ملخص
يعد مايكل آلان #راتني، أحد أكثر دبلوماسيي #الشرق_الأوسط خبرة في وزارة الخارجية الأميركية
منذ أن صادق مجلس الشيوخ الأميركي مساء الثلاثاء الماضي على تعيين مايكل راتني سفيراً لدى السعودية، دارت تساؤلات حول ما يحمله السفير الجديد من خبرات ودراية بالمملكة والمنطقة، وما الذي يمكن أن يقدمه للعلاقات التاريخية والاستراتيجية بين واشنطن والرياض في وقت أقر فيه مسؤولون أميركيون بأن العلاقات تتحسن بصرف النظر عن الاتفاق الأخير بين السعودية وإيران بوساطة الصين، فمن هو مايكل آلان راتني، وما الرهانات الأميركية من إرساله إلى الرياض؟
سفير مختلف
خلال العقود الثلاثة الماضية، كان جميع السفراء الأميركيين لدى السعودية من المعينين سياسياً وغالباً ما كانوا بخلفية عسكرية، لكن السفير الأميركي الجديد إلى الرياض الذي اعتمده مجلس الشيوخ الأميركي الثلاثاء الماضي، يختلف عن هؤلاء فهو دبلوماسي محنك، لديه خبرة طويلة في الشرق الأوسط، وعاش في المنطقة كسياسي لسنوات طويلة.
ويبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن اختاره بعناية لمهمة تحتاج إلى دبلوماسي ذكي يفهم المنطقة جيداً ويدرك أبعادها المتداخلة في وقت اختلف فيه الوضع عن العهود السابقة، بخاصة ما يتعلق بالعلاقات الأميركية مع أهم حليف عربي للولايات المتحدة، حيث تحتاج العلاقة مع السعودية التي شهدت منحنيات صعود وهبوط منذ وصول إدارة بايدن إلى البيت الأبيض، إلى شخصية قادرة على دفع مسار العلاقات إلى منحى مستقر وإيجابي.
ووفقاً لموقع "انسايدر"، فقد وصف ديفيد شينكر، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية في الفترة الممتدة من 14 يونيو (حزيران) 2019 وحتى 20 يناير (كانون الثاني) 2021، السفير الجديد مايكل راتني بأنه دبلوماسي قدير جداً، وشغل مناصب مهمة، ويحظى باحترام كبير، كما اعتبر جيرالد فييرستين، السفير الأميركي السابق في اليمن، الخبير في معهد الشرق الأوسط للأبحاث، مايكل راتني شخصية مؤهلة بدرجة عالية، وهو ذو خبرة كبيرة ومهني عمل في المنطقة لعدد من السنوات، وتولى مهمات صعبة للغاية، وقام بعمل جيد، لكنه بخلفية تختلف عن سابقيه لأنه ليس معيناً سياسياً ولا جنرالاً سابقاً مثل جون أبي زيد. وقال فيرستين على موقع المعهد، إن السيرة الذاتية للسفير راتني تشير إلى أنه يمكنه جلب مهارات دبلوماسية قوية إلى طاولة المفاوضات للمساعدة في معالجة بعض التحديات في العلاقة بين البلدين.
إدارة علاقة مهمة
ومنذ أن رشح الرئيس بايدن، مايكل راتني سفيراً لدى الرياض في 25 أبريل (نيسان) من العام الماضي، حاز على كثير من المديح من قبل مراكز الأبحاث في واشنطن، إذ قال دافيد ماكوفسكي، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن ترشيح راتني كان خياراً رائعاً، ووصفه بأنه ذكي للغاية وأحد الأيدي الأميركية المخضرمة في الشرق الأوسط.
ووافق السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو، على أنه كان خياراً جيداً لتمثيل المصالح الأميركية في الرياض لإدارة هذه العلاقة الثنائية المهمة والمعقدة، وقال شابيرو الذي يعمل الآن خبيراً في برامج الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي، لـموقع "جويش انسايدر"، إن "راتني يعرف الخليج جيداً، ولديه فهم عميق ومتطور للديناميكيات الإقليمية، بما في ذلك فرص توسيع التطبيع والقضية الإسرائيلية الفلسطينية، لكنه أردف بأن أي محاولة لتقريب الرياض من اتفاقيات أبراهام، ستكون لغزاً متعدد الجوانب".
