Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سفير الصين لدى الكويت: عودة العلاقات السعودية - الإيرانية نصر للسلام

تشانغ جيانوي: ندعم دول الشرق الأوسط لتحقيق الأمن والتنمية بصفتنا شركاء

السفير الصيني في الكويت تشانغ جيانوي (اندبندنت عربية)

اتفقت السعودية وإيران في بكين على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في خطوة من شأنها تهدئة التوترات السياسية في الشرق الأوسط والسعي نحو تعزيز السلام والأمن الخليجي والعربي، فيما يأتي اتجاه دول مجلس التعاون الخليجي نحو الصين لتعزيز البنى الاقتصادية لدول المنطقة داعمة لرؤية السعودية والكويت وباقي الدول الخليجية مروراً بطريق الحرير.

 ويجري ما سبق بينما تقدم بكين وجهاً مختلفاً على جهة مغايرة يتمثل في تقديم المبادرات لوقف الحرب الروسية -الأوكرانية، فيما تتنافس في مساعيها هي وغيرها من العواصم الكبرى وبينها واشنطن وباريس ولندن على الإسهام في حل أزمات المنطقة، فما الهدف من الرعاية الصينية للاتفاق السعودي -الإيراني، وما المرجو من الدور الصيني في المنطقة؟

"اندبندنت عربية" التقت السفير الصيني في الكويت تشانغ جيانوي واستطلعت منه أهم مرتكزات بلاده ورؤيتها نحو مجريات الأمر الواقع وآفاق المستقبل.

السلام والتنمية طريق لأمن العالم

جاء استهلالنا للقاء في شأن رغبتنا للتحقق عما يدور من تكهنات بصدد هدف الوساطة الصينية من رعاية اتفاق الرياض وطهران، وعنه يقول السفير الصيني في الكويت تشانغ جيانوي إن "تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج أمر بالغ الأهمية للأمن العالمي، وتعمل الصين على تعزيز محادثات السلام وتدعم كل الجهود التي تصب في مصلحة السلام والاستقرار والتنمية لدول المنطقة"، ملمحاً إلى أن "بكين لا تسعى إلى مصلحة براغماتية من طرف واحد في المنطقة وليست لديها نية ولن تسعى إلى ملء ما يسمى بالفراغ أو إقامة كتل حصرية في أية منطقة، بل إن بكين تحترم مكانة دول الشرق الأوسط كسادة للمنطقة وتعارض المنافسة الجيوسياسية في الشرق الأوسط".

وعدّ جيانوي إنجاز المهمة "نصراً للسلام ومثالاً جيداً لكيفية حل دول المنطقة النزاعات والخلافات وتحقيق علاقات حسن الجوار والصداقة من خلال الحوار والتشاور"، مشيراً إلى دعم بلاده طرفي الاتفاق في "تحقيق قفزات ثابتة كما هو متفق عليه".

هل ثمة تنسيق دولي في الاتفاق؟

وعما إذا سبق الاتفاق بين الرياض وطهران تفاهم مسبق بين الصين والولايات المتحدة وبريطانيا، أوضح أن "الاتفاق السعودي - الإيراني جاء إثر محادثات توسطت فيها الصين استجابة لمبادرة الرئيس شي جينبينغ بدعم الصين لتطوير علاقات حسن الجوار بين السعودية وإيران، وقد أجرى البلدان محادثات في بكين وحققا إنجازات مهمة، وهذا ما حدث".

وأضاف، "تعتقد الصين أن مصير الشرق الأوسط ينبغي أن يكون في أيدي دول المنطقة، والحوار بين السعودية وإيران في بكين أصبح ممارسة ناجحة تدل على أن دول المنطقة لديها القدرة والحكمة لحل مشكلاتها".

وأشار إلى أن أحد الأسباب المهمة التي تؤدي إلى نجاح المحادثات يرجع لتخلص العملية من التدخل الخارجي الكبير.

