ملخص
استعادة #الخلافة التي أنهاها #أتاتورك بعد سقوط السلطنة العثمانية هي "فكرة" جذابة بنى عليها الشيخ حسن البنا حركة "الإخوان المسلمين" والقوى التي تحارب "#داعش" توظف أسطورته بخدمة سياساتها
"داعش" صار "ماركة" بمقدار ما هو تنظيم إرهابي تحت عنوان "دولة الخلافة" الداعشية، والإرهاب ليس عمل تنظيم واحد، وإن تسلطت الأضواء على خطر "داعش" بعد تنظيم "القاعدة"، فهو سلاح الطرف الضعيف ضد الأنظمة القوية، وكلما كانت جرائم الإرهابيين بشعة أحس هؤلاء أنهم رابحون، رابحون في إيذاء الأبرياء، رابحون في العالم الآخر إذا صاروا أشلاء بسلاح الأقوياء، ورابحون كلما صارت الحرب كونية عليهم، وليس سؤال الخبير إليوت أكيرمان في "فورين أفيرز" إن كانت أميركا تستطيع القول إنها ربحت الحرب على الإرهاب، وهي خسرت الحربين في أفغانستان والعراق، سوى سؤال يمكن توجيهه إلى روسيا والصين وأوروبا وبقية القوى والأنظمة، فأميركا لم تكن قادرة على ربح الحرب على الإرهاب، ولو ربحت حربي أفغانستان والعراق، وهي وبقية القوى في العالم تتحدث اليوم عن تصعيد "داعش" للعمليات الإرهابية.
ذلك أن "داعش" الذي خسر "جغرافياً" الخلافة "الداعشية" في العراق وسوريا انتشر في كل جغرافيا، من أفغانستان إلى الكونغو الديمقراطية، ومن بادية الشام إلى غابات أفريقيا، شيء بالانضمام إلى التنظيم، وشيء باستعارة تنظيمات إرهابية أخرى "ماركة التنظيم"، كما في حال تنظيم "خراسان" المنشق عن "طالبان" في أفغانستان، وحال "القوى الديمقراطية المتحالفة" في الكونغو بزعامة موسى بالوكو، وتنظيمات أخرى في بوركينا فاسو ومالي ونيجيريا، لا مركزية بدل المركزية، وإعلان الولاء لـ"داعش" من جانب تنظيمات عدة مع الاحتفاظ بأسمائها والحفاظ على زعاماتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا مفاجآت في الأمر، استعادة الخلافة التي أنهاها مصطفى كمال أتاتورك بعد سقوط السلطنة العثمانية وقيام الجمهورية التركية، هي طموح و"فكرة" جذابة بنى عليها الشيخ حسن البنا حركة "الإخوان المسلمين"، والقوى التي تحارب "داعش" توظف أسطورته وخطره في خدمة سياساتها، كل المتطوعين الذين انضموا إلى "داعش" وجاؤوا من أوروبا وآسيا مروا من تركيا التي تقول إنها تحارب الإرهاب، ثم تختصره بقوات "قسد" الكردية شرق الفرات و"حزب العمال الكردستاني" داخل تركيا وفي جبال قنديل شمال العراق، أميركا التي يقول مايكل ماكول رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إنها قتلت في العام الماضي 460، واعتقلت 250 عنصراً من "داعش"، تبرر بقاء قواتها في شرق الفرات بمحاربته، ودمشق وموسكو وطهران تتهمها بأنها تدربه في منطقة التنف على الحدود السورية - العراقية الأردنية. فصائل "الحشد الشعبي" الموالية لإيران في العراق، كيف تبقي قواتها تتحكم بمحافظتي صلاح الدين ونينوى، إن لم تكن الحجة محاربة "داعش"؟ أليس الخوف من الإرهاب والتخويف بتنظيماته سلاحاً في أيدي الأنظمة التي واجهت ثورات شعبية، بحيث صار التسليم ببقائها مضموناً في الخيار بينها وبين "داعش"؟
حتى اغتيال "الخلفاء" "الداعشيين" بغارات أميركية، لم يضعف التنظيم. جاء أبو إبراهيم القرشي بعد مصرع البغدادي، وأبو الحسن القرشي بعد مصرع أبو إبراهيم، وأبو الحسين الحسيني القرشي بعد مصرع أبو الحسن وهو على لائحة الاغتيال، ولا ينتهي "داعش" لأن "الأسباب التي أدت إلى التطرف لم تتم معالجتها"، كما قال الجنرال كينيث ماكنزي في "نيويوركر" أيام كان قائد القيادة الوسطى الأميركية، ثم إن وجود أميركا وإيران في العراق، هو سبب مهم لوجود التنظيم الإرهابي، والصدام مع الحداثة جعل عديداً من المهاجرين "الخائفين على هويتهم في أوروبا الديمقراطية يصبحون راديكاليين إرهابيين"، كما قال فرنسيس فوكوياما، فضلاً عن أن عمليات "الذئات المنفردة" جعلت من السهل على أي إرهابي في أي بلد أن يقوم بعملية من النوع الذي شهدته، ولا تزال، فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا وأميركا وبلدان عدة في الشرق الأوسط، ومن النتائج العكسية للحرب على الإرهاب أنها "قوت اليمين المتشدد بحيث صارت أفكار اليمين المتشدد التيار الأساسي، وأخذت موقعها داخل الأحزاب في أقصى اليمين، والتي دخلت البرلمانات"، بحسب سينتيا ميلر - إدريس في "فورين أفيرز".
وبين الخبراء من يدعونا إلى "تعلم العيش مع الإرهاب"، وتلك مشكلة تضاف إلى عديد من المشكلات التي تعانيها الشعوب في بلدان كثيرة، وما أبشع الكوارث التي يسببها القتل المجاني وغير المجاني المغلف بالشعارات الكبيرة.