ملخص
أعاد عدم ظهور الوزير #لعمامرة إلى الأذهان قصة صراع الأجنحة خلال مرحلة حكم الرئيس السابق
فتح غياب وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، عن المشهد السياسي في بلاده وخارجها، أبواب التأويلات التي بلغت حد تفسير الوضع بعدم رضا الرئيس عبدالمجيد تبون عن نشاطه، فيما ذهبت أخرى إلى ربط الاختفاء بالتحضير للانتخابات الرئاسية المفترض أن تجري العام المقبل 2024. وزاد صمت الجهات الرسمية من الغموض المحيط في هذا الشأن.
لا ظهور منذ 3 أسابيع
وعلى رغم عدم مشاركته في نشاطات دبلوماسية داخل بلاده وخارجها منذ نحو ثلاثة أسابيع، فإن عدم ظهور لعمامرة خلال زيارة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، منذ أيام، أثار استفهامات وطرح تساؤلات، لا سيما أنه تزامن مع حديث عن تغيير حكومي مرتقب كشفت عنه تصريحات الرئيس تبون في لقائه الدوري مع الصحافة المحلية، حيث عبر عن عدم رضاه عن أداء الحكومة.
وقبل ذلك، كان وزير الخارجية قد غاب عن زيارة الرئيس الأوغندي إلى الجزائر وعن الاجتماع الموسع بينه وبين تبون، كما لم يحضر الدورة العادية الـ159 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية المنعقد في القاهرة، كما لم يلتق السفراء ولا المسؤولين الأجانب الذين زاروا بلاده كما جرت عليه العادة، حيث عوضه في ذلك الأمين العام لوزارة الخارجية عمار بلاني.
تكهنات يصعب ترتيبها
في السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبدالوهاب حفيان، إن "الموضوع مبني على تكهنات يصعب ترتيبها في الوقت الحالي، خصوصاً بالنظر إلى طبيعة النظام الجزائري، لكن بحسب معلومات من مقربين فإن الوزير لعمامرة يعمل ضمن دائرة مغلقة حول ملف المصالحة في مالي"، مضيفاً أن "غيابه يدخل ضمن عادة الأنظمة في فتح الباب أمام ما يسمى طرح بالونات الاختبارات حول قضايا معينة في فترات معينة، لأنه وعلى ما يبدو، فإن العلبة السوداء للنظام الجزائري وصلت ربما إلى مرحلة أصبح فيها من الصعب جداً بالنسبة لها تحديد الأولويات السياسية وبناء استراتيجية واضحة في التعامل مع المدخلات من بيئتها الداخلية والخارجية ومراعاة المصالح والتوازنات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويواصل حفيان، أن "المتتبع للشأن الجزائري خصوصاً في شقه السياسي، يلاحظ تصاعداً كبيراً للممارسات الشعبوية الحادة التي هي نتيجة بديهية لتصحير الساحة السياسية وتهميش الأحزاب، وأيضاً بسبب الطبقة السياسية الهشة في الأساس، وذلك لصالح المجتمع المدني والقوى الشبابية الصاعدة ذات الطابع المهيكل وفق منطق العقل النفعي"، مشيراً إلى أن "الأوضاع الاقتصادية والطبيعة الريعية وما صاحبها من عجز مزمن في إيجاد بدائل لا سيما بعد الأزمة الأوكرانية الروسية التي صعدت من خطاب البقاء في منطقة الأمان الاقتصادي، والإسراف في بناء خطاب اقتصادي متشكل أساساً من التوجهات الكلاسيكية في السعي قدماً نحو تحقيق مزيد من الاستكشاف في مجال الطاقة التقليدية كدعامة للاقتصاد ورهن كل ما يتعلق بالمستقبل به".
ويوضح المتحدث ذاته أن "كل هذا ربما أسهم بشكل كبير في تصاعد الخطابات السياسية المؤسسة للخطاب الشعبوي وتزايد حضوره في الساحة، الذي يمكن أن يحسم الرئاسيات المقبلة لصالحه"، مبرزاً أن "ما زاد من حدة التكهنات حول من يحكم جزائر 2024 هو إعلان الرئيس تبون نيته عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، ما يجعل الموضوع قابلاً لكثير من التساؤلات. وختم بأن النظام الجزائري عادة ما عودنا على أن يظهر مرشحه في الثلث الأخير من الوقت، لذا فإن غياب الوزير لعمامرة قد يكون بالون اختبار للرئاسيات المقبلة، كما قد لا يكون الأمر كذلك وإنما يتعلق بعارض صحي".
أمر عادي
في المقابل، اعتبر الناشط السياسي حليم بن بعيبش، أن "ظهور أو غياب وزير الخارجية لعمامرة أمر عادي على اعتبار أنه يخضع لبرنامج الأجندة"، مضيفاً أن "منصب وزير الخارجية مختلف عن باقي المناصب الوزارية، فهو لا ينتظر منه إطلالات دورية أو ظهور متكرر مثل وزراء القطاعات الأخرى، وغالباً ما يكون تحركه مرتبطاً بأحداث وملتقيات ونشاطات خارجية". وأوضح أن "الحديث عن ترتيبات رئاسيات 2024 مستبعد جداً، لأنه وبالنظر لطبيعة النظام الجزائري فإن أوراق الرئاسيات ترتب أياماً قليلة قبل موعد الاستحقاق، بالتالي فإن الحديث عن رئاسيات 2024 في عام 2023 لا يحدث في الجزائر بتاتاً". وقال "ربما يكون هناك جس للنبض".
مرض عضال
إلى ذلك، وفي خضم الغموض الذي يكتنف الملف أمام "صمت" الجهات الرسمية، كشف موقع "أفريكان إنتليجنس"، عن تعديل وزاري مرتقب في الجزائر سيزيح عمود الدبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة من منصبه واستبداله بأمين عام الخارجية عمر بلاني. وذكر الموقع أن أنباء استبدال لعمامرة الذي قضى في منصبه عاماً وثمانية أشهر فقط، تأتي وسط حديث عن تدهور وضعه الصحي، على اعتبار أنه مصاب بمرض عضال يجعله غير قادر على القيام بمهامه، رغم وجود تسريبات أخرى أشارت إلى "سوء تفاهم" بينه وبين الرئيس تبون. ورجح الموقع أن يكون السبب هو خلافه مع "محيط الرئيس"، الذي برز بقوة من خلال رفض تبون لائحة السفراء والقناصل الجدد التي اقترحها بصفته وزيراً للخارجية والجاليات.