه أمامي يأتي من جهاز عرض الصور، وعلى مسافة قريبة جداً منه يقف ديفيد ديفيس، وكأننا نرى نسخة أعيد إنتاجها من مشهد "أنا العفريت" I’m The Lephrecaun الذي عرض في فيلم "عالم واين" Wayne’s World.
لقد أحضر معه شريحة صورية كانت تحظى بشعبية كبيرة في تلك الأيام، وهي صورة منقحة لخريطة الغزو من افتتاحية مسلسل "جيش الآباء" Dad’s Army، باستثناء أن هذه النسخة تظهر فيها حركة مرور لا تتوقف إلى المملكة المتحدة، وبالطبع خمنت عن ماذا أتحدث، إنها حركة عبور السيارات الآتية من ألمانيا، وشراب البروسيكو من إيطاليا، والفواكه والخضراوات الطازجة من إسبانيا المشمسة.
كان ديفيس هناك ليشرح سبب عدم حدوث أي ضرر من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. هل اعتقدنا بجدية أن صانعي السيارات الألمان، ومزارعي الطماطم الإسبان، سوف يغرقون أنفسهم في الفقر المدقع بإرادتهم لأن البريطانيين لن يتمكنوا من شراء بضائعهم؟ بالطبع لن يفعلوا ذلك.
وبطبيعة الحال، تبذل جهود كبيرة لشرح السبب، على رغم عدم وجود نقص في الطماطم في أي مكان في أوروبا باستثناء المملكة المتحدة، إلا أن هذا بالتأكيد لا علاقة له ببريكست، ثم اصطف جميع الأشخاص المناسبين للتحدث عن سوء الأحوال الجوية في إسبانيا، وإلقاء اللوم على سوء الأحوال الجوية في المغرب، وهو بلا شك السبب.
ولكن هناك فرق بين النقص والمجاعة. فالنقص لا يشكل مشكلة كبيرة إذا كنت في مقدمة طابور الانتظار، لكنه ليس مقبولاً إذا كنت في آخره. لنفترض أنه ليس لديك سوى 10 طماطم للبيع، وثمة 100 شخص يرغبون في شرائها، فهل ستبحث بالضرورة عن الرجل الذي قرر فجأة أن يجعلك تملأ نماذج كثيرة لا جدوى منها لكي تتمكن من بيع هذه الطماطم؟
يمكنك إيجاد الإجابة عن هذا السؤال في متاجر أسدا Asda أو موريسون Morrisons المحلية في منطقتك. أو بالأحرى، لا يمكنك ذلك، إذ إنها غير موجودة على الإطلاق أو أنها تخضع للتقنين.
ولكن على رغم أن السبب قد يكون معقداً، فإن الحل، كما هو الحال دائماً، بسيط للغاية. وهنا يأتي دور تيريز كوفي، الموالية لليز تراس التي استخدمت وقتها القصير للغاية في منصب وزيرة الصحة لإجراء مقابلة تفاخرت خلالها بالطريقة التي تحب فيها إعطاء أصدقائها ما يفيض لديها من مضادات حيوية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما النصيحة التي قدمتها بعد ذلك من أجل تخطي أزمة نقص الطماطم فكانت ببساطة عن طريق تناول اللفت. بالطبع، يجب أن أحزن شخصياً على عودة حكومة تجلب السخرية لنفسها، وهو الوضع الافتراضي الذي يتسم به الحكم منذ ما يقرب من عقد كامل، علماً بأن الطريقة الأكثر فاعلية للإشارة إلى سخافتهم لا تستدعي سوى الاكتفاء بكتابة الكلمات التي نطقوا بها، لا أكثر ولا أقل.
لقد رفضت كوفي إعطاء أي تفاصيل حول كيفية استخدام اللفت كبديل للطماطم، على رغم أن صداع الثمالة الحتمي الذي ستتسبب به تعليقات مماثلة يجب ألا تتم معالجته تحت أي ظرف من الظروف بخلطة من خلطات مشروب "بلودي ماري" Bloody Marys التي تحضرها كوفي [بلودي ماري هو مشروب كحولي يحتوي على عصير الطماطم].
