ملخص
تأجيل #الانتخابات_البلدية في #لبنان يحتاج إلى قانون ومطالبة مسيحية بدائرتين في العاصمة
في 31 مايو (أيار) 2023، تنتهي الولاية الممددة للمجالس البلدية في لبنان. ويفرض القانون تنظيم الانتخابات قبل ذاك التاريخ، لئلا تدخل السلطة المحلية في مرحلة الشغور التام. وتشهد البلاد سباقاً محموماً بين متمسك بقدسية المواعيد الدستورية، وموقف يراهن على التأجيل ولا يبدي حماسة لها.
تعتبر وزارة الداخلية اللبنانية أنها غير معنية بالأحاديث عن تأجيل الانتخابات البلدية، وتؤكد أوساطها أن "الاستعدادات اللوجيستية مكتملة لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها خلال شهر مايو المقبل"، وتكشف الأوساط لـ"اندبندنت عربية" عن توجه لدعوة الهيئات الناخبة، وفتح باب الترشيحات في مستهل شهر أبريل (نيسان) المقبل، على أن تنظم على أربع مراحل، حيث يشهد كل نهار أحد على العملية الانتخابية في واحدة من المحافظات.
من ناحية أخرى ينتظر إعلان موقف وزارة المالية من مسألة تمويل الانتخابات البلدية، وهو ما سيتضح خلال الفترة القليلة المقبلة. ومن ثم تحديد آلية الصرف في ظل عدم إقرار متوازنة 2023، واحتمال تأمين التمويل وفق القاعدة الاثني عشرية أو من خلال هبة مالية.
معضلة بيروت
لا تتوقف العقبات عند القرار السياسي بالتنظيم أو التأجيل، أو تحديد موعد دعوة الهيئات الناخبة من قبل وزارة الداخلية والبلديات، أو تأمين المالية الأموال الكافية لتنظيم الانتخابات في مختلف المناطق اللبنانية، وإنما تتجاوزها إلى البحث عن مخرج للانتخابات في دائرة بيروت، وهي واحدة من البلديات الكبرى إلى جانب بلدية طرابلس. وتبرز مكانة بيروت من جهة لأنها العاصمة الإدارية والسياسية للبلاد، ومن جهة أخرى وجود نسيج طائفي ومذهبي متداخل، وحضور سياسي مختلف، مما يجعلنا أمام مشهد شديد الحساسية والدقة. في الانتخابات السابقة التي جاءت عقب الحرب الأهلية، شكل حضور الرئيس رفيق الحريري ومن ثم سعد الحريري رافعة لتشكيل لائحة تؤمن التوازنات ضمن المدينة، ولكن حالياً يبدو أن "حالة التشتت" في التمثيل السني تخلق حالة من الذعر لدى أبناء الطوائف الأخرى، لذلك برزت بعض اقتراحات القوانين لتقسيم بيروت "انتخابياً" حتى المستوى البلدي، وتأتي الطروح برعاية تكتل "لبنان القوي"، حيث تظهر جهود النائبين نقولا الصحناوي وإدغار طرابلسي في هذا السياق.
يوضح النائب إدغار طرابلسي عبر "اندبندنت عربية" أن الطرح لا يستهدف تقسيم بيروت، بل ضمان المناصفة بين جميع مكونات أهالي بيروت من المسيحيين والمسلمين. ويلفت أن "الاقتراح هو لجعل بيروت دائرتين أولى وثانية على غرار الانتخابات النيابية، وأن تنتخب كل دائرة 12 عضواً لمجلس بلدي واحد".
يضيف طرابلسي "بيروت عاصمة لبنان، ويجب أن يمثل الجميع لئلا تتكرر تجربة طرابلس حيث أكثرية مذهبية معينة توصل مرشحيها وحدهم إلى المجلس البلدي، بغياب ضامن للمناصفة كالرئيس سعد الحريري"، مشيراً "لا ضمانة إلا بقانون يحفظ التنوع والمناصفة في بيروت".
يعبر طرابلسي عن الانفتاح على أي اقتراح آخر يضمن المناصفة، مفضلاً أن تكون الضمانة بالقانون وليس بالسياسة، على غرار تلك التي كان يؤمنها الرئيس سعد الحريري في بيروت.
يبدو أن طرح تقسيم بيروت قد لا يمر بسلاسة، فمن جهة لا توافق حتى اللحظة على طرح "تكتل لبنان القوي"، ومن جهة ثانية يتطلب إقراره تعديلاً قانونياً، وهو أمر غير متيسر بسبب الخلاف على نطاق صلاحية مجلس النواب في ظل الشغور الرئاسي، بحيث هل يعتبر هيئة ناخبة للرئيس حصراً، أم أنه قادر على التشريع في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية؟ وما يترتب على هذا الخلاف من سجالات وتكريس للخطاب الطائفي.