الحقائق تتكلم

وعما إذا كان في حسبان الصين ترقب ردود أفعال دولية، قال جيانوي إن "الحقائق تتكلم وذلك بفضل تظافر الجهود من جميع الأطراف المعنية، إذ أسفرت المحادثات بين السعودية وإيران في بكين عن نتائج حظيت باهتمام واسع النطاق وترحيب من دول المنطقة والمجتمع الدولي بالدور الصيني الإيجابي، باعتبارها نصراً للسلام والحوار وبما يسهم فيه من تعزيز أمن واستقرار الشرق الأوسط".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع، "وزارة الخارجية الكويتية أعربت في بيان لها عن ترحيبها بالبيان الثلاثي المشترك وأثنت الأمم المتحدة على الدور الذي لعبته بكين خلال الاتفاق، وانضم الاتحاد الأوروبي إلى دول المنطقة وبينها مصر والجزائر وتركيا والعراق والأردن وعمان ولبنان والبحرين والإمارات للترحيب بالاتفاق".

ويجمل القول بأن "ثمة خطوات جارية توسع دائرة التفاهم الإيراني - السعودي، إذ شهدت الأيام الأخيرة تبادل الزيارات بين دول المنطقة لتحسين العلاقات وتخفيف حدة الخلافات، وكل هذا برهان على أن السعي إلى تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط رغبة مشتركة لدول المنطقة والمجتمع الدولي"، مؤكداً أن الصين ستواصل لعب دور إيجابي في هذا الصدد.

حجم الاستثمار بين الصين ودول الخليج

وبسؤاله عن حجم المشاريع الاستثمارية الخليجية في الصين يوضح السفير الصيني لدى الكويت أنها "شهدت ازدياداً خلال السنوات الأخيرة"، وأرجع طفرة العلاقات الصينية - الخليجية إلى أسباب عدة "ومنها وجود درجة عالية من التكامل بين الجانبين، إذ إن الصين تتمتع بسوق استهلاكية واسعة ومنظومة صناعية متكاملة، بينما يتميز الجانب الخليجي بموارد الطاقة الغنية والتطور المزدهر لتنويع الاقتصاد، إذ يعد الجانبان شريكين طبيعيين للتعاون".

ويضيف، "العلاقات القائمة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تشهد استقراراً منذ زمن طويل، ويتميز التعاون بين الجانبين في شتى المجالات بنطاق واسع وأبعاد عميقة ونتائج مثمرة، وكثيراً ما كانت الصين أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري بينهما بنسبة 44 في المئة خلال العام الماضي على رغم الاتجاه الهبوطي العالمي، وتبقى الصين أكبر شريك تجاري لمجلس التعاون الخليجي وأكبر مستورد لمنتجاته البتروكيماوية، كما تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين 230 مليار دولار أميركي، وتجاوزت واردات النفط الخام من دول المجلس عتبة الـ 200 مليون طن خلال 2021".

طريق الحرير إلى أين؟

وعن مدى الاتفاقات المنعقدة بين بكين والكويت وإذا ما كانت أي من مراحل طريق الحرير طبقت بعد، ألمح السفير الصيني إلى أن "حكومتي البلدين وقعتا عدداً من الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تتعلق بتطوير وترسيخ العلاقات الثنائية سياسياً واقتصادياً وتجارياً وثقافياً، عاكسة أهمية المضي قدماً في بذل كل الجهود والمساعي إلى الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية إلى مستوى متقدم يُحتذى بين الدول".

وأشار إلى أن "الكويت أول دولة عربية توقع وثيقة التعاون مع الصين في مبادرة الحزام والطريق، وبكين من جانبها تدعم ’رؤية الكويت 2035‘ ونحرص على تعزيز المواءمة بين الإستراتيجيات التنموية للبلدين والمشاركة النشطة في بناء المشاريع المهمة في الكويت، واستكشاف إمكانات التعاون في مجالات الطاقة الجديدة والاقتصاد الرقمي، وتدعيم التواصل والتعاون في مجال الثقافة، باختصار نحن نسعى إلى أن نكون شريكاً موثوقاً فيه".

وبسؤاله عن المدى الذي بلغته العلاقة بين الصين ودول الخليج، يقول "نحن بالفعل شركاء"، وأشار إلى اقتراح الرئيس شي جينبينغ خلال قمة الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية خمسة مجالات رئيسة للتعاون خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، والمتمثلة في مجالات الطاقة والتمويل والاستثمار والابتكار والتكنولوجيا الجديدة، فضلاً عن الفضاء الجوي واللغة والثقافات".