تحسن تدريجي
لكن أولوية السفير الأميركي الجديد، ستنصب على كيفية تعزيز وتطوير العلاقات بشكل إيجابي وسريع بين واشنطن والرياض بخاصة أن الأجواء تشير إلى تغير مشجع، حيث قال اثنان من كبار المسؤولين الأميركيين لموقع "أكسيوس" أمس الأربعاء، إن إدارة بايدن شهدت تحسناً تدريجياً ولكن مهماً في علاقاتها مع الرياض، بغض النظر عن وساطة الصين في اتفاق الأسبوع الماضي لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، فعلى رغم نظرة كثيرين في واشنطن إلى الاتفاق السعودي الإيراني على أنه انتصار للصين وضربة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إلا أن إدارة بايدن سعت إلى التقليل من أهمية الاتفاقية وتأثير الصين في المنطقة، وقال مسؤول أميركي كبير إن إدارة بايدن لا ترى مشكلة في محاولة الصينيين تهدئة التوترات بين السعودية وإيران طالما أن لا علاقة لها بالتعاون العسكري أو التكنولوجي، وترحب واشنطن بخفض التصعيد في المنطقة من خلال الدبلوماسية، كما اعتبر المسؤولون الأميركيون أنه بغض النظر عن الصفقة، فقد حدث تحسن تدريجي في الأشهر الأخيرة في العلاقات بين إدارة بايدن والحكومة السعودية، وأشاروا إلى زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى كييف، التي أعلن خلالها عن حزمة مساعدات لأوكرانيا، إضافة إلى اتفاقيات مشتركة أميركية سعودية في شأن تقنية "5 جي" وصفقة طائرات "بوينغ" التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، فضلاً عن اتصالات جيدة في شأن بعض القضايا الصعبة مثل اليمن والتنسيق الأمني بين الجانبين.
وفيما حاول عضوان في مجلس الشيوخ إثارة الجدل حول تقييم العلاقات الأميركية السعودية، حذر آخرون من أن ذلك سيُنظر إليه في الرياض على أنه توقيت سيئ، بخاصة بعد أن حققت السعودية اختراقاً دبلوماسياً مع إيران بمساعدة الصين، وقال أحد مساعدي عضو جمهوري في الكونغرس لصحيفة "بوليتيكو"، "إذا أردت أن تثبت للسعوديين أن أميركا حليف غير موثوق به، فهذه طريقة جيدة للقيام بذلك، في وقت يحاول فيه الرئيس بايدن ومسؤولوه تخفيف حدة التوتر مع المملكة التي تعد العلاقة معها شراكة استراتيجية وأمنية مهمة".
مؤهلات السفير الجديد
ولد مايكل آلان راتني عام 1961، في ولاية ماساتشوستس الأميركية، وتخرج عام 1979 في مدرسة بيدفورد الثانوية، ثم حصل على بكالوريوس الإعلام والاتصال الجماهيري من جامعة بوسطن، لكنه تحول إلى التركيز على دراسة الشؤون الدولية التي حصل فيها على درجة الماجستير من جامعة جورج واشنطن، قبل أن يلتحق بعد ذلك بالخدمة الدبلوماسية في عام 1990.
ومنذ انضمامه للسلك الدبلوماسي، جال على دول عربية عدة مثل العراق ولبنان والمغرب، فضلاً عن عواصم أخرى مثل مكسيكو سيتي وبريدجتاون عاصمة بربادوس، قبل أن يشغل منصب نائب رئيس البعثة في سفارة الولايات المتحدة في الدوحة، وخلال هذه الفترة تغلغل راتني في دهاليز العلاقات العربية الأميركية.
يجيد العربية
ونظراً لتمكن راتني من إجادة اللغة العربية فضلاً عن الفرنسية، أسهم ذلك في دفعه إلى شغل منصب المتحدث الرسمي باسم مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية المعروف أيضاً باسم مكتب الشرق الأدنى لشؤون آسيا، وهو وكالة تابعة لوزارة الخارجية الأميركية تتعامل مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة والعلاقات الدبلوماسية مع دول الشرق الأدنى، ويرأسها مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، الذي يقدم تقاريره إلى وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية.
وحتى عام 2012، كان راتني نائب مساعد الإعلام الدولي في مكتب الشؤون العامة بوزارة الخارجية، وأشرف على شبكة من المراكز الإعلامية العالمية المسؤولة عن مشاركة وسائل الإعلام بلغة أجنبية نيابةً عن حكومة الولايات المتحدة، وكان مكتب الشؤون العامة جزءاً من وزارة الخارجية الأميركية الذي ينفذ تفويض وزير الخارجية لمساعدة الأميركيين على فهم أهمية السياسة الخارجية.
كما عمل راتني كعضو في هيئة التدريس بجامعة الدفاع الوطني في واشنطن وهي مؤسسة للتعليم العالي تمولها وزارة الدفاع الأميركية، وتهدف إلى تسهيل التعليم والتدريب والتطوير المهني لقادة الأمن القومي، ويديرها رئيس هيئة أركان القوات الجوية الأميركية، وتخضع الجامعة لرقابة الرئيس الأميركي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حياة مهنية غنية
يعد مايكل آلان راتني، أحد أكثر دبلوماسيي الشرق الأوسط خبرة في وزارة الخارجية الأميركية، فقد شغل بين عامي 2012 و2015 منصب القنصل العام في القدس الذي يتعامل مع الشؤون الفلسطينية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، كما كان نائب الأمين المساعد لشؤون بلاد الشام والشؤون الإسرائيلية الفلسطينية بالإنابة، وبعد الفترة التي قضاها بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، كان راتني المبعوث الأميركي الخاص لسوريا من 2015 وحتى 2017.
