ملخص
#فادي_أبي_سمرا ممثل ومخرج لبناني، برز اسمه في أعمال مسرحية وسينمائية ناجحة. لكنه ركز نشاطه في الأعوام الأخيرة على #الدراما_التلفزيونية بسبب تراجع القطاعين السينمائي والمسرحي
فادي أبي سمرا ممثل ومخرج حاصل على شهادة ماجستير في الفنون المسرحية من الجامعة اللبنانية، برز اسمه في الكثير من الأعمال المسرحية والسينمائية الناجحة. لكنه ركز نشاطه في الأعوام الأخيرة على الدراما التلفزيونية في ظل التراجع الذي شهده القطاعين السينمائي والمسرحي.
يقول أبي سمرا رداً على سؤال حول ما إذا كان شارك في الأعمال التلفزيونية التي لمع اسمه بفضلها، لو كان المسرح لا يزال مستمراً: "شعور التخلي عن المسرح لم يراودني ولو للحظة واحدة، عدا عن أنني من عشاق السينما. ولأن الإنتاجات السينمائية قليلة، وجدت أن التلفزيون هو الأقرب إلى السينما. كل الأدوار التي لعبتها في الدراما التلفزيونية، بصرف النظر عن النصوص التي كانت متفاوتة في مستواها، اشتغلت عليها وفق السياق الذي اشتغل عليه عادة في أي فيلم سينمائي أو عمل مسرحي. فأنا أعتمد سياقاً للشخصية لكي أرضى عن نفسي بالدرجة الأولى. ولو أن المسرح لا يزال مستمراً ويؤمن عملاً لي بشكل دائم، لكنت واظبت على التواجد فيه والمشاركة في الاستراحات بأعمال التلفزيونية، ثم لا ألبث أن أعود إليه. لا يمكنني الاعتماد على الجمهور المسرحي الذي يتابعني دائماً، خصوصاً أنه محدود، وعندما دخلت إلى الدراما التلفزيونية لم أتنازل فنياً، والجمهور الذي كسبته بفضلها سوف يتبعني إلى المسرح. وهذا الأمر يصب في مصلحته لأننا كمسرحيين نحب أن يكون جمهورهنا أكبر".
ابن المسرح والسينما
يعترف أبي سمرا بأن الدراما التلفزيونية أفسدت ممثلي المسرح، عدا عن أن الظروف ضغطت عليهم، ويوضح: "كلا السببين دفعا بالممثل لكي يتجه نحو الدراما! كلنا نعرف أن المسرح يمر بأزمة، وأننا كممثلين نؤمن مورد رزقنا من العمل فيه. ولنفترض أنني عرضت مسرحية لمدة شهر ونيف، وتمرنت عليها المدة نفسها، فكيف أدبر وضعي في الأشهر المتبقية من السنة؟ يوجد لدي التزامات وأنا لا أعمل في مهنة أخرى بعيدة من التمثيل، مع أنني أتمنى العمل في أعمال جيدة، لأن هذا الأمر يزيدني حماسة. الدراما لم تفسد الممثل وحسب بل هي تسببت في تراجع مستواه في بعض الأحيان، وفي المقابل أسهمت بعض الأعمال في تطور ممثلين آخرين. في السنوات الأربع الأخيرة لم يعد هناك مسرح بالمعنى الحقيقي، فبرز بعض الممثلين في الدراما ممن كانوا يدرسون المسرح في الجامعة. ولأنهم لم يتمكنوا من العمل بعد تخرجهم تم اكتشافهم في الدراما".
وعن كيفية إفساد الدراما له يقول: "كل من يعملون في المجال يعرفون الخلفية التي أتيت منها، وأنني ابن المسرح وابن السينما، لذلك كانت الشخصيات مركبة وتحتاج إلى خبرة في معظم العروض التي وصلتني. كما أن الدراما لم تفسدني مادياً لأنني أتقاضى بدل المجهود الذي أبذله. ربما البعض دخل المجال بحثاً عن الشهرة أو المال، ولكن الجمهور لا بد وأن يكتشف أنهم لا يملكون الموهبة والقدرات التمثيلية. ولكوني صاحب شخصية مختلفة وتربيت في الأحياء الشعبية، لم يتغير سلوكي أبداً ولا يمكن أن يحصل ذلك، لأنني لا أعود أنا بل أصبح نجماً مغروراً يتباهى بنفسه. وهذا النموذج لا يشبهني إطلاقاً وأنا بقيت فادي ابن الحواري والزواريب".
اختلاف تقنيات الأداء
وعن رأيه ببعض الممثلين الذين ينقلون أداءهم المسرحي إلى التلفزيون يقول: "هناك اختلاف في تقنيات التمثيل بين المسرح والتلفزيون والسينما. فالممثل في المسرح يقف أمام مجموعة من الناس، ويضطر لأن يرفع صوته وأن يضاعف حركته لكي يسمعه ويشاهده من يجلسون في الصفوف الأخيرة. ومن يستخدم هذه التقنية في الدراما يتهم بالمبالغة. وخلال دورات التدريب التي أقوم بها أنبه الطلاب بأن الأداء على الشاشة يجب أن يكون واقعياً وطبيعياً، لأن الكاميرا تتسلط على العيون، والمشاهد يركز عليها. وليس مطلوباً أن نرفع الصوت لأن الميكروفون مزروع حول العنق. ولكن بعض الممثلين يجدون صعوبة عند الانتقال من المسرح إلى التلفزيون، في التخلي عن هذه التقنية، حتى المخضرمون منهم، لأنهم تشربوا هذا السلوك، ولا يجيدون الفصل بين تقنية التمثيل التلفزيوني وتقنية التمثيل المسرحي. لذلك لا يستسيغ المشاهد أداء من وقعوا في هذا الفخ ويشعر بأنهم يصرخون".