ولكن يمكننا الاستعانة بأحد كتب وصفات الطعام الرائدة في استخدام اللفت، وهو "كتاب الطهي البسيط للطبقات العاملة"، من تأليف الطاهي البريطاني البارز في العصر الفيكتوري تشارلز إلم فرانكاتيلي. ستجد هناك وصفة ممتازة عن اللفت بالزبدة، شرط ألا تقضي وقتاً طويلاً في قراءة الجملة الافتتاحية: "يعطى اللفت غالباً كغذاء للماشية".
وخلال فترة تولي السيدة كوفي منصب نائبة رئيس الوزراء بحكم الأمر الواقع، أشارت إلى أن أفضل طريقة من أجل التغلب على أزمة كلفة المعيشة هي ببساطة أن يعمل الناس لعدد "ساعات إضافية" ويكسبوا مزيداً من المال. إذاً من المخيب للآمال أنها لم تحدد السبب الحقيقي لنقص الطماطم، والذي هو الطماطم نفسها.
كان عليها بصراحة أن تقول لسكاي نيوز "في الحقيقة، السبب في عدم وجود طماطم هو أن الطماطم نفسها ليست مستعدة للقيام بهذا العمل، ما إن تظهر أولى علامات على حلول طقس بارد قليلاً، تجلس الطماطم في مكانها هناك، على النبتة، رافضة أن تصبح أكبر. كل ما أسمعه هو أن الناس يقولون، "يا للهول، لم ينجح محصول الطماطم". في الواقع، يجب أن يلقي المحصول نظرة على نفسه ويتساءل لماذا فشل. هذه هي مشكلة تلك الفاكهة الغريبة، في اللحظة التي تشعر فيها ببعض الصقيع تذبل وتموت".
ومما لا يثير الدهشة، أن التعليقات المذكورة قدمت يوماً سهلاً آخر في العمل لجناح المجانين بشكل خاص الذي يضم المتعصبين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذين ظلوا، لمدة سبع سنوات كاملة، يصرون على أنه في الواقع، الهدف الأساسي من بريكست هو ازدياد كل شيء سوءاً إذ لطالما كان المقصد منه جعل الحياة أكثر صعوبة، وأن الخيارات المحدودة مفيدة بالنسبة إليك، ما تستحقه هو بيتزا اللفت، لذا اصمت الآن واستمتع بها.
والجدير بالذكر أن الناس يحبون أن يغضبوا من هذا النوع من الأشياء، ولكن ما عليك فعله حقاً هو الوقوف والتصفيق. ربما يجب أن نشدد، في هذه المرحلة، على ما قالته كوفي بالفعل، وهو: "من المهم أن نحرص على الاعتزاز بما تتميز به بلادنا وبمنتجاتها الفريدة. كثير من الناس يأكلون اللفت الآن بدلاً من التفكير في الخس والطماطم".
بالطبع، يبدو من المنطقي الإشارة إلى أنها، مرة أخرى، على حق تماماً. فمن المميزات التي لدينا في هذا البلد زراعة الطماطم في الشتاء. توجد أكبر الدفيئات الزراعية في أوروبا في ثانيت، كينت، مركز البريكست. إنها أعجوبة علمية. يتم تسخينها بالغاز، ويجري ضخ كميات ثاني أكسيد الكربون الكثيفة المنبعثة منها مباشرة إلى الدفيئات، مما يجعل النباتات تنمو بسرعة قصوى.
لكن للأسف، فإن هذه الميزة لم تحظَ بالتقدير نوعاً ما عندما رفضت تراس وكوارتنغ وكوفي نفسها إدراجها في خطة إنقاذ الطاقة الخاصة بهم، بالتالي أصبح الغاز المطلوب باهظ الثمن، مما جعل هذه الدفيئات شبه فارغة الآن.
وعلى هذا النحو، أخشى حقاً أنه لا خيار آخر سوى اللفت. لا بديل عنه، وليس هناك أي مجال تميز يجب أن نعتز به. ولكن، في هذه الأثناء، لا تنسَ أنه يمكنك حقاً أن تتغذى على نصائح تيريز كوفي حول الحياة، إذ لا يمكن أن نواجه نقصاً فيها على الإطلاق.
© The Independent