ومع بداية عهد الرئيس دونالد ترمب، بدأ راتني العمل نائباً لمساعد وزير الخارجية في فبراير (شباط) 2017، وفي 5 أغسطس (آب) 2019 أصبح راتني عميداً لكلية دراسات اللغة في معهد الخدمة الخارجية بوزارة الخارجية الذي يقع في مقاطعة أرلينغتون بولاية فيرجينيا قرب واشنطن، وهو مؤسسة التدريب الأولية للحكومة الفيدرالية الأميركية لموظفي مجتمع الشؤون الخارجية الأميركية، حيث يقوم بإعداد الدبلوماسيين الأميركيين وغيرهم من المهنيين لتعزيز مصالح الشؤون الخارجية الأميركية في الخارج.
وعندما تولى الرئيس بايدن السلطة في البيت الأبيض، اختار وزير خارجيته أنتوني بلينكن، القنصل العام الأميركي السابق في القدس مايكل راتني للعمل سفيراً للولايات المتحدة بالإنابة في إسرائيل إلى أن يتم شغل المنصب عبر تعيين دائم.
فئة متميزة
وقبل ترشيحه سفيراً لدى السعودية، كان عضواً رفيعاً في فئة الخدمة العليا بوزارة الخارجية التي تضم الرتب الأربع الأولى في السلك الدبلوماسي للولايات المتحدة، وهي فئة أُنشئت بموجب قانون الخدمة الخارجية لعام 1980 والأمر الرئاسي التنفيذي رقم 12293 من أجل تزويد السلك الدبلوماسي بدرجات عليا تعادل الرتب العامة العليا في المؤسسات العسكرية والبحرية والخدمات التنفيذية العليا.
وخلال مسيرته الطويلة كدبلوماسي رفيع، فاز راتني بعديد من جوائز الأداء الصادرة عن وزارة الخارجية، بما في ذلك جائزة الخدمة الرئاسية الاستحقاقية.
زوجة دبلوماسية تجيد العربية
وتزوج راتني بزميلته الدبلوماسية الأميركية كارين هيديكو ساساهارا (مواليد 1959) التي تعرف المنطقة جيداً منذ 30 عاماً، فقد عملت عام 1989 في الإدارة السياسية والاقتصادية في القنصلية الأميركية العامة في مدينة جدة.
وشغلت ساساهارا منصب القنصل العام في القدس وكانت نقطة الاتصال بين وزارة الخارجية الأميركية والسلطة الفلسطينية، ثم شغلت منصب القائم بالأعمال في السفارة الأميركية في عمان، وشغلت أخيراً منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشمال أفريقيا وهي المرشحة لتكون سفيرة الولايات المتحدة المقبلة لدى الكويت، وتتحدث العربية والإسبانية والفرنسية والروسية.
رهان على المستقبل
وبالنظر للأهمية القصوى للسعودية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يراهن كثيرون في واشنطن على ما يمكن أن ينجزه السفير الجديد لعلاقة متجذرة منذ أكثر من 80 عاماً، وهو ما يشير إليه موقع وزارة الخارجية الأميركية عندما يتحدث عن أصل العلاقة التي تعود إلى عام 1940، حينما تبادل البلدان أوراق الاعتماد وبدأ أول سفير للولايات المتحدة في جدة عمله، ثم تأكيد الخارجية الأميركية على دور السعودية الفريد في العالمين العربي والإسلامي، وامتلاكها ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم وموقعها الاستراتيجي وما تمثله من مصلحة لأميركا في الحفاظ على استقرار وأمن وازدهار منطقة الخليج والتشاور عن كثب حول مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية والعالمية.
وإضافة إلى الدور الذي تلعبه الرياض في العمل من أجل مستقبل سلمي ومزدهر للمنطقة وكونها شريكاً قوياً في جهود الأمن ومكافحة الإرهاب وفي التعاون العسكري والدبلوماسي والمالي، تعمل القوات السعودية بشكل وثيق مع الجيش الأميركي وهيئات إنفاذ القانون لحماية مصالح الأمن القومي للبلدين.
كما تتمتع الولايات المتحدة والسعودية بعلاقات ثقافية وتعليمية قوية مع وجود حوالى 37000 طالب سعودي يدرسون في الكليات والجامعات الأميركية، فضلاً عن برامج التعاون الثقافي العديدة الأخرى، علاوةً على العلاقة الاقتصادية القوية، حيث تعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية، والمملكة هي واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ووقع البلدان على اتفاقية إطار للاستثمار التجاري.