المواعيد الدستورية ملزمة
تتمسك المدرسة الحقوقية بضرورة التزام المواعيد الدستورية، ويؤكد الدكتور وسام لحام (خبير دستوري) وجوب المبادرة للدعوة إلى الانتخابات البلدية وفق مندرجات القانون، بعد أن تمددت ولايتها لسنة كاملة في مايو 2022 بسبب مصادفة موعدها مع الانتخابات النيابية، إذ يفترض من وزير الداخلية دعوة الهيئات الناخبة خلال الشهرين السابقين لانتهاء ولاية المجالس، وتكون المهلة بين تاريخ النشر واجتماع الهيئات الانتخابية ثلاثين يوماً في الأقل، علماً بأن ولاية المجالس الممددة تنتهي في 31 مايو 2023، بالتالي فإن وزير الداخلية ملزم بالدعوة إلى الانتخابات في مهلة أقصاها نهاية أبريل 2023.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يلفت لحام إلى أنه "ما زال النظام الأكثري هو الساري على الانتخابات البلدية في لبنان، على خلاف النظام النسبي الذي بات معتمداً في الانتخابات النيابية بفعل استثناء نص عليه قانون الانتخابات الأخير في 2017".
ينتقد لحام القانون 285 الصادر في 12 أبريل 2022 الذي قضى بتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لغاية 31 مايو 2023، لأنه "كرس مبدأ التمديد في غياب الظرف الاستثنائي، وهو أمر غير مبرر دستورياً، لأن البلاد شهدت انتخابات نيابية عامة في مختلف أرجاء البلاد في الوقت عينه". ويجزم لحام بعدم إمكان تطبيق مبدأ "تصريف الأعمال" على الهيئات المنتخبة، فهنا "لا وجود لبلدية تصرف الأعمال، فعندما تنتهي ولايتها تذهب إلى المنزل وتتوقف عن القيام بأي عمل، لأنه يفترض انتخاب هيئة بديلة قبل نهاية ولايتها". ويضيف "عند حدوث ظرف استثنائي يتم التمديد لفترة بسيطة ريثما ينقضي هذا الظرف، علماً بأن قانون التمديد عرضة للطعن أمام المجلس الدستوري الذي يفسر وجود الظرف من عدمه"، كما يرفض "التأجيل لحجة عدم التمويل"، لأنه وفق النظام الطبيعي يجب على الحكومة تأمين اعتماداتها الضرورية في موازنة 2023، قائلاً "ما يجري في لبنان أننا نخالف القانون والدستور لناحية عدم وضع الموازنة، ومن ثم نجد بتلك المخالفة ذريعة لمخالفة إضافية من خلال التمديد".
الانتخابات المنتظرة
تكمن الانتخابات البلدية في كونها محطة من اثنتين يعود فيهما المواطن إلى ممارسة حقه في الخيار. في مايو 2022 اقترع اللبناني لانتخابات 128 نائباً يشكلون السلطة التشريعية والبرلمان، وفي مايو 2023 يتوقع تنظيم انتخابات لاختيار المجالس البلدية والاختيارية في ظل تصاعد المطالبة بتطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة المنصوص عليها في دستور الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية.
يعتقد لحام أن لهذه الانتخابات بعداً مهماً، لأنها قد تشكل طعناً في شرعية الكتل النيابية المنتخبة في اختبار الشرعية الشعبية، وفي مواجهة المجتمع الدولي.
لا تتوقف مشكلة البلديات ها هنا، لأن هناك أعداداً كبيرة من البلديات المنحلة أو المستقيلة، والبعض منها من البلديات الكبرى كـ"بلدية الميناء" في الشمال، و"الجديدة" في المتن. وتنتقل صلاحية إدارة البلدية المنحلة إلى القائمقام، أو المحافظ بتكليف من وزير الداخلية إلى حين انتخاب مجلس جديد. وعليه ستؤدي نهاية ولاية المجالس البلدية إلى "مشهد غريب"، حيث يمكن لتلك المنحلة أن يستمر القائمقام والمحافظ في إدارتها، ولكن البلديات المنتهية الولاية ستصبح في حالة الشغور، بحسب لحام، الذي يتحدث عن سلسلة مخالفات، لأن "القانون يوجب انتخاب مجلس جديد خلال شهرين من قرار إعلان حلها، ولكن تلك الانتخابات لم تحدث، واستمر الفراغ".