شارك أبي سمرا في فيلمين في الفترة الأخيرة هما "بيروت هولدم" للمخرج ميشال كمون الذي عرض في لبنان وشارك في عدد من المهرجانات العربية، و"شرف" للمخرج سمير نصر الذي شارك في مهرجان أيام قرطاج السينمائية وفاز بثلاث جوائز، ورشح عنه لجائزة أفضل ممثل. يوضح أبي سمرا بأنه ليس مع السينما التجارية ولا تستهويه أفلام المقاولات ويرفض المشاركة فيها، ويضيف: "شروطي عالية جداً عندما يتعلق الأمر بالسينما! فأنا أرفض المشاركة في أفلام التهريج والضحك المجاني، مع أنني لست ضد وجودها، شرط ألا تكون هي المسيطرة بل يجب أن يكون هناك خيار آخر. الفيلم، يجب أن يحاكي الواقع أو فكرة فنية أو فلسفية، وأن يملك مقومات البقاء، لأن السينما هي روح الناس. لذا فإن الأفلام المركبة والمصطنعة لا تعني لي شيئاً وأرفض المشاركة فيها".
ويعترف أبي سمرا بأنه يمكن أن يقدم تنازلات في الدراما التلفزيونية على عكس المسرح والسينما، ويعقب: "في السابق أنا لم أعمل في الدراما التلفزيونية بل كنت أركز على السينما والمسرح. ولكن هناك حداً أدنى للتنازلات التي يمكن أن أقدمها في التلفزيون، وقد رفضت المشاركة في بعض المسلسلات لأن نصوصها فارغة، لا قيمة لها، ولا يوجد فيها خط درامي ولا تطور للشخصيات". وعن الشيء الذي لفته في مسلسل "صالون زهرة" وشجعه على المشاركة فيه، يقول: "كنت محكوماً بالشخصية التي قدمتها في الجزء الأول، وكان لا بد من أن أكملها في الجزء الثاني. قرار كتابة جزء ثان من العمل يجب أن يكون مخططاً له مسبقاً، ولكن النجاح الكبير الذي حققه الجزء الأول من مسلسل "صالون زهرة" دفع محطات التلفزة لطلب جزء ثان منه. لذا لم تكن كتابته سهلة على الإطلاق، وكان من الضروري المحافظة على شخصيات الجزء الأول. أحياناً يجد الممثل نفسه محاصراً ومجبراً على تنفيذ بعض الأشياء، وهذا الأمر يخفف الإبداع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولكونه فناناً صاحب تجربة كبيرة وتتجاوز موهبته التمثيل إلى الإخراج والكتابة والإنتاج، فكيف يتأقلم مع من يعملون في المجال ولا يملكون سوى جزء يسير من خبرته؟ يجيب أبي سمرا: "بعض الممثلين أداؤهم ضعيف جداً ولا يملكون الحد الأدنى من الثقافة. وفي المقابل هناك ممثلون غير مثقفين لكنهم يملكون الموهبة بالفطرة. وأنا صادفت كل أنواع الممثلين في حياتي. وما يحصل في المهنة يشبه ما يحصل في أي مهنة أخرى، والممثل الضعيف لا يبرزونه في الواجهة بل يسندون إليه أدواراً صغيرة لأنه يؤمن مورد رزقه من وراء المهنة، وهذا الأمر يتكرر كثيراً".
ويتابع: "الأخطاء موجودة دائماً في المجال ولا يكفي أن تكون الممثلة جميلة لكي تكون نجمة العمل. والأمر نفسه ينطبق على الممثل الرجل. بل يفترض بالممثل الذي يلعب دور البطولة أن يملك الحد الأدنى من القدرة والثقافة والاطلاع والموهبة، والكثير من الممثلين لا يملكونها لكوننا لا نزال في العالم العربي أسرى الشكل إلى حد ما. الاداء لا علاقة له بالجمال، والناس يصدقون الممثل "القبضاي" عندما يقدم أداء حقيقياً، حتى لو لم يكن يملك مواصفات عارض الأزياء. ولكنني لا أعمم، لأن الناس يصدقون أيضاً الممثل الذي يجمع بين الأداء الجيد والشكل الجميل".
يرفض أبو سمرا مقولة "الجمهور عاوز كده" ويوضح: "إذا حاولنا أن نجعل الجمهور يعتاد على "غير كده" فإنه سيعتاد أيضاً. واليوم توجد فرصة عند شركات الإنتاج لكي تسوق لجيل جديد من النجوم، كما حصل في مسلسل breaking bad الذي حقق نجاحاً ساحقاً، مع أن بطل العمل ممثل مغمور لا علاقة له بالجمال، بل بالموهبة والكاريزما. الدراما في لبنان بحاجة إلى جيل جديد من الممثلين يملكون الموهبة والقدرة، وأنا بصدد التحضير لمشروع مع شركة الصباح لتدريب وتأهيل ممثلين وممثلات يستحقون أن يكونوا في الواجهة، خصوصاً أن المنصات ووفرة الإنتاجات يشكلان فرصة لتحسين الإنتاجات ورفع مستواها على كافة المستويات".
أبي سمرا الذي اكتفى بالمشاركة في الجزء الثالث من مسلسل "للموت"، يحضر بعد انتهاء شهر رمضان لمجموعة من المشاريع، وتلقى اتصالاً من فرنسا للمشاركة في فيلم فرنسي.