الحرب الروسية والملف الشائك

وبالتطرق إلى السؤال المصيري عن دعم بكين لموسكو في الحرب الأوكرانية، قال "مرّ أكثر من عام منذ تصاعد الأزمة الأوكرانية بشكل شامل وهو ما بات محل اهتمام دولي، وخلاله ظلت الصين تتمسك بالموقف الثابت المتمثل في تعزيز محادثات السلام وتوفير مسار عملي لتسوية سياسية للأزمة الأوكرانية، ومن أجل دفع التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية الجارية قدماً أصدر الجانب الصيني أخيراً وثيقة ’الموقف الصيني من حل الأزمة الأوكرانية سياسياً‘ وقدمنا خلالها 12 نقطة لإنهاء الصراع في أوكرانيا من خلال معالجة أعراض الأزمة وأسبابها الجذرية، وجميعها أكد ضرورة إنهاء الصراع من طريق الحوار والتفاوض".

ضرورة احترام المواثيق الدولية

ويتابع جيانوي، "تدعو الصين إلى احترام سيادة الدول كافة ونبذ عقلية الحرب الباردة ووقف القتال ومنع الصراع، فلا أحد يخرج رابحاً من الصراع والحرب، ويجب على الأطراف كافة الالتزام الصارم بالقانون الدولي المعترف به عالمياً بما فيه مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، كما يجب ضمان سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها بخطوات عملية".

كما شدد السفير الصيني لدى الكويت على "ضرورة الاهتمام بالمصالح والهموم الأمنية المعقولة للدول كافة مع معالجتها بشكل ملائم، كما يجب عدم صب الزيت على النار أو تأجيج النزاع تفادياً لتفاقم الأزمة الأوكرانية وخروجها عن السيطرة، ومن الأهمية دعم تقريب المسافة بين الجانبين الروسي والأوكراني واستئناف الحوار المباشر بينهما في أقرب وقت ممكن للدفع نحو الانفراج وتخفيف حدة توتر الأوضاع بشكل تدريجي للوصول إلى الهدنة الشاملة في نهاية المطاف، والحث على التفاوض كاتجاه صحيح ومساعدة أطراف الصراع في فتح باب الحل السياسي للأزمة في أسرع وقت ممكن، وتهيئة ظروف مواتية وتقديم منصات لاستئناف المفاوضات".

وعن خطورة تدخل بكين على خط الحرب وأثرها في العلاقات الصينية - الأميركية في هذا الملف الشائك قال، "تقف الصين على أهبة الاستعداد للعمل مع المجتمع الدولي لتنفيذ مبادرات التنمية والأمن والحضارة العالمية، وتدعو إلى بذل جهود دولية لخلق الظروف واستئناف محادثات السلام من أجل حل الأزمة الأوكرانية، وعلى المجتمع الدولي أن يبقى ملتزماً بالنهج الصحيح المتمثل في تعزيز محادثات السلام، وأن يساعد أطراف النزاع في فتح الباب أمام تسوية سياسية في أسرع وقت ممكن، والصين ستواصل لعب دور بنّاء في هذا الصدد".

 ويختم بالقول، "تعتقد الصين أنه على عاتق كل على دولة كبرى تقع مسؤولية التمسك بالعدالة وتعزيز السلام ودفع المحادثات في القضايا الإقليمية ولعب دور بناء في التنمية السلمية للمنطقة"، ملمحاً إلى أنه "من جانبنا فنحن ندعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وندفع بإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وعلى أساس حل الدولتين، كما ندعو إلى التضامن والتعاون بين دول الشرق الأوسط لحل قضايا الأمن الإقليمي، ونعارض سياسة التكتلات وإثارة النزاعات والفوضى في المنطقة من أجل كسب المصالح من الحرب".

وأشار تشانغ جيانوي إلى أنه "التزاماً منّا بحقوق الحفاظ على الأمن والتنمية للشرق الأوسط في أيدي شعوبه، ندعم دوله في السعي إلى تحقيق السلام من خلال التضامن وبذل جهود لتحقيق الاستقرار من خلال الاعتماد على النفس والسعي إلى التنمية من خلال التعاون، وإذا كانت أية دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، تؤمن بذلك وتعمل به، فنحن نرحب بها ونحرص على العمل معاً".

المزيد من حوارات